| مقـالات
* هي ليست فاتورة واحدة بل اثنتين وثلاث وأربع,, والحبل على الجرار,, ارقامها الشهرية المخيفة، تلتهم المداخيل، وتضغط بعنف على معيشة الأسر المتوسطة الدخل فما بالك بأسر فقيرة تتعامل مع الكهرباء والهاتف والماء مثل تعاملها مع الخبز الذي يلزم حضوره على المائدة لكي تستمر الحياة.
* اذا قلنا إن شركات مثل الكهرباء والهاتف تغالي في الطلب، وترهق المستهلكين، برسوم مرتفعة,, للاستهلاك والخدمة والغلق والصيانة والتأمين والاشتراك,, ورسوم اخرى غير واضحة وغير مبررة,, وغيره وكأنها تسعى للحد من قبول المزيد من العملاء، والحد من التوسع في خدماتها لأهداف نجهلها، اذا قلنا مثل هذا القول فنحن لا نتجنى عليها، لأن الكهرباء على سبيل المثال، لا تكتفي برسوم الاستهلاك الشهرية العالية، لكنها تبتز المشتركين منذ ما قبل ايصال الخدمة اليهم,,!
فهي تقبض ما يسمى تأمين عداد,,! هذا التأمين يأتي في خانة الآلاف، وقد تخطى في احدى المرات العشرة آلاف ريال للعداد الواحد، لولا تدخل الدولة لصالح المواطنين.
وهي تستوفي تكلفة الحفر والمد والكيابل وحتى المسامير، وشطرطون اللف، من المواطن الذي لم يدخل بعد خانة المستهلكين، فاذا دخل هذه الخانة اصبح العداد الذي يفترض انه ملك له، لأنه دفع ثمنه مضاعفا، أصبح دجاجة تبيض ذهبا لهذه الشركة، ذلك ان فواتيرها الشهرية تحتوي الى جانب التهديد والوعيد والنذير بفصل التيار، رسوم خدمة تبدأ من عشرة ريالات، ولا تتوقف عند حد معين,,! وهناك عقوبات قفل واعادة خدمة,, وغير ذلك، وواقع الحال ان هذه الشركة المحترمة تضيف رواتب موظفيها الى فواتير عملائها في شكل رسوم خدمة وقراءة عداد,,! وعليكم ان تحسبوها اذا شككتم في كلامي,,! والمواطن الذي دفع كل تكاليف ايصال الخدمة، ومنها القيمة المضاعفة للعداد، هو ايضا لا يملك ان يتصرف في هذا العداد,,، لأن هذا العداد لو تعرض للتلف والعطب لأمر من الأمور، فالمستهلك مكره على الدفع من جديد,,! فلا يكفي الشركة انها تبتز هذا العميل من يوم ولادته حتى مماته,,! فاذا ولد احدهم وفي بيته عداد يفترض انه ورثه عن أبيه,,! فهو يدفع للشركة في المتوسط 15 ريالا رسوم خدمة وهي تساوي 180 ريالا سنويا، واذا كتب الله له الحياة حتى سن الستين عاما، فيكون قد دفع للشركة 10800 ريال، ووالده دفع ذات القيمة من قبل، ثم يتولى المهمة ابنه من بعده,,!
* أما الهاتف، فيكفي ان نعرف ان الشركة التي تقوم على خدمته في دولة فقيرة صغيرة مثل اندونيسيا على سبيل المثال، لا تتقاضى من عملائها رسوم تأسيس، او ما تسميه شركاتنا المبجلة,, تأميناً ، ورسوم الاستهلاك أقل بكثير مما عندنا، وليس هناك عقوبات او جزاءات تبشر بها الفواتير في كل مرة تزور فيها العميل، وخدمة الجوال، تقدم بدون رسوم او اشتراك، وفواتيرها هينة، ولا يتكلف المشترك اكثر من قيمة الجهاز من السوق، وهي ليست بالعالية، ومن أراد استخدام الجوال لخدمة الاستقبال فقط فهذا من حقه,,! هل مثل هذا او بعض منه لدى شركة الاتصالات السعودية، التي تحتكر السوق السعودية الكبيرة، وتدعي انها الأقل تكلفة وانها الأفضل,,؟!
* يوجد مغالاة كبيرة في رسوم استهلاك كل من الكهرباء والهاتف والجوال، ونحن في مثل هذا الامر عادة نستنجد بالدولة التي هي الام الرؤوم الحانية على مواطنيها في كافة المواقف، فنجدها حاضرة، ونطلب ان تتدخل لصالح المواطن المستهدف بهذه المغالاة من شركتي الكهرباء والهاتف، ولصالح الشركتين نفسيهما، حتى تستمر العلاقة بينهما وبين عملائهما طبيعية، مثل بقية الشركات والعملاء في الدول المجاورة والأخرى المماثلة لنا.
