| أفاق اسلامية
* كتبت/ شيخة القحيز
تلاوة القرآن من أفضل العبادات، وأشرف القربات، ويقول الله تبارك وتعالى: إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل, وكان يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن,.
ومن هذا المنطلق فانه ينبغي على المسلم والمسلمة مدارسة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك أكثر من أي شهر آخر.
فكيف نوجه أنفسنا وأولادنا إلى ذلك رغم كثرة الملهيات في هذا العصر والتي منها الفضائيات وغيرها, كان ذلك محور ما طرحته الجزيرة على عدد من الأخوات المختصات في الدراسات الشرعية.
دورة الليل والنهار
في البداية تحدثت الدكتورة/ وفاء العساف من قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قائلة: إن من نعم الله علينا أن جعل لنا مواسم نجدد فيها إيماننا، ونعيد حساباتنا، ونصحح أخطاءنا, ومما يثلج صدر المؤمن أن جعل الله هذه المواسم تبدأ بدورة الليل والنهار حتى تشمل الشهور والسنين وفي ذلك يقول تعالى: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا .
أي لمن أراد أن يتذكر بهما ويعتبر ويستدل بهما على كثير من المطالب الإلهية، ويشكر الله على ذلك، ولمن أراد أن يعوض مافاته من وِرد الليل أو النهار، والقلوب تتقلب وتتنقل في ساعات الليل والنهار، فيحدث لها من النشاط والكسل، والذكر والغفلة، والقبض والبسط والإقبال والإعراض، فجعل الله الليل والنهار ليتواليا على العباد ويتكررا، فكلما تكررت الأوقات أحدث للعبد همة غير همته التي كانت في الوقت المتقدم, فزاد في تذكرها وشكرها، فوظائف الطاعات بمنزلة سقي الإيمان الذي يمده, فلولا ذلك لذوي غرس الإيمان ويبس من تفسير السعدي ص 586.
واستطردت د, العساف قائلة: من اجل هذا كان لابد ان نوجه انفسنا واولادنا للنظر في سلوكنا، ولابد من قناعتنا بأن هناك خللاً في علاقتنا مع رب العالمين، وقصورا في تحملنا الأمانة التي حملنا الله إياها, وابرز مظهر من مظاهر الخلل والقصور هو هجران القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً طوال السنة ذلك الهجران الذي اشتكى منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا), الفرقان (30).
وحتى يحيى القرآن في قلوبنا وعقولنا فإننا نحتاج الى تربية جادة، وعزيمة صادقة لتقوية العلاقة بيننا وبين خالقنا بالحرص على العبادات وإحسانها والمداومة على النوافل، ونحتاج إلى استشعار قيمة الوقت والحرص على صرفه في النافع والمفيد، وإن الوقت أغلى من ان يُصرف في مشاهدة الفضائيات أو إضاعته في الملاهي والملذات لأن الأعمار تمضي، وسنقف يوم الحساب لنسأل عن كل دقيقة فيم كانت وكيف كانت.
كما يجب علينا ان ندرك تماماً جهود الأعداء ومخططاتهم لإبعادنا عن ديننا وانسلاخنا منه، عبر الفضائيات وغيرها فنحاول إبعاد أطفالنا ومن تحت أيدينا عنها، وتربيتهم بمنأى عن هذه السبل، ونغرس فيهم الحرص على الأوقات، حتى يصبح حرصهم على أوقاتهم أكثر من حرصهم على دراهمهم ودنانيرهم.
وبهذا يصبح تحديد وِرد يومي لقراءة القرآن والمحافظة عليه مهما كانت الأشغال والمهمات امراً مرغوباً فيه، وتصبح العناية بالأولاد وحثهم على قراءة القرآن وحفظه وفهمه والتخلق بأخلاقه عملاً مسلماً، ويصبح التسابق في عمل الخيرات سمة بارزة لكل أفراد الأسرةوأختم كلامي بقول ابي موسى الأشعري حين قال: إن هذا القرآن كائن لكم ذخراً أو كائن عليكم وزراً، فاتبعوا القرآن ولايتبعنكم القرآن فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم .
مدرسة رمضان
أما الاستاذة شريفة السنيدي المحاضرة بقسم العقيدة بكلية اصول الدين بالرياض فتقول: شهر رمضان مدرسة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم يجب عليهم ان يقفوا كلما حل هذا الشهر المبارك وقفة تأمل ومحاسبة على مستوى الافراد وعلى مستوى الأمة عامة ليس عبثاً أن يشرع لنا صوم هذا الشهر والتسابق إلى الخير ومن اعظم الخير قراءة القرآن، ولي هنا وقفة:
القرآن دستور الأمة، ومرجع أفرادها، فإذا حل هذا الشهر تذكرنا موقفنا من هذا الدستور, قال تعالى على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وليس الهجران هو هجران التلاوة فقط حتى نحرص على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار بل هذا مظهر واحد فقط من مظاهر الهجران، واعظم منه هجران العمل به والتحاكم إليه وهذا هو سبب شقاء الأمة وتسلط الأعداء عليها فكم من تالٍ للقرآن وهو هاجر للعمل به فيكون القرآن حجة عليه لا له, إذاً نعود الىواقعنا ونحاسب أنفسنا هل حكمنا القرآن وعملنا به أم الأمر يحتاج الى مراجعة.
