| الاقتصادية
نمطية ونوعية السلوك الاستهلاكي يؤثران على تواجد السلع وتوفرها كما ان الانفاق الزائد عن الحاجة له دور سلبي في قدرة الامة على الادخار من ناحية وحصول الازمات السلعية من ناحية اخرى حيث يكون للسلوك الاستهلاكي دور في تفاقم ازمات نقص السلع ذات الارتباط بالحاجة العامة للناس.
وحول السلوك الاستهلاكي وعلاقته بإمكانية حصول النقص السلعي روى الإمام احمد في مسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التبقر في 1 في المال والاهل, وروى مسلم وابو داود عن جابر بن عبدالله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له فراش للرجل وفراش لامرأته، والثالث للضيف والرابع للشيطان, كما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غيره مخيلة وسرف 2 .
باستقراء وإمعان النظر في مدلولات هذه الاحاديث يمكن ادراك السياسة الإنفاقية التي يحث عليها الاسلام من ناحية وتأثير السلوك الاستهلاكي على توافر ونقص السلع ذات الارتباط بحاجة الناس فالانفاق الزائد عن الحاجة مظهر من مظاهر التبذير التي لا يحبها الله حيث انها مسلك شيطاني وفق ما حذر منه القرآن الكريم في قوله تعالى إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا .
ان التوسع في شراء السلع الترفيهية مثلاً يؤدي الى زيادة انتاجها وعرضها والى تقلص انتاج السلع الضرورية حيث ان الاستثمارات والاتجار يتجه الى توفير تلك السلع ذات الطلب المرن بعكس الحال بالنسبة للسلع ذات الطلب غير المرن فالتوسع في استهلاك السلع الترفيه يساعد على ابتعاد المنتجين عن انتاج السلع التي تحتاجها الفئات الواسعة من الناس والتوجه الى انتاج سلع الترف والمخيلة كما اشار اليه حديث عمرو بن شعيب.
المنتج الذي يمكن الاسترشاد به من خلال فهم هذه الاحاديث من منظور اقتصادي لكيفية معالجة ازمات النقص في السلع وبما له من علاقة بالسلوك الاستهلاكي عما يكون له اثر في بروز ازمات النقص في السلع المرتبطة باحتياجات الناس الاساسية يتمثل في الاستراتيجية التالية:
اولا: ضرورة انتهاج سياسة انفاقية تقوم على توازن الانفاق الاسري فلا يكون هناك توسع انفاقي لا تدعو اليه الضرورة والحاجة وان يكون الانفاق ضمن مفهوم قوله تعالى ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ولهذا فان واجب السلطات الاقتصادية في المجتمع المسلم وضع اجراءات تنظيمية تحد من الاسراف في الانفاق الاستهلاكي الزائد عن الحاجة مثل وضع ضرائب على السلع الترفيه على ان توجه حصيلة هذه الضرائب للانفاق منها على تنمية المجتمع.
ثانيا, اتباع سياسة اعلانية تسويقية توجه الافراد الى انتاهج سياسة تقليص الرغبة في التراكم السلعي بدون حاجة وسن الانظمة التي تقلص من المباهاة في المظاهر المختلفة من خلال رفع الشعور الايماني لدى الافراد من خلال حث الناس وتوجيههم نحو الاحجام عن تملك ما يزيد عن حاجتهم وفق التوجيه النبوي كما في حديث جابر بن عبدالله, ثالثاً: التدخل من قبل راسمي السياسات الاقتصادية بالعمل على ضبط الميول الاستهلاكية في المجتمع وتوجيهها نحو تقليص التوجه الى السرف في الانفاق على الامور المظهرية بما يخدم تنمية الميل إلى الادخار لدى الافراد وفق ما ارشد اليه حديث عمرو بن شعيب, 1 التبقر: الكثرة والسعة, 2 مخيلة: أي كبر ومغالاة في المظهرية الاستهلاكية، سرف تجاوز الحد في الانفاق.
|
|
|
|
|