|
| رمضانيات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين لهم باحسان الى يوم الدين، أما بعد.
فإن منح الله عز وجل وعطاياه على العبد لا تعد ولا تحصى، وان من أعظم تلك النعم ان يوفق الله عز وجل عبده لكثير من أبواب الخير والقربات، يلج من كل باب منها الى الجنة.
والناس في هذا بين مقل ومستكثر، فمن الناس من يقف نفسه على عمل صالح واحد أو ما قاربه وهذا اما لسوء تصور عنده فملوم، أو لعجز فمعذور, ولكن من الناس من تعظم عليه النعمة فيوفقهم الله الى كثير من أبواب الخير، مما هو مشروع في الكتاب والسنة.
ولو نظرت في الناس اليوم لوجدت من تعددت مهامه، وتنوعت أدواره في مجتمعه وعلى رأس هؤلاء ولاة أمر المسلمين من العلماء والأمراء.
ولكني اليوم أتحدث عن صنف من الناس في سلك القضاء ترى منهم ما يثلج الصدر ويبعث الأمل، ويجدد العزم، ان مثل هذه الصور بحاجة الى احياء، ونشر، وذكر، ليعلم الناس نماذج منيرة مشرقة في مجتمعهم، فتجد مثلاً قاضياً في عمله قمة العدل والانصاف والحزم، قد سد ثغرة من أعظم الثغرات في الأمة وهو الحكم بين الناس بشرع ربهم.
وبعدله وسيره فيهم السيرة الحسنة، يقطع الطريق على دعاة الباطل ممن ينادون شرقاً وغرباً بعزل الشريعة عن الحكم, فما أجل دوره، وما أعظم أثره، وعلى الله أجره، ومع هذا فاذا عاد الى بيته تجده مجمع وزارات لتحقيق مصالح المسلمين.
ومن النوادر في زمانك أن ترى خلا حمدت وداده وخلاله |
فهو سحابة غيث على الأسر، فكم أعاد الوئام والوفاق بعد أن داهمها شبح الطلاق، وهو جمعية في ذاته وشفاعاته لإعانة الشباب على الزواج، وهو وزارة للشؤون والعمل، يقضي الحوائج، ويشفع لذي الحاجة، وهو مشرف على مكتب أو مكاتب للجاليات لنشر الاسلام وتوعية الجاليات المسلمة، والقيام على تعليم المسلمين الجدد.
ثم تراه فتقول قد يكتفي بهذا فيستجم ويستريح، ولكن ما يلبث أن يأخذ بك العجب مأخذه اذا علمت انه أيضاً مشرف على مدرسة أو مدارس لتحفيظ كتاب الله بجهده، ودعمه، وماله، وشفاعته، ووجاهته.
كريم رأى الإقلال عاراً فلم يزل أخا طلب للمال حتى تمولا فلما أفاد المال عاد بفضله على كل من يرجو جداه مؤملا |
وكذلك تراه يفيد الطلبة الدارسين عليه، والقادمين اليه لينهلوا من علمه، حريصاً على القرب من ربه بفرائضه ونوافله، محتملاً كل كلفة ومشقة في سبيل ذلك لسان حاله يقول:
وتجشم المكروه ليس بضائر ما خلته سبباً الى المحبوب |
دمعة هاطلة، ويد مرفوعة، بالله مستغيثة، تسأله الخير لجميع المسلمين ممن لم يستطع ايصال الخير اليهم وبالدعاء قد وصل وأوصل فهو نافع مفيد حيثما كان كمال قال القائل:
ذو الفضل كالتبر طوراً تحت ميقعة وتارة في ذرى تاج على ملك |
وأصدق من قول الشاعر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأل الصحابة عن شجرة تشبه المؤمن ثم أخبر انها النخلة، فهي مفيدة على جميع الأحوال تمراً، ورطباً، وعسيباً، وظلاً، يرميها الناس بالحجارة، فترمي لهم بتمرها ورطبها وخيرها وانا لنجد تحقق هذه المشابهة الكريمة في مثل هؤلاء القضاة جزاهم الله خيراً, فالله أكبر ما أسعد من وفق لذلك، وتحلى وتخلق بما هنالك.
حسن التلاوة، خاشع العبادة، مقيماً مستقيماً على السنة عقيدة، وعلماً، وعملاً، وخلقاً، ودعوة، ومنهاجاً، وسياسة، فهذا وأمثاله صمام أمان لهذه الأمة يستحقون الشكر والثناء والاعتراف والدعاء، فاللهم يا من تعلم منهم ومن خيرهم أكثر مما نعلم، أعظم جزاءهم، وأجزل ثوابهم، وارفع درجتهم، وكثر في الأمة من أمثالهم، وزدهم قوة، وأيدهم بروح من عندك آمين، آمين.
وأنتم يا أيها النماذج المضيئة الى الأمام، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
هناكم الله بالدنيا ومتعكم بما نحب لكم منها ونرضاه |
لكم نرفع الشكر والتقدير، نفرح بأعمالكم وان عجزنا عن مثلها، ونسر لإنجازاتكم ونشاطكم الدؤوب ولو كنا لم نصل اليه وكما قيل:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة |
ويا من غاب عنك حسن صنيعهم، وجميل نهجهم نقول لك:
آثاره تنبيك عن أخبار حتى كأنك بالعيان تراه فما عظم الرجال لهم بفخر ولكن فخرهم كرم وخير |
والله يحفظ لديننا ومجتمعنا أمثال هذه القلوب المستضيئة بنور ربها، التي ينال القريب والبعيد، والمحب والمبغض منها ما يناله من خير ونفع، فما أعظم أثرهم على الناس وما أقبح ما يرده بعض الناس اليهم, والحمد لله رب العالمين.
|
|
|
|
|