ثم ان ضياع أوقات هذا الموسم المبارك امام الفضائيات أو غيرها لهو من اعظم الغبن والخسران وهو أثر من آثار هجر القرآن لأن القرآن يأمرنا بغض البصر والحرص على الوقت وعمارة الأرض بعبادة الله هذه الغاية التي خلقنا لأجلها.
وأكدت شريفة بانه يجب على الافراد خصوصاً والأمة عموماً نزع الازدواجية المميتة التي نعيشها ونستفيد من حلول شهر رمضان بالرجوع الى الله عز وجل وتصحيح الواقع، ونبذ كل ما خالف الشرع نبذاً حقيقياً ولا نكون كمن ذمهم الله عز وجل في كتابه من أهل الكتاب (نؤمن ببعض ونكفر ببعض) فبعض الناس يعتقدون أن العبادة كالمراسيم الوقتية فإذا أتى شهر رمضان سارعوا إلى الصلاة والتراويح وتلاوة القرآن دون ان يغير ذلك في واقعهم البعيد عن رضي الله عز وجل أي شيء ويعتقدون أنهم حازوا على الدرجات، وهؤلاء لم يفهموا حقيقة الإسلام ولا حقيقة العبودية لله رب العالمين المتمثلة بقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
النفس أمارة بالسوء
وتقول الأخت/ هدى الغشيان المعلمة بالمتوسطة الحادية والعشرين بالرياض في بداية حديثها,, ان النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، وللصيام اثر في تهذيب النفس فهو يربي في الإنسان الصبر وضبط النفس وقوة الإرادة.
كنا نجاهد النفس عن الأمور المباحة فمن الأولى مجاهدة النفس عن الأمور غير المباحة او المكروهة في وقتنا الحاضر لوسائل الإعلام والقنوات الفضائية تأثير مباشر وسريع.
إذاً فالتركيز اولاً على وسائل الإعلام.
أما الدور المهم والأساسي فهو للمربين.
فعلى الآباء حث الابناء على الاعمال الصالحة والمستحبة والمحافظة على الوقت في هذا الشهر الكريم.
فهنيئاً لمن ختم القرآن الكريم مراتٍ وحث على تلاوته وحفظه وشجع تشجيعاً مادياً ومعنوياً.
وهنيئا لمن وضع مكافأة لمن صلى صلاة التراويح كاملة في المسجد وحافظ على الصلوات كاملة.
وهنيئاً لمن حث على فعل الخير من صدقة وإفطار صائم أو غيره وللمساجد والمدارس دور مهم ايضا في الترغيب في عمل الخير وتنظيم الوقت وحث على الأعمال المستحبة.
فتوعية المجتمع عامة يساعد في التوجيه والإرشاد.
فلنسارع لاستغلال هذا الوقت ولنسارع لفعل الخير ونتذكر الحديث الشريف كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
أين الاستعداد الصحيح؟!
أما الأخت هدى الراشد المعلمة بنفس المتوسطة السابق ذكرها,, فقالت: انه يستعد ملك الموت من كل عام قبل مجيء رمضان لأخذ اعداد كبيرة من ارواح البشر، وكثير منهم في ذلك الوقت بالمقابل يستعدون للبس الجديد والطعام الجديد ومشاهدته في الغزو الفضائي,, فأين الاستعداد الصحيح والعمل؟!
وتمضي في حديثها قائلة: يأتي رمضان ويذهب ولايذكر أحدهم على اي شيء انتهى ذلك الشهر,, ياخسارة على كل دقيقة من ايام شهر رمضان بدون ذكر او عبادة الا يعلم أكثرهم ان العمل الصالح فيه مضاعف وأن العمر يمضي وقد لا نلحق برمضان القادم.
إن الأصوات الداعية الى تقوى الله في وسط هذا الخضم الكبير من الغزو الحامل معه كل قاتل لكل خوف من الله وخشية من عذابه مثل الهمس داخل ضوضاء السيارات.
أتمنى من الله ان يعيد كل انسان مسلم حسابه من جديد ويسأل نفسه ماذا قدم من عمل خير قد لا يقدر عليه في العام المقبل.
جعلنا الله من قوامه وصوامه ويعيده علينا أعواما طويلة ويزيل من على أعيننا غشاوة التعلق بملذات الدنيا.
|
|
|
|
|