| مقـالات
يمرني كل عامِ يوم ميلادي يومِ أعرفه ويوم أنسى مواعيده يمرني وانتبه للغايب البادي وأهوجس بحال غيري من مواليده أرتاع وارتاح له يفرق وهو عادي ينقص من العمر عام في ضحى عيده |
هكذا يفلسف أمير الشعر خالد الفيصل لحظة في عمر الإنسان,, عندها يتعانق عقربا الساعة عند نقطة تعلن عن نهاية,, ثم يفترقان في حركة جديدة منتظمة تعلن عن بداية,, عام جديد في عمري وعمرك وعمر كل واحد من البشر يمضي,, وعام جديد يولد,, في لحظة قد يسرح فيها الخاطر مرة إلى الماضي للتمحيص والمراجعة,, ومرة إلى المستقبل بالحلم والأمل, وهي لحظة ثرية بالمشاعر الانسانية التي تتشكل في الفواصل بين سني العمر.
وبينما ينظر شاعرنا إلى يوم الميلاد بأنه يعلن عن نقص عام من العمر وأنه لا يحتفى به وإنما تشغله الأفكار والتفكير في عموميات الحياة وخصوصيات الزمن نجد فريقا من المغرمين بالنموذج الغربي يذهبون في تقليد أنماط حياته كل مذهب حتى لو اقترفوا ما يخالف العقيدة ومقتضى الأصالة والتراث,, والغريب أن الحالات الفردية تتنامى دوائرها حتى تشكل ظاهرة تجتاح المجتمع المحافظ من خلال النقل الحرفي والتقليد الأعمى .
من ذلك ما أحدثه البعض تحت عنوان أعياد الميلاد التي تقام لها الحفلات الصاخبة والمكلفة، وتوجه الدعوات إلى الأقارب والأصحاب الذين قد يلبون الدعوة اليوم حرجا لكن يترتب عليهم أن يردوها غدا وبهذا تتوسع دائرة هذه البدعة الدخيلة,, بل تصبح في رأي المنساقين واحدة من علامات التحضر والرقي الاجتماعي!!.
وإذا تصورنا أن متوسط عدد الأسرة في محيط من يحتفل بهذه المناسبة عشرة أشخاص فإن على هذه الأسرة أن تنظم عشر حفلات أعياد ميلاد سنويا.
ونحن لانستطيع أن نتجاهل ثقل النفقات على ميزانية الأسرة في وقت تحتاج فيه إلى وقفة جدية للترشيد, ولا مدى إرباك هذه الحفلات للسلام الاجتماعي العائلي المفترض أن يتوفر لأفراد الأسرة على اختلاف مشاريعهم وهمومهم,, سواء أكان رب الأسرة الكاد المكدود أم الأم الراعية لشؤون بيتها وأفراد أسرتها أم الأبناء الذين هم غالبا في مرحلة الدرس والتحصيل,, ولا مدى الوقت المستقطع من مباراة الحياة الايجابية لكل هؤلاء الأفراد الظالمين المظلومين.
وقبل هذا وبعده فإننا يجب أن نقف في وجه هذه البدعة بمقدار حرصنا على ألا تتفلت البدع من بين ظهرانينا خلسة واحدة بعد الأخرى حتى نصبح والعياذ بالله مجتمعا جاهليا من جديد.
شاكر سليمان شكوري
|
|
|
|
|