| الاقتصادية
المعلومة هي الاستنارة والمرجع التي تضيء الطريق لمن أراد القيام بمشروع مهما كان نوعه، وبدون أن تؤسس قواعد معلوماتية ذات أسس متينة وتتطور مع متغيرات الأزمان لتخدم من خلالها إقامة المشاريع التي قصد منها المنفعة العامة، فغالباً نلاحظ أن هذا المشروع أو ذاك قد قام على أسس هشة ولم يكتب له النجاح، ولأنه من المفترض بل من الأنجح لبناء قواعد معلوماتية تفي بمتطلبات الحاجة فإن الأمر يتطلب معه بناء هذه القواعد المعلوماتية على أسس علمية آخذة في بداية تأسيسها لعلوم فن الاحصاء والبحوث الميدانية وكافة الأساليب والطرق ذات الطابعين العلمي والعملي.
من خلال هذه المقدمة، وكما يعلم الجميع، أن هذه الزاوية متخصصة في آمال وهموم الشؤون والقضايا العمالية، ولأن كل مجال وقطاع يتطلب الأمر معه تأسيس قاعدة معلوماتية ذات إمكانية عالية للنهوض والرقي به خدمة منفعية لذوي العلاقة به، والقطاع العمالي ذو صلة وطيدة بالعديد من المجالات التي تعتبر مكملة له من نواحي عديدة لجعل هذا القطاع صامداً ومعطاء تجاه ذوي العلاقة به، والقطاع العمالي في المملكة لاشك أنه يعاني من معضلات عديدة أهمها عدم توافر القواعد المعلوماتية الكافية وذات التقنية العالية والواجب تطورها بمرور الزمن، فالمشاهد أن العديد من المؤسسات الحكومية التي تعتبر ذات صلة مباشرة بالقطاع العمالي وعلى وجه الخصوص لفئتيه (من طالبي العمل ومن هم على رأس العمل) وذلك بدءا ممن يعنيهم إعداد الكوادر تعليميا وانتهاء بتوظيفهم مرورا بتدريبهم لتأهيلهم للعمل في القطاع الخاص أن هذه المؤسسات الحكومية يندر بها توافر قواع معلوماتية عالية المستوى علمياً وتقنياً ومع هذا ولكي لا نحكم حكماً نهائياً على هذه المؤسسات الحكومية بعدم القدرة أو الوصول إلى المستوى المطلوب لعلنا نتساءل إلى هذه المؤسسات بما هو آت:
1 لو سألنا وزارة المعارف عما تحتويه القواعد المعلوماتية لديها من إحصائيات ودراسات ومراجع اكتسبتها خلال عمرها الزمني الفائت الذي من خلاله يتم من وقت لآخر مراجعة مناهجها الدراسية وجعل البعض منها ذا مردود إيجابي لمعرفة الطالب بعموميات الحياة خصوصاً الفطري منها وتطويرها لديه واكتسابه لمهارات متعددة بخلاف ما تزخر به المناهج الدراسية الحالية المثقلة على كاهله والتي تصل إلى ست أو سبع مواد يومية يحملها وكأن نصف يومه الدراسي هو حمل الحقيبة المتخمة بالكتب الدراسية جلها لا تخدمه في مستقبله الوظيفي.
فهل أثرت الوزارة قواعدها المعلوماتية بالعديد من الأفكار والإحصائيات والدراسات التي تخدمها في تفعيل تطوير رسالتها وكذا دعماً لأي جهة تحتاج إليها في النيل من معلومات تفيدها بما تريد القيام به وصولاً إلى تكامل عال وإلى النهوض والرقي بالأهداف المشتركة مع هذه الجهات.
2 لو سألنا جامعاتنا الثمانية عما تحتويه القواعد المعلوماتية لديها من إحصائيات ودراسات ومراجع عن عدد الطلاب لديها وعدد من رفض قبولهم في الجامعات وعن التخصصات الدراسية لديها، وعن العمر الزمني لكل تخصص منذ فتح أول وأية كلية وعدد البحوث العلمية والخطط المستقبلية لفتح المزيد من الكليات والتخصصات ذات الاحتياج الآني، فلتعلم جامعاتنا أن وجود قواعد معلوماتية بهذه التساؤلات وبشكل مستمر ومتجدد ومعلن عنه أو متاح النظر إليه لخدمة تطوير وتنظيم سياسة توظيف طالبي العمل بسهولة تامة لاسهم في كسر الحواجز القائمة والعائقة لعملية سعودة الوظائف.
3 لو سألنا المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني عما تحتويه القواعد المعلوماتية لديها من عدد كليات التقنية والمعاهد الفنية والزراعية والصناعية والتجارية ومراكز التدريب عامة، وكذا ما يمتلكه القطاع الخاص من منشآت تعليمية وتدريبية تتبع المؤسسة إشرافياً، وما هي التخصصات الحالية لديها؟ وهل هناك تخصصات حان الوقت للتخلص منها لعدم مواءمتها متطلبات سوق العمل؟ وماهي التخصصات المزمع إنشاؤها للوفاء باحتياج سوق العمل من العمالة الوطنية؟ وهل من خطط ودراسات متوافرة لدى المؤسسة لم تعلن عنها لاستفادة منشآت القطاع الخاص منها؟ فلو كان لهذه التساؤلات إجابات شافية وأن القواعد لدى المؤسسة تزخر بهذه الأمور لأسهم ذلك في ضعف الدراسات والبحوث الميدانية القائمة التي لم يصل اصحابها إلى حلول ناجحة بسبب عدم توافر وإظهار هذه القوعد بالشكل العلمي المطلوب والمتاح.
