كان مؤشر السرعة يشير إلى المائة والخمسين,, تركيزه مشدود نحو الطريق المظلم,, وبين الفينة والأخرى يسترق النظر نحو ساعة السيارة,, يريد ان يسبق الزمن,, وما هي إلا لحظات حتى لاحظ نوراً أزرقاً يومض لايعلم من أين مصدره نظر إلى المرآة فوجد سيارة المرور بأنوارها المخيفة تختصر المسافة خلفه وتطلب منه الوقوف,, أخذ نفساً عميقاً وقال في نفسه,, أعانني الله على هذه الورطة ,, مشاجرة حادة ثم قسيمة مخالفة كالعادة,, فوراً خفف السرعة وتماثل للوقوف وسيارة المرور خلفه,, أبعد حزام الأمان من حوله ونزل من سيارته وفي نفس الوقت نزل رجل المرور وتقابل الاثنان,, فبادره رجل المرور:
مساء الخير يابني,.
تفاجأ الشاب من المنطق الجميل,, مساء الخير!,, ويابني!!,, عجباً,, أين نحن؟!
أهلاً,, مساء النور,.
الرخصة والاستمارة,, لوسمحت,.
أيضاً لو سمحت!؟؟ ,, أخذته برهة من الذهول,, ثم ذهب نحو سيارته وأحضر الأوراق,, تناولها رجل المرور,,وألقى نظرة فاحصة عليها,, والشاب مرتبك ويفكر كيف ستمضي هذه الليلة,.
يا بني ,, كنت تسير بسرعة عالية,, أتعلم كم كانت؟,.
في الحقيقة,, نعم,, أنا ,, يعني حوالي مائة وخمسين,.
ياعزيزي أنت شاب في مقتبل عمرك وبهذه السرعة أنت ستودي بحياتك للخطر,, أعتقد أنك في سن تسمح لك بأن تدرك خطورة السرعة.
ولكنني كنت أريد أن الحق ,, ب,.
بسرعة كهذه قد لاتلحق بشيء أبدا,, بل ستلحق بالموت,, إننا هذه الأيام نقوم بالتوعية المرورية والتي شارفت على الانتهاء,, وبالرغم من ذلك قلة تصرون على المخالفة,, إننا لانريد إزعاجكم ولكن نريد توعيتكم وسلامتكم,, السير بأمان هو هدفنا,, يا ابني السرعة هي السبب الأول لمعظم الحوادث المميتة,, و ,, رجل المرور يتكلم والشاب خجل من نفسه ومن هذا الكلام المنظم المحترم,, ويفكر أيعقل ان يكون هناك رجل مرور بهذه الصورة وبهذا المنطق.
الآن خذ أوراقك واذهب,, وأرجو ان تحافظ على حياتك,, وتحرص عليها كما نحن حريصون عليها,, وأتمنى لك التوفيق دائماً.
شكراً ,, شكراً جزيلاً,.
لقد ذهب الشاب,, وهو خجل من نفسه ومن هذا الموقف الذي لم يتوقعه أبداً من رجل مرور,, والذي جعله يقطع على نفسه عهداً ألا يتجاوز السرعة القانونية مهما كانت الظروف لكي لايقع في موقف محرج كالذي مر به.
هذه القصة وقعت فعلاً لأحد الأصدقاء,, وأوردتها كما حدثت,, وتفاجأت وذهلت كما ذهل صديقي,, ولم أكن أصدق أبداً أن يصل رجل المرور إلى هذه الدرجة من الوعي وحسن التعامل مع الجمهور وأخذهم باللين بدلاً من الفظاظة وسوء التصرف ورفع الصوت المعتادة ولكن يذهب العجب عندما يعرف السبب كيف لايذهب والفريق أسعد عبدالكريم يقف خلف كل هذا الإنجاز لقد بدأ برجاله قبل المواطنين، أصلح الداخل ثم بدأ بإصلاح الخارج,, بالرغم من وجود العديد من النواقص والمخالفات التي يقوم بها رجل المرور ولكن من يعرف رجل مرور ما قبل الفريق أسعد عبدالكريم ومابعد,, سيجد ان الفرق شاسع والاختلاف بائن,, وكلي تفاؤل ان يأتي اليوم الذي نتعامل فيه مع رجل مرور مثالي لاتشوبه الشوائب,, والفريق اسعد عبدالكريم يضرب بذلك أروع الأمثلة لأي جهاز حكومي بأن التغيير ممكن عندما يكون هناك أناس جادون يعملون للوصول للهدف.
نتمنى من صاحب كل كرسي دوار أن يجعل الفريق أسعد عبدالكريم وإنجازاته نصب عينيه,, ليعلم ان التخلص من معظم المشاكل المستعصية ليس مستحيلاً.
عبدالعزيز النخيلان الشمري حائل
|