| عزيزتـي الجزيرة
يمر الإنسان أثناء مراحله العمرية بتطورات، ومراحل حياتية عديدة، يتوالى نموها منذ الميلاد وحتى ما يسمونه بمرحلة النضج، ولكل منها ميزاتها، وحلاوتها، وقساوتها, تبدأ اللحظات الأولى من هذه المرحلة بمجرد خروج الإنسان إلى هذه الدنيا الفسيحة الواسعة، حيث يكون طفلاً صغيراً بريئاً، ثم شاباً يافعاً، قوياً وبمجرد مرور وتعاقب الأيام والليالي، مايلبث أن يقتاده الزمن إلى تلك المرحلة العمرية التي طالما أنكرها، وتجاهلها، وألغاها من وجوده، وأسرع بالهروب منها وإليها، وكأنه يهرب من وحش كاسر! يريد أن يفتك به ويكسر شوكته، وقوته، وجبروته، وهولا يعلم ان هذه المرحلة سوف تدركه، ويعيشها إذا طال به الزمن،وكتب له البقاء، ولم يقبضه ملك الموت، فيرضخ البعض منا تحت وطأة هذه المرحلة مرغماً ويستسلم لها وتراه وقد رسم الزمن على جسده الضعيف خطواته، ووضع بصماته، وخطوطه وعلاماته التي تنبىء بالضعف، والوهن، ودنو الأجل، والحاجة الماسة إلى معونة ومساعدة الغير، وشحذ العطف والرحمة، بعد أن كان ينبوعاً متدفقاً من المشاعر والعاطفة المشبوبة,نراه وقد انحنى الظهر منه، وشاب الشعر، ونحل الجسم، وارتعشت الأطراف، ومع ذلك فلديه العزيمة القوية، والمقاومة والنضال، والصمود في وجه الزمن وتضاريسه التي يرسم معالمها على خارطة وجهه, لماذا؟ من أجل البقاء، وحب الحياة، والتشبث بخيوط الأمل الرفيعة، التي تكون حافزاً له على الاستمرارية أما البعض الآخر منا فيتبع نمطاً معيناً يتعامل به مع تلك المرحلة، بحيث يعتمد على بعض الأمور التي تزيف الحقيقة وتقلب الموازين رأساً على عقب، فنراه يختبىء وراء ستور تلك المحسنات، والأقنعة المزيفة التي ينكشف عند سقوطها ما أخفي خلفها من مستور، وغطي من شيب وتجاعيد وضعف، ووهن اعتقاداً منه وهروباً من مواجهة الحقيقة الحتمية فيا خريف العمر هل ينسيني دفؤك الغدار الممات فما أجمل أن يعيش الإنسان عمره الحقيقي بحلوه ومره بدون خداع، أو زيف، أو تصنع,.
نوره ناصر الدعجاني
|
|
|
|
|