| الاخيــرة
الإنسان المسلم، كغيره، ضمن الأسرة البشرية، يتعرض منذ حين لفتنة الحكم عليه حكماً عشوائياً جماعياً لا استثناء فيه، يسيره إما الجهل بالإسلام أو الكره المبيت للمسلمين أو كلاهما معاً! ويبنى هذا الحكم على أفعال بعض المسلمين,, حتى اقترنت هوية المسلم في بعض الأذهان، شرقية، وغربية، بنعوت غير حميدة,, مثل الإرهاب، وسفك الدماء، والرغبة في التقوقع حضارياً داخل أسوار التاريخ، ورفض وقائع الحاضر وأحلام المستقبل زهداً فيها أو تسفيهاً!
**
وحديثاً، باتت قضية (الإرهاب الإسلامي) الشغل الشاغل لكثير من السياسيين والمراقبين والمحللين، ناهيك بالأفراد العاديين، في معظم أقطار القارة الأوروبية والأمريكتين، بل وظهر في بعض أوساطها الأكاديمية من يحذر وينذر ضد خطر الصدام الحضاري مع المسلمين، في أرجاء الأرض، وعلى رأس أولئك البروفسور هنينجتون، أستاذ السياسة في جامعة هارفارد الأمريكية، عبر أطروحته الشهيرة، التي صور فيها الإسلام واتباعه بالعدو الجديد للحضارة الغربية ومنجزاتها، بعد سقوط النظرية الماركسية، ورموزها الكبيرة والصغيرة سواء!
**
وتعليقاً على ما سبق أقول ان المطلوب من المسلمين الآن وكل آن,, أن يذودوا عن حياض كرامتهم وسمعتهم بالإنجاز الشاق والمبدع وليس ب (البكائيات) الإعلامية وصيحات الويل والثبور وعظائم الأمور، فالعمل الصالح لخير الدين والدنيا، والارتقاء بأحوال المسلمين حضارياً ومادياً وثقافياً، هو أبلغ رسالة، وأقوى وسيلة لإخراس الألسن، وإيقاظ العقول، وتنقية القلوب من عفن الباطل!
**
غريب أمرنا نحن البشر!
في اليابان يهوى الشباب العمل حتى الإدمان,, وقد يقدم أحدهم نفسه (قرباناً) لفشله,, إذ أخفق، ويبلغ أمر هذا الادمان حدا يحرض الحكومة اليابانية على التفكير في التعامل معه,, بالعلاج عبر مراكز نفسية متخصصة.
**
وفي غير اليابان,, تبذل الجهود,, وتنفق الأموال، وتعيا الألسن والأقلام حثا للشباب على العمل، فلا يقبل بعضهم عليه إلا وهم كارهون، بعد أن (أدمنوا) الراحة,, معللين ذلك,, تارة بندرة فرص العمل,, وأخرى، بمزاجية الانتقاء له، مكاناً وزماناً، وكيفاً!
وهناك الجدل القديم الجديد الذي يرافق حلول شهر رمضان المبارك كل عام من خلال الدعوة إلى تحويل هذا الموسم الروحي العظيم إلى (هودج راحة) لشباب المدارس والجامعات، تارة بحجة التفرغ للعبادة، والله وحده يعلم واقع حال الكثيرين في هذا الصوب! وأخرى بحجة الصعوبات التي يرتبها تجنب الأكل والشرب ساعات النهار، فيعطل (المزاج),,والقدرة على الاستيعاب! وغاب عن أولئك وهؤلاء أن الشهر الكريم مناسبة ربانية لجهاد النفس,, وترويض الهوى، تقرباً إلى الله بالعبادة، وتزكية للبدن بالعمل المفيد!.
**
واختتم هذه المداخلة الموجزة بما يلي:
* لا نريد شباباً يدمن العمل إلى حد يجعله ينكر الراحة أوينساها، فيظلم نفسه، ويرغمها بالكلل على الملل والبوار!.
ولا نريده يدمن الراحة، فيحرم نفسه مما منحه الخالق، وما اكتسبه هو عبر السنين، ثم تحوله البطالة الارادية إلى ما يشبه بهيمة الأنعام,, لا بل قد يكون أضل منها سبيلاً!
* نريده أن يعمل,, ويشقى بعمله جداً وجودة وأداء!
* نريده أن ينتج,, ويفرح بما أنتج عطاءً ومردوداً، ثم لينل بعد ذلك من الراحة ما تمليه فطرة النفس,, وحاجة البدن!
**
* لسنا في حاجة إلى الاقتداء بالإنسان الياباني أو غير الياباني، فنستورد منه أخلاقيات العمل وعاداته وضوابطه! وديننا الحنيف حافل بالقيم والضوابط والمثل الكريمة التي تحض على العمل، وتحبب فيه، وتدعو إليه، والراسخون في العلم يدركون ان هذا القول حق لا باطل فيه!
**
أخيراًً,, لنتذكر معا التوجيه الرباني العظيم في الحث على العمل,, والرفع من شأنه، حيث يقول جل من قائل :وقل اعملوا، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون صدق الله العظيم.
|
|
|
|
|