| عزيزتـي الجزيرة
العنف المدرسي,, كظاهرة تستوجب التوقف عندها والنظر في ابجديات حدوثها,, قضية لا يستهان بها من حيث السلوكيات المغروسة في الذات الانسانية، وانعدامها في لحظة الغضب والجنوح الى السلوك العدواني والاعتداء على كثير من الناس,, وخصوصاً المعلمين والمعلمات,, في زمن يعشق التفتح الفكري والارتقاء باللفظ والمخاطبة بين أفراد المجتمع صغيراً كان أو كبيراً.
وللنظر في أسباب المشكلة,, نجد ان السلوك والتهذيب من جانب الأسرة هو منبع الذات الأخلاقية في كيان الانسان السوي,, تنمو حسب توجهها الذي تتحكم به الأسرة لخلق التوازن الشخصي المنعكس سلوكياً على الفرد داخل محيطه العملي أو الدراسي.
ولكثرة ما نقرأ في الصحف عن اعتداء الطلبة والطالبات على المعلمين والمعلمات هذه التصرفات الغريبة على المجتمع الاسلامي المتكامل من حيث الحفاظ على الهوية الشخصية للكائن البشري فان التبصر والوقوف على الحالة المزعجة والمنفرة أمر لابد من التدبر في خلفياته والتعمق الموضوعي من حيث الوجود الحدثي، والأسباب الداعية الى التمثل بهذا السلوك, وحين نعثر على السبب الرامي لابد وان نبصر ان التربية التي يعيشها الأبناء داخل الأسرة ويتلقونها من والديهم هي الأساس في وجود هذه المشكلة,, فالتدليل الخارج عن الحد المعقول، يجعل الطفل ينشأ نشأة سلوكية ينمو وبه صفات العجرفة والميوعة سواء كان بنتاً أو ولداً وينمو الفرد نمواً اجتماعياً وسلوكياً غير مهيأ لاستقبال كل ما يخالف رأيه وميوله واتجاهاته، ومن هنا تتكون وتتوالد عقدة العصبية والثوران لأقل سبب لا يعجبه، وحين يكبر ويبدأ تصاعده التعليمي بالتدرج بجانب الفترات الانتقالية في حياته من حيث النضج الجسماني والفكري، يشعر بان اثبات الذات والويل لمن يقف في وجه الرغبات والميول, وأولى تطبيقات هذه التربية أي التدليل المفرط,, دون توجيه,, هي حتماً ستكون عدم تقبله لما يفرضه ويطلبه المعلم، بجانب ان التخرج الحديث للمشتغلين في سلك التعليم يلعب دوراً كبيراً وعظيماً من حيث الترحيب بمثل هذه التصرفات واستيعابها واحتوائها ووضعها تحت السيطرة إلا أنه للأسف إن أكثر هؤلاء المنتمين لهذا الصرح التعليمي الكبير لا يملكون المعلومة الكفيلة لاحتواء المواقف والسلوكيات لأن الغالبية العظمى منهم لا يملك الاسلوب في التعامل والتخاطب، والتوجيه، فيفرض رأيه على الطالب أو الطالبة دون مراعاة لأصول المجادلة التي أمر الله بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم حينما أمره قائلاً: وجادلهم بالتي هي أحسن ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك وهذا توجيه صريح,, في ان المجادلة لم تقتصر على عمر معين، اذ اننا نرى وحتى الطفل في سنواته الأولى أصبح ينفر ويغضب من الغضب الذي يلقاه من محيطيه، وهذا تعبير منه عن الرفض لهذا السلوك؟؟!!
