| الريـاضيـة
ما الذي يجعل قناة فضائية عربية (الجزيرة) تناقش ومن خلال برنامجها الرياضي الأسبوعي (حوار في الرياضة) للزميل الناجح أيمن جادة ضربة الجزاء التي احتسبها الحكم المغربي العالمي سعيد بلقولة لصالح الهلال في مباراته أمام شقيقه النصر على نهائي بطولة الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله للأندية العربية أبطال الكأس في الدقائق الأخيرة من الشوط الاضافي الأول من المباراة والتي سجل من خلالها الهلال هدفا ذهبيا كسب على إثره كأس البطولة,,؟!
اعتقد أن ثمة سببين لذلك:
أولهما:
(الحس الصحفي) لدى البرنامج,, أو معد البرنامج باختيار الموضوع (الحدث),, ومن ثمن مناقشته وطرحه بأسلوب تتوافر فيه كل أسس الطرح الموضوعي,, لأي قضية.
ثانيهما:
إذا كان البرنامج ناقش الحدث من منظور عربي (كأس الكؤوس العربية),, فإن هذا لا يغفل أبدا أهمية الكرة السعودية وموقع الهلال والنصر على خارطة الكرة العربية,, وان الكرة السعودية لابد أن تخيم بظلالها على أي حدث رياضي,, مما يؤكد حضورها,, وجماهيريتها.
ولست هنا بصدد الخروج برأي قاطع,, أو استنتاجي من خلال رأي ضيوف القضية,, الحكم العالمي سعيد بلقولة,, والحكم العالمي الاماراتي الشقيق علي بوجسيم كرأين محايدين,, ويملكان كل صفات الحيادية في القضية,, مع تحفظي على رأي الحكم الدولي السابق عدنان بوظو رئيس لجنة الحكام بالاتحاد العربي لكرة القدم في القضية وهو ما استعرض له لاحقا في فقرة خاصة.
أقول,, لست بصدد أي استنتاج,, لكن هذا الطرح,, أو تلك المناقشة,, أكدت وللأسف الشديد ثلاث حقائق:
الأولى:
غياب تلفزيوننا,, وتحديدا البرامج الرياضية عن الحدث وهو غياب غير مبرر ولا يمكن حمله على أسباب مقنعة يفترض أن تكون قد زالت مع تطور العصر,, وارتقاء الفكر,, إذ إن البحث عن الحقيقة حق مشروع للجميع,, بل واجب على من يملك القدرة على اظهارها خصوصا عندما يكون ذلك في اطار من المنطق والعقلانية,, وهي أمور لا يمكن الاختلاف على أنها من ثوابت الإعلام السعودي.
مثل هذا الغياب عن الحدث,, لو فكرنا جيدا في أبعاده,, لوجدنا أن سلبياته إن وجدت وهي غير موجودة,, لا يمكن مقارنتها بالايجابيات المترتبة على حضوره,, إذ إن كشف الحقيقة,, متى ما توافرت جميع الشروط,, المؤدية لذلك,, من شأنه أن يزيل الغموض,, ويخفف ردة الفعل,, ويصنع رأياً عاماً,, يتصف بالايجابية في تعامله مع الحدث,, ورؤيته للأمور.
