| وَرّاق الجزيرة
قال الشيخ الأديب الراحل علي الطنطاوي رحمه الله تعالى: كنت إذا أردت الحديث عن رجل قرأت كل ما تصل إليه يدي مما كتب عنه، وقيدت في ورقة ما أختار من أخباره، وربما بلغ ما أقرؤه عنه عشرات أو مئات من الصفحات، ثم اعمد الى خبر منها، فأجعله مدخلا إليها,.
قلت: هذه المنهجية التي كان يسير عليها الشيخ الطنطاوي هي التي يجب أن يحرص على ان يسير عليها كل كاتب أو متحدث، وبها حاز الطنطاوي على درجة كبيرة من محبة المشاهدين وتقديرهم في كل مكان من خلال كتبه أو برامجه الإعلامية، ومما يؤسف له ويحزن انك تجد بعضهم يتحدث في موضوع مهم او يكتب فيه ثم تجد أنه يرجع إلى عدد من المصادر والمراجع لا تتجاوز اليد الواحدة، بل وهي المعروفة لدى القارئ العادي والمتخصص على حد سواء!!.
ولا شك ان هذا الأمر غير مقبول نهائيا فمن أراد ان يتصدى للرأي العام كاتبا او متحدثا فعليه ان يقدم للمتلقي ما يكون مهما لهم، وفي الوقت نفسه لابد ان يكون في طرحه مزيد فائدة أما ان يكون الأمر مستقراً على توضيح الواضح وتكرار المعروف، فلا شك ان هذا يفضي الى نتائج معروفة لدى الجميع.
ولعل خير ما يقال لكل من اراد ان يتصدى منبرا إعلامياً وتعليميا هو ما كان يردده بعض القدامى في حق من أراد أن يكتب أو يصنف فقد رويت عنهم أقوال جميلة في هذا الباب ومنها:
قال هلال بن العلاء: يستدل على عقل الرجل بعد موته بكتب صنفها، وشعر قاله، وكتاب انشأه, وقال عمرو بن العلاء: الإنسان في فسحة من عقله وفي سلامة من أفواه الناس، مالم يضع كتابا أو يقل شعرا.
وقال العتابي: من صنع كتابا فقد استشرف للمدح وللذم، فإن أحسن استهدف للحسد والغيبة وان أساء فقد تعرض للشتم واستقذف بكل لسان.
فهذه الأقوال تأتي شاهدة على ان كل من اراد أن يدلي بما لديه للمجتمع عليه ان يكون حذرا أمينا باحثا عن الجديد والمفيد، لا أن يكون باحثا عن الحضور لمجرد الحضور، وهذا الأمر لا يكون إلا بالقراءة الجادة والمثمرة والبحث والسؤال والتواضع العلمي، فهنا يصل الكاتب والمتحدث والمحاضر الى الدرجة المطلوبة من خدمة المجتمع وتوعيته واقناعه بما لديه من آراء وقناعات، وهذا هو الحد الأدنى من احترام القارئ والمستمع.
|
|
|
|
|