| رمضانيات
* القاهرة مكتب الجزيرة د, احمد الصاوي:
في رمضان عام 13 هجرية دارت رحى معركة البويب الحاسمة في تاريخ فتح العرب لبلاد الفرس، اذ كان لانتصار المسلمين فيها اثره في ايقاع الرعب في قلوب اهل فارس حتى سار المسلمون فيما بين الفرات ودجلة لا يمنعهم مانع ولا يقف في وجههم محارب,, وقد جاءت هذه المعركة بعد هزيمة موجعة ألمت بجيش ابي عبيد بن مسعود في واقعة المروحة اذ واجه على الضفة الاخرى من الفرات جيشا فارسيا يقوده بهمن جازاويه فطلب منه القائد الفارسي ان يختار بين العبور الى حيث الفرس او يدعهم يعبرون اليه، ورغم ان القوم اشاروا إلى ابو عبيد بعدم العبور الا انه صمم على رأيه ودارت المعركة فانهزم المسلمون وارادوا العودة الى الشاطىء الآخر فوجدوا الجسر قد قطع ومات منهم في هذه الموقعة 4 آلاف بين غريق وقتيل، ولولا شجاعة المثنى بن حارثة الشيباني وعقده للجسر مرة اخرى لفني الجيش عن آخره.
وارسل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد موقعة المروحة بامدادات لقائده المثنى فالتقاها عند البويب وهو نهر بالعراق موضع الكوفة يأخذ من الفرات، ووجد الجيش الاسلامي ان الفرس بقيادة مهران على الجانب الآخر من النهر وقد خيروهم بين العبور اليهم او تركهم يعبرون الى العرب وكان الجواب ان طلب المثنى من مهران العبور لان واقعة الجسر لم يمح اثرها بعد، وعبر الفرس واقتتلوا مع المسلمين، ولما حمي وطيس المعركة امر المثنى بالافطار وكانت الحرب في هذه الموقعة من اشد ما صادفه المسلمون هولاً لكثرة عددهم ولكنهم اصطبروا صبرا جميلا وكانت الهزيمة للفرس بعد ان كاد يفني قلب جنودهم، ولما شرعوا في الهزيمة سبقهم المثنى الى الجسر فقطعه فارادوا العبور فلم يمكنهم فذهبوا في البلاد مصدعين ومنحدرين بعد ان قتل منهم ما قدر ب 100 الف وقد يؤثر عن المثنى حكمه على نفسه في قطعه الجسر واحراجه العدو ان قال لقد عجزت عجزه وقى الله شرها بما ساقني الى الجسر وقطعه فانني غير عائد فلا تعودوا ولا تقتدوا بي ايها الناس فانها كانت مني زلة فلا ينبغي احراج احد الا من لا يقوى على الامتناع ثم ارسل المثنى في اثر المنهزمين من اتبعهم الى ان ادركوهم وعقدوا لهم جسرا عند النيب وهي قرية من سواد الكوفة.
ولعل في مسلك المثنى ما ينبىء عن حكمة حربية خالطتها نزعة انسانية لا لبس فيها فمن الناحية العسكرية كان المثنى يخشى ان يحارب الفرس بعد ان سد امامهم طريق الفرار محاربة اليائس وهي حرب اشبه بالعمليات الانتحارية.
اما الجانب الانساني الذي توخاه المثنى بعقده الجسر لقوات الفرس حتى ترتد الى قواعدها فهو جلي لا يخفى على احد اذا لم يكن للفتح أي نزوع نحو تقتيل الفرس وابادتهم وانما كان الهدف اخضاعهم لحكم الاسلام وحملهم في اعتناقه او دفع الجزية.
|
|
|
|
|