الثانية:
نمطية التفكير لدى البعض ممن يمكن اعتبارهم رموزا للاعلام الرياضي العربي,, وتحديدا في مجال النقد والتحليل مما يؤثر على مصداقية هؤلاء,, وفي حجم الثقة في آرائهم,, وقدرتهم على طرح الرؤى بكل أمانة وموضوعية بعيدا عن أي مؤثرات,, أو لومة لائم,, ولا استثني بعض اعلاميينا أو من تأثر بآراء أولئك وأنا هنا لا أعني صحة ضربة الجزاء من عدمها,, فهي ليست موضوعي وهوما أشرت له في البداية,, لكنني اعني طريقة التحليل,, والاستنتاج,, ومن ثم الحكم,, والتي تفتقد لأبسط قواعد الأسس التي يرتكز عليها الاستنتاج,, إذ لو أن ضربة الجزاء هذه حدثت في الشوط الأول من المباراة,, لتغيرت كثير من مفاهيم هؤلاء,, وآرائهم,, ومن ثم أحكامهم ربما بمقدار 180 درجة بدليل أنهم بنوا هذا الحكم,, أو الرأي على حساسية المباراة,, وتوقيت ضربة الجزاء,, ونفسية الفريق المتضرر,, الخ من أمور لا يوجد لها نص أو روح في قانون كرة القدم,, الذي لم يشر في أي من فقراته أو سطوره,, أو ما بين سطوره الى مراعاة نفسية الفريقين,, أو التوقيت,, أو ما الى ذلك,, عند احتساب خطأ ما,, يراه الحكم من وجهة نظره انه صحيح,, بل يدعمه بقوله لا اجتهاد فيما نص عليه القانون .
والحقيقة التي تغيب عن ذهن أمثال هؤلاء الذين يبنون أحكامهم على مثل هذه التحليلات هي اعتقادهم أنهم بعملهم هذا ينصفون المظلوم وما دروا أنهم بهذه الصورة يعينونه على خطئه, مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما ,, وليس كما يفسره البعض على ظاهره,, إذ ان تكمله الحديث تساؤل الصحابة رضوان الله عليهم هذا اذا كان مظلوما,, فكيف إذا كان ظالما؟!,, ثم إجابته صلى الله عليه وسلم ان نصره إذا كان ظالما,, بردعه عن ظلمه!!.
بلغة أخرى:
إن التبرير بهذه الوسيلة,, إذا كان في نظرهم انصافا للمخطىء,, أو دفاعا عنه,, أو لنقل بهدف رفع الخطأ الذي وقع عليه في (وقت حساس) كهذا,, ومراعاة لنفسيته,, إلخ,, فأين حق المظلوم؟! أو الواقع عليه الخطأ؟! أليس له من منصف هو الآخر؟!,, وأليس هذا بحقه؟!.
مرة أخرى أؤكد أن ما أعنيه هنا,, هو الحدث بصورة عامة,, في مثل هذا التوقيت,, وليس حدثا بعينه,, أو ضربة جزاء,, بعينها,.
لأن مثل هذا الرأي لدى هؤلاء,, يطرح تساؤلاً: ماذا لو تم تسجيل هدف من خلال هجمة مرسومة,, مثلا,, هل يناقش الحكم؟! أم يتم تسليم الأمر؟!.
وعليه ما الفرق في تحديد النتيجة واحتسابها بين هدف ثم تسجيله من خلال هجمة مرسومة أو من كرة ثابتة سواء كانت ركلة زاوية,, أو خطأ,, أو ضربة جزاء؟!.
الثالثة:
ان تعامل إعلامنا مع الحدث,, كشف وللأسف الشديد عدم كفاءته لتناول مثل هذه المواضيع في نظر الآخرين خاصة الأشقاء العرب,, وأنه أي (الإعلام الرياضي) لا يرتقي إلى مستوى الرياضة السعودية,, وما وصلت اليه من مكانة ليس على المستوى العربي فقط، بل حتى في المحافل الدولية.
هذا التناول جعل الآخرين ينظرون الى إعلامنا الرياضي وتحديدا الصحافة الرياضية,, والصحفيين الرياضيين من إحدى زاويتين:
إما أنه لا يفقه في قانون كرة القدم,, وأبسط قواعد اللعبة,, وتلك مصيبة.
أو أنه (يفقه) ولكنه متعصب ويريد طمس الحقائق مهما كان الثمن,, وبأي أسلوب,, والمصيبة هنا أعظم.
وعلى هذا الأساس,, طرح برنامج (حوار في الرياضة) القضية للنقاش لتوضيح الحقيقة للجمهور العربي,.
