|
| الاقتصادية
كما قامت بعض الدول الصناعية بالتهرب من بنود اتفاقية الجات بندي المنطقة البيضاء التي تحتوي على المسموحات والمنطقة السوداء التي تحتوي على المحظورات وذلك بتطبيق نظام الاجراءات الرمادية من خلال اتفاقات ثنائية تقيد صادرات المنسوجات والملابس من الدول النامية الى اسواقها وبكميات محدودة حتى لا تستفيد الدول النامية من المزايا النسبية وبذلك تكون قد خرقت قاعدتين من قواعد الجات.
وكان من الاجدر بتلك الدول استخدام نظام الحصص بدل الرسوم الجمركية لحماية الصناعة الوطنية وعدم التمييز بين الاطراف المتعاقدة وبالذات الدول النامية التي تتمتع بميزة نسبية في هذه الصناعة.
ومن المعوقات التي واجهت اتفاقية الجات انتشار موجات الكساد والتضخم في دول العالم مما جعل الدول الصناعية تضع اساليب حماية مضادة لحرية التجارة الدولية مخالفة للجات مثل منع اليابان ما يقارب 100 سلعة اجنبية من الدخول اليها وفي مقدمتها الارز والقمح واللحوم، وحدت الدول الاوروبية الغربية وامريكان من الوارد بوضعها نظام التوسع الاختياري للواردات من الدول الآسيوية وهو النظام الذي حد من الاستيراد من دول آسيا وحرمها من التمتع بميزات كفلتها اتفاقية الجات.
امام هذه الوضع وامام رغبة الدول الكبرى لحماية حقوق الملكية الفكرية وتنامي تجارة الخدمات التي اصبحت تشكل 20% من التجارة العالمية و 60% من العمالة ومن الناتج القومي الإجمالي رأت الدول المعنية انه لابد من ايجاد بديل لهذه الفوصى في القوانين والقوانين المضادة وحالات الالتفاف العديدة وادركت انه بات من الضروري ايجاد نظام اقتصادي جديد يهدف الى زيادة حدة تدويل الانشطة التجارية المختلفة ضمن قانون واحد يخضع لاشراف منظمة دولية موحدة ، وعليه انبثقت منظمة التجارة العالمية W.T.O وهي مؤسسة نظامية دائمة ذات اطار قانوني ثابت وسكرتارية متخصصة، وقد تم الاعلان عن انشائها في مدينة مراكش بالمغرب في 15 ابريل 1994م بحضور وزراء التجارة والمال والاقتصاد الذين يمثلون 117 دولة.
وقد اتفق على ان يبدأ تفعيل المنظمة اعتبارا من يناير 1995، وقد حوى المحضر المبدئي على 28 اتفاقية ومبدأ تم التوقيع عليها، منها سبعة مبادئ اساسية عامة متفق عليها بين جميع الاعضاء والبقية متعددة الاطراف.
ومن مهام المنظمة تنظيم المفاوضات التي تجري بين الدول والهادفة الى تحقيق المزيد من تحرير التجارة والفصل في المنازعات بين اعضائها عبر هيئة متخصصة في تسوية وحسم المنازاعات نافذة السلطة ومراقبة السياسات التجارية للدول الاعضاء والتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير والوكالات الملحقة به لتأمين التنسيق في عمليات صنع السياسات الاقتصادية على الصعيد الدولي.
وللمنظمة الحق في ابرام المعاهدات الدولية مع الدول الاعضاء، وايضا عمل عقود التملك والمساهمة في انشاء قواعد القانون الدولي المتعلقة بالتجارة الدولية والاستثمار ونقل التقنية.
ومن المبادئ الاساسية السبعة المتفق عليها من قبل جميع الاعضاء مبدأ الشفافية ومبدأ الدولة الاولى بالرعاية، ومبدأ المعاملة الوطنية ومبدأ المعاملة بالمثل، ومبدأ تخفيض عوائق التجارة ومبدأ المعاملة الخاصة للدول غير الصناعية ومبدأ المحافظة على البيئة.
