|
| مقـالات
أحياناً تجد صاحبك مستبشراً,, ضاحكاً,, لا تسعه الدنيا كما يقولون من الفرح وأحياناً تجده متجهماً عابساً,, يود لو كان وحيداً في مكان لا يرى أحداً من الناس حتى أقرب الناس اليه, وآخرون من عباد الله,, فيهم الصفات الطبعية,, ولدت معهم وعاشوا معها,, واشتهروا بها بين خلق الله، فهذا حليم الحلم فيه طبيعة مركبة,, وآخر كريم ذو مروءة وآخر بخيل تضيق به الدنيا عندما يرى الضيوف أو المحتاجين وقس على ذلك, والبشاشة في الوجه والحلم في الخلق نعمة من الباري,, وقد مرت علينا ثلاث سنين أجدبت فيها الأرض وواجه الناس الكثير من الضيق,, خاصة أصحاب الماشية والفلاحة,, ولقد شاهدنا نخيلاً يبس أو كاد وقلت المياه في الآبار,, وصوح وجه الأرض وذبلت الأشجار,, خاصة في بلاد عرف مناخها بانه قاري، أي حار في الصيف,, بارد في الشتاء, ثم جاءت الأمطار بفضل من الله ونعمه,, فتغيرت الحال وفرح الناس وتغيرت طباعهم وكنا قد اتجهنا مجموعة من الأصدقاء الى قريتنا المتمدينة لمشاهدة السيول التي عمتها,, فكنا كلما شاهدنا البحيرات البرية والرياض التي حول الطريق اعترانا نوع من الهوس المحبب الى النفس والذي لحمته وسداه الفرح بالغيث قال أحدنا,, انظروا كيف تتغير الطباع في الانسان,, أحس بالفرح يغمرني ويجبرني على قول ما أقول وما أتلفظ به وأحس مع القول هذا,, انني أؤدي حركات قد فقدتها شهوراً طويلة,, ان الغيث يحول الكآبة الى سرور ومرح ويحول الضيق الى فرج,, ويصنع بالانسان,, ما لم يطرأ على تفكيره ولا يكون في الحسبان,, هذه حقيقة لا يدركها الا الذين عايشوا الرياض المونقة والتي تزينت بأنواع من النباتات المزهرة بعد أن أسقاها الله بالمطر,, مطر الوسمي,, المطر المبارك,, ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد هذا هو تأثير المطر الوسمي في الجماد والانسان,, قلت: ثم انظروا الى تصوير هذه الحالة للانسان كما يصورها القرآن الكريم بقول الله سبحانه عن عباده الذين يتلهفون للمطر فلا يأتي الا بعد الحاح بالدعاء طويل الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون، وان كانوا من قبل ان ينزل عليهم من قبله لمبلسين,, فانظر الى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ,, هل رأيتم من أعلم بخلق الله,, من الله؟!
|
|
|