وعلى هذا الاساس أيضا,, كانت ردة الفعل تجاه الصحافة الرياضية السعودية من قبل الحكم سعيد بلقولة,, ومن قبل الاتحاد المغربي لكرة القدم,, حول ما أثير تجاه الحكم,, من أمور تمس شخصيته وكيانه.
مرة ثالثة,, بل وعاشرة,, فإنني هنا,, لا أدعو صحافتنا الرياضية الى التسليم برأي الحكم,, ولا أن (يؤمنوا) على كل قراراته لأن في هذا سلبا لارادتهم,, ومصادرة لوجهة نظرهم,, لكنني ادعو الى مناقشة الأمور بواقعية وحكمة,, وبما يمليه الضمير الانساني,, ويفرضه واجب المهنة!.
إن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي,, بل ومطلوب للوصول الى الحقيقة,, لكن التجاوز في الطرح والتناول الى ما يمس سمعة الآخرين والنيل منهم,, أو خلق مبررات غير منطقية بهدف تمرير وجهات نظر معينة تتفق ورغباتنا الشخصية هو ما نرفضه جميعا,, ولا اعتقد أننا نقر بمثل هذا المبدأ.
إن من حق كل انسان أن يبدي وجهة نظره,, ومن حق الآخرين قبولها,, أو الاعتراض عليها,, وفق الحيثيات التي بني عليها وجهة النظر هذه,, والتي قد تؤدي الى اقناع الآخرين,, أو التحفظ عليه,, مقرونا باحترام هذا الرأي,, مهما كان ومهما تم الاختلاف عليه لأنه يظل وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب وفق رؤى نسبية.
إن أي عاقل,, ومنصف,, تهمه سمعة الصحافة السعودية وتهمه الشخصية السعودية,, لابد انه تأثر للطريقة التي تناول بها بعض الصحفيين ضربة الجزاء,, وما ترتب عليه من فكرة أخذها البعض عن هذه الصحافة,, ونرجو أن تكون فكرة عارضة وليست عامة وكان بامكان المعترضين على قرارا الحكم مناقشة الموضوع بطريقة أفضل تبقي على احترامهم,, وتقديرهم,,وربما حفظت لهم حقهم أو على الأقل تعاطف البعض معهم.
***
بوظو,, ليته لم يتحدث
في البرنامج نفسه,, وعند سؤال السيد عدنان بوظو رئيس لجنة الحكام في الاتحاد العربي لكرة القدم وهو حكم دولي سابق,, وله مكانته في الاتحادين الآسيوي والدولي,, أي أنه ليس هناك ما يخشاه عن طرح رأيه,, قال:
(انه لم يشاهد الحادثة,, ولذلك لا يستطيع الحكم عليها).
واذا كان شخص بهذه المكانة,, وبهذا الحجم من المسؤولية في الاتحاد العربي,, لم يشاهد حدثاً كهذا,, فما هي مهمته إذاً؟!.
وهل من المنطق والمعقول,, أن يمر حدث كهذا وبما حمله من ردود فعل,, وبما يمثله من أهمية لدى رئيس لجنة الحكام بالاتحاد العربي لكرة القدم,, ولا يشاهده هذا الرئيس؟!.
الحكم عادة يتصف بالشجاعة,, وقوة الشخصية والاعتداد بالرأي,, هذه في نظري من أهم مقومات الحكم الناجح,, فكيف إذا ارتقى هذا الحكم الى منصب رئيس الحكام؟!.
كنت آمل أن يكون ما نقلته احدى الصحف عن البرنامج فيما يخص (عدنان بوظو) غير صحيح,, أو نقله بطريق الخطأ لكن اجماع صحف أخرى عليه,, يؤكده,, ويؤكد أيضا تساؤلي المطروح الذي سيظل شامخاً,, ومتبوعاً بأكثر من علامة استفهام,, تتلوها أكثر من علامة تعجب!!.
والله من وراء القصد,
raseel@la.com
|
|
|