نعود للعنوان فنقول ان الاستفادة من منظمة التجارة تمليها الظروف الموضوعية والذاتية، فالموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية يلعب دورا هاما حيث تقع عند ملتقى الطرق بين اوروبا وافريقيا وآسيا ولديها الامكانات المالية ووفرة الطاقة والموارد الطبيعية في ان تحتل المركز الاول في حجم المخزون النفطي العالمي الذي يقدر ب 300 مليون برميل ، وتحتل المرتبة السادسة عشرة في صادارات البيع 55 بليون دولار وهي من اكبر واهم الاسواق للصادرات الامريكية، ولديها ميزات نسبية محققة لرغبات الاستثمار والمستثمرين، فلديها فرص فريدة لتنفيذ مشاريع مشتركة مع الشركات الاجنبية، وقد قدمت تسهيلات وضمانات كبيرة لاصحاب رؤوس الاموال الخارجية.
هذا ومن جانبه فقد اكد الدكتور اسامة فقيه وزير التجارة في آخر مؤتمر وزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي عقد في نوفمبر 1999م في مدينة سياتل الامريكية على موافقة المملكة على المقترحات المهمة التي قدمتها المنظمة بشأن دخول المنتوجات والخدمات الى الاسواق السعودية.
ان الانضمام الى منظمة التجارة العالمية W.T.O لاشك سوف يجلب مكاسب كثيرة لنا، فالمملكة لاتزال تسعى بشكل حثيث الى صف الدول المتقدمة اقتصاديا وهذا الانضمام سوف يتيح فرص انتعاش قطاعات الانتاج وزيادة الكفاءة الانتاجية، حيث من المتوقع ان تنخفض تكاليف الانتاج المحلي ومعدلات التضخم بسبب تخفيض الرسوم الجمركية على الاحتياجات من السلع الاساسية ومستلزمات الانتاج، ويتيح الانضمام مزيدا من الفرص للتوظيفات الاجنبية التي عادة ما يصاحبها جذب تقنيات جديدة ومهارات متقدمة تساهم في تدريب الشباب السعودي وتساعد مراكز التأهيل والتدريب على اقتناء التقنيات والمهارات الحديثة.
هذا وسيكون بامكان المملكة الاستفادة من فتح الاسواق الجديدة امام منتوجاتنا المحلية مما يوفر فرص المنافسة في الاسواق الاقليمية والدولية.
ومن جانب آخر سيكون لتطبيق الغاء الدعم المحلي في الدول المتقدمة على الحبوب واللحوم ومنتجات الالبان تأثير ايجابي على اسواقنا، فالغاء الدعم سوف يرفع الاسعار دوليا مما يعني زيادة في جدوى انتاجها محليا وتحفيز المنتجين الزراعيين السعوديين سوف يكون لدينا المقدرة على حماية اسواقنا من سياسة الاغراق السلعي وتدني الاسعار بواسطة استخدام حق العضوية في اتخاذ الاجراءات القانونية ضد الدول التي تسعى لخرق قواعد التجارة الحرة وطبقا لقواعد المنظمة واتفاقياتها واحكامها التي تتولاها هيئة المنازعات وبواسطها سنتمكن من مقاضاة دول الاغراق، وهذه ميزة جديدة لم توفرها اتفاقية الجات , هذا وقد راعت انظمة المنظمة ظروف الدول النامية حيث تمنحنا فترات سماح اطول لمواصلة الدعم المحلي لزيادة الناتج المحلي للسلع الناشئة المصنعة داخليا، والاستفادة من مبدأ التحرير التدريجي للتجارة حتى يتم التكيف مع الاوضاع الجديدة للاقتصاد العالمي وتصحيح المسار الاقتصادي وتنويع قاعدتنا الانتاجية لتخفيف الاعتماد عن النفط كسلعة اساسية للدخل القومي، واعطاء فرصة كبيرة للقطاع الخاص كي ينمو ويتطور، وهي الفرصة التاريخية لبناء قطاع خاص مستقل باستطاعته المساهمة بفعالية في نمو البلاد الاقتصادي والمطلوب فقط التعامل بوعي مع هذه المرحلة ومعرفة ابعادها، فالتحرر الاقتصادي وفتح الاسواق الاقليمية والعالمية امام منتجات القطاع الخاص وفترة السماح للدعم فرص ربما لن تعوض ومجالها ربما لن يتجاوز 2005م حيث يبدأ تنفيذ بنود الالتزام مع بداية عصر جديد في ظل منظمة التجارة العالمية.
|
|
|
|
|