* وهناك هم آخر يضاف الى هم المغالاة في الطلب، وقع ويقع كل يوم، على كاهل المواطنين، ألا وهو هم التسديد ,,! فالشركات وبعض الجهات، تحاول التنصل من خدمة المواطن والعميل والمشترك، فتحيل هذا الشرف ,, الى جهة أخرى,, فشركة الكهرباء، بدأت بتجربة التسديد عن طريق البنوك منذ سنوات، وهذا من حقها، ثم تبعتها شركة الاتصالات، ثم جاءت مصالح المياه لتأخذ بالتجربة ذاتها، ثم يضاف الى القائمة، مصالح وجهات حكومية، مثل البلديات والمرور والشرط وغيرها، وبدأنا نرى طوابير المنتظرين للتسديد أمام البنوك، حتى وصل صف منتظرين,, طابور ,, رأيته بعيني الى الشارع العام، والكل يتأفف ويتذمر لأنه ترك عمله وارتباطاته ووقف هنا وقتا طويلا، خوفا من التهديدات التي تحملها الفواتير ,,! والكل يحدث نفسه: ماذا لو عاد الى داره فوجدها مظلمة,,؟ والهاتف لا يعمل,,؟ والماء لا يصب,,؟ وقس على ذلك بقية الطلبات؟
* البنوك تشكو من هذه الاحالات عليها، ويبدو انها تعاقب المسددين بالتأخير وقد تكون طاقاتها محدودة امام هذه الطوابير المصطفة، ولذلك لجأ بعضها الى تخصيص ساعة او ساعتين من وقت الصباح لهذه المهمة التي لا يقوم عليها أكثر من موظف واحد في العادة.
* لماذا تلجأ الكهرباء والاتصالات والمياه لتعذيب العملاء والمستهلكين، وهم اصحاب حق، وهم الأساس في وجود شركتين عملاقتين تعد رؤوس اموالهما بعشرات المليارات من الريالات,,؟ واذا كانت البنوك غير قادرة على خدمة المسددين بشكل جيد ومرضٍ لماذا لا تتدخل الشركات والمصالح لحماية عملائها من هذا الوضع المزري,؟ ألا يوجد عقود واضحة بين الشركات والبنوك في هذه المسألة تراعي حقوق العملاء,,؟ أليس من الأفضل في مثل هذه الحالة اعادة فتح مكاتب استقبال المستحقات، مثل ما كان سابقا,,؟ فهو وضع على ما كان فيه من نقص الا انه أرحم مما يجري اليوم أمام شبابيك البنوك,,؟!
* مرة أخرى,, نستنجد بولاة الأمر في حكومتنا الرشيدة، لإعادة النظر في شكل العلاقة التي تربط المواطنين بشركتي الكهرباء والاتصالات على وجه الخصوص، فهي علاقة فُصِّلت على ما يبدو من طرف واحد، وظل الطرف الآخر يدفع باستمرار دون مراعاة لحقوقه او ظروفه او نوع الخدمة المقدمة له.
فائدة لغوية
* لفظ فاتورة ، لم يرد في لغة العرب، ولم تشتمل عليه معاجمهم اللغوية، وذكر فقط في المنجد، دون تجذير لفظي، على انه مصطلح تجاري, كما ان مجمع اللغة العربية في القاهرة، وهو من أقدم المجامع العربية، لم يتطرق اليه ضمن ما عرب من مصطلحات في المعجم الوسيط، وجاء القول الفصل في معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة لمحمد العدناني الذي ذكر متفقا مع ما جاء في محيط المحيط بأن لفظ فاتورة كلمة افرنجية ليست من أصل لغة العرب، وان من يستخدمها يكون مخطئا، والبديل لها هو : بيان الحساب، او ورقة الحساب .
* وبما ان: ورقة الحساب، أو بيان الحساب مصطلح طويل لا يتناسب مع حركية التعامل اليومي في مسألة تجارية فهل نجد بديلا صحيحا من لفظة واحدة، وهل في الامكان تعريب لفظة فاتورة .
* لعل لفظة فاتورة تختفي ذات يوم فتختفي معها مغالاة الطالبين ومعاناة المطالبين.
فائدة أخرى,,؟
* طابور ,, تعني مجموعة من الناس يقف الواحد منهم خلف الآخر في صف طويل، وهي كلمة أعجمية تسربت الى العربية من العهد العثماني، ثم نبذها المعلمون العسكريون، ووضعوا اسما عربيا مألوفا في تدريبات المقاومة الشعبية اوان ذاك هو: القطار فلو قلت اعلاه: يصطفون في قطار ماذا يفهم بعض القراء من هذا,,؟
hammadalsalmi@yahoo.com
|
|
|
|
|