بعد انتهائي من عملي في أحد الايام وفي أثناء طريقي الى منزلي اشتريت مجموعة من الصحائف,, وبالعادة اقتصر على شراء صحيفة او صحيفتين بالكثير ولكن كما تعلمون مايحدث في فلسطين الحبيبة في هذه الاسابيع,, جلبت معي عدداً من الصحائف,, لكن ما ان دخلت منزلي حتى رأيت زوجتي واقفة وكأنها تنتظر أحداً ما بشوق حار,, القيت السلام ردت بعجل عليّ,,, لكني لم يخطر ببالي أبداً أنها تنتظرني لانه كالعادة عند مجيئي تكون مشغولة ببعض الاعمال المنزلية,, لكن هذه المرة رأيتها تقبل نحوي بخطوات سريعة,, قلت في نفسي: يا إلهي ما الذي جرى لها؟!,, وما ان اقتربت مني حتى خطفت اول صحيفة وجلست تغوص بين صفحاتها,, حمدت الله في نفسي على انها (جت كذا),, لكن بادرتها متسائلاً: هند,, هل حصل شيء مكروه لاسمح الله؟! نظرت إلي نظرات اطمئنان وعلى ثغرها ابتسامة صغيرة وكأنها عرفت ان سلوكها معي اثار استغرابي قائلة :الاخبار (شينة) ياسلمان,, قلت: أي أخبار؟!,, أجابتني وهي تجول ببصرها بين الصفحات: أخبار فلسطين مع العدو الحاقد,, اكتفيت بقول: الله معهم وسينصرهم آجلاً أم عاجلاً,.
مرت لحظات وكل منا يقرأ صحيفة,, انهيت قراءة الصحائف بعجل,, غير صحيفة واحدة كانت تقرأها زوجتي وهي مرفوعة بحيث لا ارى وجه زوجتي من خلالها,, مرّ وقت من الزمن ومازالت زوجتي ممسكة بالصحيفة لاتضعها ولاتفتح صفحات منها,, حدّثت نفسي قلت: ربما مقال شدّها فهي تقرأه او ربما قصيدة لفتت انتباهها غاصت فيها,, لا لا كل هذا الوقت على مقال او قصيدة,, ( لكن لا اخفيكم سراً كان يطرق مسامعي أحياناً صوت بكاء مكتوم ولكنه متقطع,,),, وما قطع حبال هاجسي إلا نهوض زوجتي المفاجئ وهي معرضة بوجهها عني,, قلت الآن سوف أعرف سرها مع هذه الصفحة,, أخذتها ونظرت الى الصفحة,, يا إلهي ماهذا؟!,, لقد كانت مبتلة مبتلة ببقع رطبة,, عرفت انها دموع زوجتي,, أتدرون لماذا دمعت عيني زوجتي,, لقد كانت الصفحة مملوءة بصور أطفال فلسطين وشباب في عمر الزهور قتلهم احفاد قردة,, فهذه صورة طفل بريء يحمله الرجال وحقيبة مدرسته تتدلى من على ظهره الصغير وقد انفجر رأسه من الدماء بسبب رصاصة يهودية اطلقها عدو جبان,, وهذا صبي صغير مسجى وهو مغمض العينين وأمه الولهانة تضمه وتقبله بحرارة ودموعها تنساب على فلذة كبدها الذي قتله قلب اقسى من الحجر بل ليس له قلب البتة,, وذاك شاب في مقتبل العمر ترى في قسمات وجهه قوة الشباب والحيوية,, يشيعه أهله وأصحابه الى قبره,, بعدما أنزل عليه جنود الاحتلال بوابل من رصاصهم اللعين,, وصور اخرى يتفطر القلب من رؤيتها حتى والله وأنا رجل نزلت من عيني دمعتان حارتان على هذه المشاهد المبكية حقاً,.
لكن ياتُرى أين جمعية حقوق الانسان تلك التي يدّعون ,, بالله أجيبوني أين هي من تلك المآسي التي يعيشها اخواننا في دولة فلسطين المحتلة,, أليس من حق الإنسان ان يكون آمناً مستقراً في وطنه؟!,, أليس من حقه أن يعيش عيشاً هادئاً بين أهله وأحبابه لايحكمه عدو حاقد يهينه ويعذبه ويقتله ويقتل أهله ومعارفه؟!,, لكن ربما يكون الاسم الباطن والحقيقي لها جمعية عقوق للانسان المسلم فقط,, فنحن لاننسى تجاهلها حال المسلمين في البوسنة وكوسوفا والشيشان,, اما انتم يا اخواني الفلسطينيين الله معكم وسينصركم بإذنه فالنصر قريب والامل سيشرق بعد غد,, وانتم بحق ابطال ابطال,, ولاننسى ان المسلمين وإن كانوا مجردين من كافة الاسلحة يملكون سلاحاً فريداً في هذا العالم انه الدعاء في آخر الليل,, وهذه دعوة لكل مسلم ومسلمة لايستطيع نصر ومساعدة اخيه المسلم في كل مكان أن يقوم آخر الليل ويدعو الله فإن الله سبحانه قريب سميع مجيب,.
سلمان عائض علي القصيم الرس
|