| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
لاحظت من خلال مطالعاتي فيما يكتبه الاخوة عن شهر رمضان المبارك في عزيزتي الجزيرة على وجه الخصوص ان البعض ينكر على الناس ميلهم أو ميل بعضهم إلى الهدوء والراحة في نهار رمضان، ينكرون ذلك باعتبار أن الصوم ليس مدعاة للخمول والكسل والتذمر بالعمل وبأعباء الحياة الأخرى,, الخ والواقع ان الصيام ماينبغي أن يكون مدعاة إلى شيء من ذلك خاصة عندما يكون العمل مجرد دوام موظفين يقضيه أحدهم في مكتبه أو يقضي معظمه يقرأ ماتيسر من المطبوعات وتبادل الحديث مع الزملاء أو الزوار والثرثرة في الهاتف على حساب جهة العمل وغيرها من وسائل تزجية الدوام وتمضيته فيما لا جدوى ولا طائل من ورائه ومالا تبرأ به ذمة ولايؤدى به واجب، ولايهون بعض المعلمين والمعلمات كثيري التذمر والآهات ومشغلي المدراء والمديرات بكثرة التأخر والغياب والإجازات شديدي الشبه في قلة الأداء ببعض منسوبي المكتبات هذه النوعية من العاملين ينطبق عليهم قول الرصافي:
فليس له من شغله غير أنه يعدد أياماً ويقبض راتباً |
ومع ذلك فما ينبغي أيضاً ان نغفل أن طبيعة الحياة في نهار رمضان تتطلب قدراً من الهدوء وقلة الحركة بمالايسبب الإخلال بأداء الواجبات الدينية أو الدنيوية اخذاً في الاعتبار مايبذله الناس الحريصون على المصالح الدينية والدنيوية من نشاطات إضافية في ليل رمضان من صلوات التراويح والقيام وفي مزاولة مختلف الأعمال التي أمكن مزاولتها بفضل المبتكرات التي وفرتها الحضارة الحديثة في كل مجال وتسببت في ظاهرة السهر الطويل الذي أثر بالضرورة على قدرة البعض على مقاومة النوم في النهار كظاهرة غير مرغوب فيها، لكن العمل والسهر ليس من مبتدعات الناس في العصر الحديث كما يظن البعض فقد ذكر الرحالة الأوروبيون ان من سمات المدن الإسلامية في العصور الوسطى كثرة المصابيح العامة التي تضيء طرقاتها ليلاً وكذلك كثرة الحركة طوال الليل وخروج أصحاب الحاجات إلى الأسواق لابتياع ما يلزمهم من زاد وطعام، كما وصف الرحالة ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري طريقة احتفال المصريين برؤية هلال رمضان بقوله: في يوم الركبة وهو يوم الركوب لرؤية هلال رمضان يجتمع فقهاء المدينة ووجهاؤها بعد العصر بدار القاضي ويركبون جميعاً ويتبعهم الرجال والصبيان حتى ينتهوا إلى مرتقب الهلال خارج المدينة فإذا عادوا بعد المغرب وفي أيديهم الشموع والمصابيح مضاءة دل ذلك على ثبوت رؤية الهلال وعندئذ يوقد التجار الشموع في حوانيتهم وتكثر الأنوار في الطرقات والدروب والمساجد حتى يتحول الليل نهاراً ولعل مايفعله الخلف الآن امتداد لأفعال السلف أعني الاشتغال في ليل رمضان كما لو كانوا في النهار.
مع الشكر والتقدير للأخ مسؤول عزيزتي الجزيرة
محمد الحزاب الغفيلي محافظة الرس
|
|
|
|
|