| رمضانيات
* القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح:
في عام 248ه عين الخليفة المستعين محمد بن طاهر على العراق وجعل إليه الحرمين والشرطة ومعاون السواد.
هذه المناصب جميعاً جعلت من ابن طاهر اليد الطولى في البلاد والحاكم الفعلي للخلافة العباسية الضعيفة انذاك.
مع نجاح ابن طاهر في اخماد العديد من الثورات ازداد نفوذه السياسي سطوة، وعندما تم خلع المستعين والمجيد بالمعتز بدلاً منه رفض بن طاهر هذا القرار ليبدأ صراعاً رهيباً مع انصار المعتز تبادل الخصمان خلالهما مكاتبات عديدة بحثاً عن حل للازمة، بينما ظلت بغداد عاصمة الخلافة تحت سيطرة ابن طاهر.
وعندما أدرك ابن طاهر المستعين الخليفة المخلوع لم ينفذ ما اتفق عليه من شروط نظير عودته للخلافة سارع بمبايعة المعتز على ان يوقع على هذه الشروط بخط يده 252ه وحدد اقامة المستعين في البصرة.
بهذا ضمن ابن طاهر استمرار نفوذه في عهد الخليفة الجديد، إلا ان الفتن الداخلية سرعان ما نشبت وهددت نفوذه ففي بداية شهر رمضان اجتمع الشاكرية واصحاب الفروض إلى دار ابن طاهر يطلبون ارزاقهم فقال لهم: اني كتبت إلى أمير المؤمنين في اطلاق ارزاقكم، وكان قد كتب في الجواب: ان كنت تريد الجند لنفسك فاعطهم ارزاقهم وان كنت تريدهم لنا فلا حاجة لنا فيه.
لم يرق بجنود الشاكرية اسلوب ابن طاهر بالتعامل معه فشاغبوا عليه حتى اضطر لاخراج الفي دينار لهم فتفرقوا إلى حين، ثم اجتمعوا بعد عدة أيام في رمضان أيضاً ومعهم الطبول والأعلام وضربوا الخيام إلى أبواب بغداد، فلما أصبحوا ازداد جمعهم بمزيد من الجند، وعلى الفور استعان ابن طاهر بالعديد من جنوده لحمايته في داره.
فلما كان يوم الجمعة اراد المتظاهرون ان يمنعوا الخطيب من الدعاء للخليفة المعتز علم الخطيب بذلك فاعتذر بمرض لحقه ولم يخطب الجمعة، ثم تحرك المتظاهرون ناحية الجسر ووراءهم قوات ابن طاهر تلاحقهم، وبعد قتال عنيف تراجع المتظاهرون إلى الضفة الأخرى ثم حاولوا العبور من جديد.
كان ابن طاهر قد اعد احدى السفن بالثوي والقصب ثم القى فيها النار ليقطع عليهم طريق العودة، لكن الكثير منهم نجح في العبور ثم قتل عشرة من رجال ابن طاهر كما انضم إليهم العامة في نهب مجلس الشرط الشرطة ونهب المتاع من الأسواق.
فلما رأى ابن طاهر ان الثوار قد ظهروا على أصحابه أمر بحرق الحوانيت التي على باب الجسر فاحترق متاع كبير للتجار وحالت النيران بين الفريقين لتضيء نيران الفتنة سماء بغداد، انذاك أخذ ابن طاهر يستعد لتعبئة جنوده لحرب حقيقية خوفاً من رجعة الثوار, ووصل اثنان منهما إلى ابن طاهر فأخبره بمخابئ زميلهم، فاستغل تلك الخيانة وأرسل احد قواده للفتك برؤساء الثورة, كان زعيم الثورة أبو القاسم وابن الخليل قد تحسب لهذا وسار كل منهما إلى ناحية مختلفة، لكن قوات بن طاهر لحقت بابن الخليل وقتلته واستمرت في بحثها عن ابي القاسم المختبئ حتى دل عليه وحمله إلى ابن طاهر وحده دون اتباع، فقيد وضرب ضرباً مبرحاً إلى أن مات في الحادي والعشرين من شهر رمضان 252ه.
|
|
|
|
|