| الاقتصادية
في ظل الحديث عن تطور حجم التجارة العالمية والمتوقع أن يقفز الى أكثر من 275 مليار دولار بعد أربع سنوات من الآن، أي بالتحديد عام 2005م حيث تكتمل عضوية بقية الدول الجديدة المنظمة الى اتفاقية مراكش نتساءل: أين تقف الدول العربية في واقع المنافسة الشديدة؟ خاصة وأن الدول النامية سوف تحظى بنصيب الأسد في معدلات نمو التجارة العالمية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه ربما يصل نمو تجارتها العالمية نحو 14% وهذا الرقم يعد قفزة مذهلة في حين أن معدل النمو في الدول الصناعية لا يتجاوز 8%،وهنا يستوقفنا تساؤل حيوي حول مدى إمكانية الدول العربية في تحقيق تقدم في زيادة مكاسبها في ظل عضويتها في منظمة التجارة العالمية والتزامها بتطبيق الاتفاقات.
حقيقة الأمر أن هناك بعض السلع العربية سوف تشهد حركة أكثر انسيابية للأسواق العالمية إذا تمكنت من تجاوز بعض الشروط القاسية والمرتبطة بأنظمة حماية البيئة والمتعلقة بشكل أساسي في المشتقات النفطية والمنتجات البتروكيماوية أسمدة فوسفاتية ومبيدات حشرية وهذا ما ستواجهه الأردن والمغرب أما الدول العربية الخليجية دول مجلس التعاون الخليجي فإن منتجاتها البتروكيماوية متوقع أن تشهد نموا ملمومسا، فالطاقة التصميمية في الخليج تصل الى 4,5% من اجمالي الطاقة العالمية، وسوف تزداد هذه النسبة بعد أن تطبق امامها نسبة التخفيض الجمركي والبالغة نحو 44% وهي التعرفة الجديدة امام المنتجات السلعية للدول النامية وفي ظل هذا التفاؤل هناك اشكالية ربما ستكون لها سلبيات في المستقبل أي بعد انتهاء مهلة تمديد فترة الدعم المالي والعيني للصناعات الوطنية ومواجهة الصناعات العربية لقواها وقدراتها الذاتية، حيث ستلعب المنافسة دورا كبيرا كونها من أبرز سمات العصر الجديد عصر العولمة، فالمنافسة سوف تنحصر بين اغراءات رخص أسعار السلع والجودة وهنا أتوقع أن يكون للمنتجات البتروكيماوية وصناعة الألمنيوم في دول مجلس التعاون الخليجي فرصة كبيرة للنمو والتغلب على المشكلات التي لا تزال عالقة بين الدول الخليجية والسوق الأوروبية، وهي تمتاز بجودتها ورخص أسعارها نسبيا بسبب حصولها على مواد خام رخيصة وقريبة وملاءمتها للتطورات الحديثة واستخدامها لأرقى التقنيات والمواصفات العالمية.
ومن جانب خاص فإن صناعة الألومنيوم ستفتح أمامها مجالات واسعة وستمكن العضوية في المنظمة تطوير وتطبيق قرارات الاجتماع السادس للمجلس المشترك لمجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج في ابريل من عام 1996 وتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة التي يسعى الطرفان لتكون أساسا للعمل المستقبلي والتي ستكون لصالحهم ومتطابقة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية كما جاء التأكيد عليها في الاجتماعات الوزارية التي عقدت منذ الاجتماع الأول الذي عقد في مسقط بسلطنة عمان في 17 مارس 1990م وحتى بداية العام 2000م.
وسيكون من المناسب ان تختفي مشكلات الضرائب والحماية المبالغ فيها التي تضعها دول السوق الأوروبية أمام المجموعة الخليجية والاستفادة من تخفيضات التعريفات الجمركية التي تضعها الدول الأوروبية لوارداتها والتي تصل نسبتها من 20 إلى 40% على الواردات غير الزراعية.
وهنا في تقديري يجب على الدول العربية الاستفادة القصوى من جميع اتفاقات منظمة التجارة العالمية بعد أن اصبحت التجارة العالمية أكثر تعقيدا وأهمية مما كانت عليه قبل نصف قرن وبعد أن قطعت الاستثمارات العالمية شوطا في النمو وبمعدلات عالية وظهرت تجارة الخدمات التي اصبحت تشكل جزءا رئيسيا للدخل القومي للعديد من الدول، وسوف تشملها اتفاقية منظمة التجارة العالمية بعدما كانت خارج اطار اتفاقية الجات هي والمنتجات الزراعية والملابس والمنسوجات حيث ادخلت حديثا في قواعد النظام التجاري العالمي، مما يمكننا من الاستفادة من النظام التجاري العالمي الجديد الذي يقوي ويضمن وصول منتجاتنا العربية الى الأسواق العالمية.
ومن جان آخر فإن دورا ينتظر أن تقوم به الدول العربية الزراعية وسوف يستفاد منه كثيرا بعد تحرير تجارة المنتوجات الزراعية بشرط أن يكون لدينا المقدرة على خوض المنافسة والتي لن تتم إلا عبر استخدام التقنيات الحديثة وتجاوز الوسائل الزراعية المتخلفة واستبدالها بأحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا الصناعية في الآلات والأجهزة والمعدات الزراعية.
إن تطور الزراعة العربية سوف يساهم في تقليل حجم الانفاق على الواردات الزراعية التي بلغت في ثلاث سنوات من عام 90 لغاية عام 1993م حوالي 15 مليار دولار، وبلغ صافي الاستيراد الغذائي لكل من العراق واليمن والأردن ولبنان ما بين مليار إلى نصف مليار دولار سنويا.
رغم أن هناك خسارة صافية قد تترتب على الغاء الدعم للمنتجات الزراعية تقدر بحوالي 800 مليون دولار وربما تتم معالجتها مع الصناديق المالية الدولية عبر قروض أو منح لتقليل الخسائر، خاصة في السنوات الأولى لتطبيق البنود الخاصة بالزراعة.
إن الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ليس المقصود منه الحضور الدولي في المحافل والمنظمات الدولية كأحد أشكال حضور الدولة، وإنما هو ضمان وحماية ونمو للاستثمارات والتجارة الخارجية، وتسهيل الوصول للأسواق العالمية والاستفادة من كل التطورات على المستوى التقني والفني حتى تتمكن الدول العربية من زيادة تجارتها الخارجية وتطوير مداخليها القومية وتنويع دخلها الذي يعتمد على سلع محدودة لغاية هذا التاريخ.
والله الموفق.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية EMail:bandar@shabakah.nrt.sa
|
|
|
|
|