| متابعة
كان الادعاء في العام 1917م، أنه من الضروري الحصول على مساعدة يهود العالم، لكسب المزيد من التأييد لصالح الحلفاء، ضد دول المحور وذلك خلال الحرب العالمية الأولى, وكان الادعاء أيضاً أنه لاجتذاب اليهودية العالمية الى صفّ الحلفاء، لابدّ من اصدار وعد، وكان الوعد كما هو معروف وعد بلفور المشؤوم, وأما قائل هذه الكلمات فهو لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الزمن, ومن قراءة التاريخ يتبين القارئ أن ليس غريباً على أبناء الأمة العربية مثل هذا التصريح، لأنه يتطابق تماماً مع سلوك الغرب عموماً، أيام الحرب العالمية الأولى بين عام 1914 1918, ودليلنا إلى ذلك صدور المنشور الرسمي الذي أذاعه الجنرال بولز قائد القوات الحليفة في الشرق في الثاني والعشرين من شهر تشرين الأول 1918م، حول تقسيم سورية إلى ثلاث مناطق شرقية وجنوبية وغربية، قبل الإعلان عربياً عن رفض المنشور والتصريح، وكل البيانات التي رافقت مسيرة الحرب العالمية الأولى، التي وعدت ولم تف بما وعدت به، أو تلك التي تحدت مشاعر سكان المنطقة باللجوء الى اخضاع الأرض ومحاولة اخضاع الإنسان فيها لإدارة الخارج.
وبطبيعة الحال، فإن موقفا كهذا ما كان ليمرّ مرور الكرام، فجاءت الدعوة من إدارة النادي العربي في حلب، لإقامة ملتقى سياسي في الحادي عشر من تشرين الثاني من العام 1918م، شارك فيه لفيف من المتنوّرين والعاملين في الحقل السياسي الوطني، وكان شعار الملتقى: تسقط الصهيونية، يحيا العرب.
وفي ركن من القاعة كان العلم العربي علم الثورة العربية يزينه مثلما كان يزيّن القاعة ذلك الوجود المناهض لسياسة القهر واخضاع الشعوب لإرادة اعدائها, وحين أنهى الملتقى أعماله في الثاني والعشرين من الشهر، أصدر بيانه المتضمن: ان سورية وحدة لا تتجزّأ ارضا وشعباً, ان سورية وفلسطين وكل بلد عربي وحدة تاريخية ونضالية، وسوف يُسقط شعب سورية كل الاتفاقات والوعود التي ابرمت أو أعطيت لخصوم الوحدة الوطنية والوحدة العربية.
بمثل هذه الروح وبمثل هذا التوجه وبمثل هذا التصميم، انتصرت إرادة أبناء الوطن، وتحقّق استقلاله، وأيضاً في إطار هذا الموقف النضالي المستمرّ، لابد أن تنتصر إرادة الذين ينضوون تحت راية المواجهة مع الصهيونية في ايامنا هذه، حيث سياسة الاقتناص التي تتبعها في بعض المواقع العربية، تتواصل بهدف تحقيق ما لم يتحقق بالأمس البعيد، أو تحقّق جزء منه وهو تفتيت الأرض العربية وتمزيق أوصالها الى نتف يصعب لملمتها بعمل سهل، أو بالنوايا الطيبة وحدها.
وإذا كنّا نستذكر هذا القول فقط كي نلقي الضوء، بشكل أو بآخر على تأثير اللوبي الصهيوني في بعض مراكز القرار الدولية، حتى لا يظن المواطن العربي ان المعركة هينة مع أعداء الأمة العربية، وإنما هي معركة تفرضها عقلية العدو والمتشبثة بسياسة استغلال القوى العالمية وتسخيرها لتحقيق اغراضها التوسعية، ضمن الرؤية التوراتية التي تنادي بإسرائيل من الفرات الى النيل, ترانا نحن العرب نحسن الإفادة من الماضي قريباً كان أم بعيداً,؟
د, إسكندر لوقا
|
|
|
|
|