| عزيزتـي الجزيرة
فجع الوسط العلمي بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالقصيم ليلة الاثنين الماضي بفقد احد اركانه ورموزه الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الحميدي والذي لم يتجاوز الخمسين خريفاً.
خبر وفاة الدكتور العزيز نزل كالصاعقة على زملائه وطلابه ومحبيه حيث خرج الجميع مشيعين بعيون دامعة وألسن تلهج بالدعاء بأن يتغمده الله برحمته وأن يدخله فسيح جناته اللهم آمين يا رب العالمين, والدكتور عبدالله اصيب يوم الاربعاء اي قبل وفاته بأربعة ايام بجلطة دماغية بعد يوم علمي وعملي حافل بالعطاء والتفاني في سبيل العلم.
كان رحمه الله بقية باقية من علماء المسلمين الجغرافيين فعندما تراه تتذكر الادريسي وابن حوقل والبيروني, وعندما تناقشه وتسمع اليه تقول يا سبحان الله انه مدرسة جغرافية تربط بين المتقدمين والمتأخرين من الجغرافيين المعاصرين.
كان رحمه الله مثالاً في الخلق والتواضع وكان رائعاً في التعامل والتفاني والبذل في وقت قلما تجد فيه من يبذل ماله ووقته للعلم,, وخذ امثلة فقد قضى ست سنوات في اعداد رسالة الماجستير عن مدينة القطيف وكلفه البحث 100,000 ريال بين تنقلات وجمع مادة علمية فأخرج لنا مرجعاً رائعاً في جغرافية المدن ثم بذل قريباً من هذا المال وفي ست سنوات أخرى في اعداد رسالة الدكتوراه الجغرافية الطبية لمدينة الرياض فأخرج لنا عملاً علمياً في طريقه للطباعة وأطلب من الجامعة سرعة اخراجه ليرى النور.
كان يقضي جل وقته امام الحاسوب بما يعادل يومياً ثماني ساعات وساعات اخرى بين الكتب والمصنفات, كان يقول لي ان والدته تدعو لمن يزوره لكي يعطى قسطاً من الراحة اي ان والدته تشفق عليه من البحث والقراءة,وفعلاً يخرج اليك ايها الزائر وكأنه قد خرج من منجم ذهب، فلا ترجع من زيارته الا وأنت محمل بكتاب او مقالة او بهدية وبمعلومات قد لا تجدها الا في مجلسه الحافل بالنقاشات العلمية الثمينة,.
ضيوفه اما استاذ استعصى عليه مسألة او طالب يحتاج لشرح معلومة او قريب يبحث عن مشورة او فقير يبحث عن مسألة وكل يخرج وقد نال من ابي عبدالعزيز ما جاء من اجله وهو يودع الجميع بابتسامة وفرح, ان قلت جغرافي فهو ذلك الفارس المغوار في هذا الميدان ولا منازل وان قلت طبيب فلم تخطئ بسعة معارفه الطبية، وان قلت نحوياً وأدبياً فهو كذلك وان قلت كاتباً صحافياً فله وجوده, وباختصار كان عدة رجال في جسم نحيل هده البحث وأضناه السهر من اجل العلم ومتابعة كل جديد.
اخيراً انصح القارئ الكريم بأن يقرأ ثلاثة مجلدات اعدها الدكتور في تقويم لمناهج الجغرافيا في وزارة المعارف والتي يعجز عن اعدادها فريق علمي لعدة سنوات وصرف عليه الملايين,من آخر اعمال فقيدنا الغالي حضوره مؤتمر الرحلات والذي اعد فيه متابعة حرفية للترجمة العربية لكتاب احد الرحالة الانجليز والذي يقع في مجلدين وقد كان الفقيد دقيقاً وحازماً في تصحيح الاخطاء العلمية في المصنفات الجغرافية والتاريخية وقد كتب في ذلك الكثير من المقالات والخطابات,نعم لقد افتقدنا كنزاً علمياً ومثلاً يحتذى به، وأطلب من اقارب ومحبي الفقيد أن يرصدوا لنا حياته في كتاب يقرؤه الناس وأقترح على جامعة الامام الموقرة أن تتولى طباعته كرد لبعض الجميل لهذا البطل الذي رقد تحت التراب بعد ان ترك لنا ثروة علمية لا يستهان بها,, والى الملتقى في جنات الفردوس يا ابا عبدالعزيز,, آمين,, آمين.
د, أحمد بن محمد الشبعان قسم الجغرافيا بالقصيم
|
|
|
|
|