| وَرّاق الجزيرة
قال أبو زكريا العنبري: علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم هذه النصحية اللطيفة والتشبيه الجميل الذي رواه لنا الخطيب البغدادي في كتابه الشهير الذي يتحدث عن سلوك المتعلم الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، وهو مطبوع عدة مرات وبأكثر من تحقيق.
والمهم في هذا أن هذه النصيحة تناقش موضوعا يحتاجه كل متعامل بالعلم والمعلومة، ويتمثل هذا التوجيه في أن العلم بمفرده لا يكفي، بل لابد وان يصاحبه الأدب والسلوك العلمي.
وحينما قرأت هذا النص أتى في مخيلتي صورة من الصور المرفوضة لدى فئة من المتعاملين مع العلم والثقافة وصنعة الكتابة، وهي ترك الأدب عند مناقشة المخالفة والرد عليه.
فمع كل أسف نجد أن بعض الكتب التي ألفت في جانب الرد ومناقشة الأفكار الأخرى قد أخذت مسارا جاوز حدود الرد إلى التهكم والسخرية والتقريع والمحاكمة مما جعل القارئ يظن أن الراد قد اخذ تصريحا وإذنا رسميا بالتلفظ بكل العبارات المناسبة وغير المناسبة، وكان وقوع الآخرين في الخطأ معناه أنهم أصبحوا لا يتكلمون إلا بالخطأ وان كل ما يصدر منهم مجانب للصواب، في حين أن الموضوع الذي يثار في النقاش لا يعدو سوى مسألة من كتاب مستقل يشكل عدة موضوعات فيها الصواب، ولا تخلو من الخطأ.
ومن أجل هذا كان العلماء القدامى يعرفون أهمية الأدب لطالب العلم والباحث فكانوا يرددون في مجالسهم أننا بحاجة إلى قليل من العلم وكثير من الأدب!!
ومن أبرز المناظر التي تستحق الاحترام أن تراثنا قد حفل بعشرات الكتب التي تتحدث عن أهمية السلوك المتعقل لطالب العلم في جميع مراحل حياته، بل نصت الكثير من هذه الكتب أن العلم لا يؤخذ عمن تخلى بمكارم الأخلاق وشيم الرجال ومحاسن الأعمال، لأن الخلق الحسن واجب علينا جميعا تجاه الجميع، وانه يجب علينا أن نعلم أن وقع غيرنا في الخطأ لا يعني ذلك أن يأتي أحدهم فيستعرض عضلاته عليه وان يصب عليه قاموس الشتائم لأنه وقع في خطأ علمي قد تكون المعالجة السيئة لهذا الخطأ أكبر من الخطأ نفسه!!
ولا يعني هذا التزهيد في مناقشة المخطئ بل هذا الواجب بل الأخطاء تتفاوت أحجامها وعليه تتفاوت الردود عليها، فمن يقع في خطأ في تحديد سنة وفاة أحد المتقدمين ليس كمن يقع في خطأ في نسبة كتاب إلى غير مؤلفه، وعليه فكل خطأ يستحق الرد والمناقشة لكن بالقدر المناسب.
بريد الوراق
إلى كل الأخوة الذين وصلت موادهم عن طريق البريد أو مناولة عن طريق صندوق الوراق في مبنى الجريدة سترى موادكم النور قريبا، ومنها المواد المرسلة من البابطين والقهيدان وابن رشيد، وللأخ نايف البراق الفاكس الذي أرسلت به لم يكن واضحا مع ملاحظة أن بعض التواريخ التي ذكرتم أنها مخطوطة هي في الحقيقة مطبوعة مثل كتاب الخبر والعيان، فأرجو معاودة إرسال المادة، مع الشكر للجميع.
|
|
|
|
|