4 لو سألنا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عما تحتويه القواعد المعلوماتية لديها من عدد الوظائف المتاحة في السوق وعدد طالبي العمل، وعدد العاملين في أفرع القطاع الخاص، وعن عدد العمالة المتسربة وظيفياً وأسباب تسربها، وعدد العمالة الأجنبية في المملكة العامل منها وغير العامل، ومقدار النسبة الفعلية للعمالة السعودية العاملة من أصل حجم الاحتياج الحالي لمنشآت القطاع الخاص من العمالة، وبهذا فإن وجود قواعد معلوماتية بهذه النوعية لدى الوزارة يسهم في رقي ورفعة الدراسات والتنظيمات القائمة بخصوص التوظيف في القطاع الخاص الأمر الذي معه يدفع بعملية الإحلال التدريجي للعمالة الوطنية محل العمالة الوافدة بكل يسر وسهولة.
ومن هذه النقاط التي تعتبر لمحات موجزة لسياسة تأسيس قواعد معلوماتية نود الوصول لما هو آت:
(أ) الأنظمة والقرارات وحدها ليست كافية في دفع عملية التوظيف دون مواكبة التطور والتحديث في أنظمة العمل والتأمينات الاجتماعية ورقي مستوى التدريب والتأهيل وجعل جل مخرجات التعليم متوافقة مع متطلبات سوق العمل.
(ب) توافر قواعد معلوماتية بصورة علمية ومتاحة من لدن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (وكالة الوزارة لشؤون العمل) ووزارة المعارف والجامعات السعودية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، لحيث أن الجهات هي أحد روافد بل أساس رفعة ورقي الفرد في المجتمع علمياً وعملياً وطريقاً سهلا لإنجاح مشاريع توافر الفرص الوظيفية, كما أن من أساسيات العمل في السعي إلى توافر وظائف متنوعة لكافة فئات طالبي العمل أنه عند بروز ملامح ما يسمى بالبطالة تبدأ المعالجة لهذا الداء من خلال معايير معينة يفترض أن تبنى على توافر قواعد معلوماتية من عدة جهات تشارك في هذه المعالجة, وحتى نصل إلى تأكيد أجمع إلى أن القواعد المعلوماتية لدى الجميع ليست متوافرة أو أن توافرها بشكل غير مفيد، وذلك بسبب ظهور تقارير وأنباء من العديد من الجهات التي تشير إلى نسبة البطالة توقعاً فحسب على ما يبدو، فقد قرأنا لمعالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الصحيفة الاقتصادية بتاريخ 28/7/1421ه أن نسبة البطالة في حدود (10%)، كما اطلعنا على تقرير البنك السعودي الأمريكي الصادر بصحيفة الاقتصادية بتاريخ 27/5/1421ه أن نسبة البطالة (14%)، أما بالنسبة لي كباحث في الشؤون العمالية فقد رأيت أنه لا يوجد بطالة على الإطلاق في المملكة وذلك استناداً إلى المبررات التي أوردتها في مقالي في هذه الزاوية بتاريخ 20/6/1421ه فلم هذه التصريحات أو التقارير التي غالباً ما تبنى على توقعات!! أما ان كانت مبنية على دراسات وبحوث علمية، فإن كان الأمر كذلك فيفترض نشر ذلك لتعريف الجميع خصوصاً المهتمين بشؤون العمل والعمال عامة وسوق العمل على وجه الخصوص سعياً لبذل المزيد من الجهود بطرق علمية بحتة لمعالجة هذه الظاهرة لأنه كما يعلم الجميع أن الأمر إذا زاد حجمه خصوصاً بهذه النسب العالية يصبح ظاهرة، ناهيك عن التفاوت الكبير في الأرقام الأمر الذي معه يربك ساسة التخطيط لمستقبل التوظيف والتدريب, كما أن هذه النسب المنشورة يفترض حين الإعلان عنها أن تكون نسب محددة لكل نوع من أنوع البطالة لأن البطالة قد تصل إلى أربعة أقسام وهي (المقنعة المؤقتة النوعية المستديمة) ولا يمكن إطلاق كلمة بطالة على العموم لحيث أن هذا الأمر لا يخدم على المدى القصير أو البعيد مشاريع التوظيف والتدريب.
ولهذا يفترض الشروع الجاد والعالي في تطوير القواعد المعلوماتية لدى عامة هذه المؤسسات الحكومية وصولا إلى تحقيق منفعة كلية في سبيل النهوض بروح القرارات والأنظمة التي تصدر من وقت لآخر ويفترض أن تكون متاحة ومشاهدة بل ويسهل النيل منها عند طلبها ودون تحفظ أو رفض خدمة للدارسين والباحثين وأصحاب القرارات عامة.
للتواصل فاكس 4560386
|
|
|
|
|