والعملية التعليمية تربوية ,, نجد ان أكثر المتخرجين لا يحمل ولم يحصل على طرق التدريس ومع ذلك، يستغرب لضيق أفقه أن يجادله أحد الطلبة النابهين الذي اعتمد وتربى على أساسيات الفكر والثقافة داخل أسرته، فيفاجأ بان الخلل في سوء الفهم والاستيعاب لدى المعلم أو المعاملة وليس في تركيبته التي تشرب أساسيات الفضائل والنصح له بالتمسك بالصواب رأياً كان أو طريقاً، فضيق الأفق والخلق لدى هؤلاء واولاتي، يخلق نوعاً من النفور وانعدام العلاقة المثالية بين المعلم وتلاميذه، اذ ان الطالب المهذب حتماً سيلجأ لأخبار والديه أو ممن يعنيهم أمره بالانتقال والتغيير من ذلك الحضن الكبير الذي لم يشعر فيه بالأمان الانساني الى حضن تربوي آخر يجد فيه ذاته من حيث التقدير والاستيعاب والتعامل الراقي الذي ينشده كهدف وغاية سكنت ذاته.
هذا من ناحية السلوكيات التربوية بين التلاميذ والمعلم، أما المدرسة التي هي أساس العملية التعليمية، فهي لا تقل سوءاً حين تبتغي الهدف التجاري الذي تسعى اليه في محاولتها لضم أكبر عدد من الطالبات مما يجعل خلق التوازن في المجتمع المدرسي أمراً صعباً خصوصاً اذا كانت الادارة المدرسية لا تملك الخبرة الكافية أو حتى ابجديات التعامل والجسر الموصل بين الطالب والمعلم، ومن هنا فان كثرة هذه المدارس الأهلية التي لا اعتراض على وجودها بقدر استغرابي من كثرتها غير الخاضعة للمراقبة الدقيقة من قبل الموجهين والموجهات الذين أيضاً للاسف نجد أكثرهم لا يتحلى بالصبر والحكمة، بل استخدام اسلوب الأمر والتوجيه الجاف متناسين انهم كانوا قبلاً في هذا المكان حتى اصبحوا على ما هم عليه ووصلوا اليه، من حيث انعدام تطبيق السلوكيات التي يجب ان يتحلى بها الذين يطلق عليهم تربويون بينما للاسف نجد ان الغالبية العظمى منهم هو الذي يحتاج الى تربية وتعديل سلوك وتقييم أخلاقي تعاملي وهذه المدارس التي أصبحت تتاجر بالعلم الفريضة على كل مسلم دون فائدة تذكر فقط سوى الهشاشة المكانية، والزج بعلقيات غير تعليمية تربوية ذات مؤهل تربوي كما قلت سابقاً وزرع بذرة الغضب وتنميته لدى الطالب والطالبة، مما يجعل المتلقين لهذه العلوم في دائرة الفتيل المتحفز للاشتعال في أي وقت ومكان يوجد فيه, ورغم ذلك لم يخلو بعض صغار المعرفة من جعل الطالب أو الطالبة خصماً لهم يستفزونه، ويثيرونه بتصرفاتهم غير المنطقية، بل من باب التعالي والاستهانة والاستخفاف بالعقلية التي أمامهم؟؟!
ومن وجهة نظري ان التدريس عملية ليست بالسهولة التي يتصورها متحدثو المجالس، لذا لابد من إخضاع المتقدمين والمتقدمات لها لاختبارات وتجارب عملية من قبل أناس لهم سنوات من الخبرة وعمق في التجربة.
لذا اقترح اعادة النظر في تعيين الخريجات الجديدات من الجامعات غير التربوية كمعلمات، وتوجيههن للعمل الاداري الا من تجتاز منهن دورة تدريبية في مجال طرق التدريس وأصوله من قبل الجهات التعليمية الخاصة المسؤولة عن قطاعات التعليم في المملكة العربية السعودية، ووضع شرط للتدريس لمن يحملن مؤهلات جامعية من مؤسسات تربوية اجتياز اختبار طرق التدريس، لنخرج جيلاً واعياً يعي مسؤولية نفسه ومجتمعه دون الحاجة الى خلق جيل انتقامي يشعل جذوته الانفتاح الاعلامي.
موضي بنت رشيد المساعد
|
|
|
|
|