| مقـالات
لعل ما يميز هذا الشهر الفضيل عن غيره من بقية الشهور كونه ذلك القلب الكبير الذي يحتوي الجميع، وذلك الخير الفسيح الذي يستوعب الكثير، بل ذلك المكان والوقت الذي يكثر فيه التقاء الأحباب والأصحاب ولم الشمل الأسري والقرابي وتوطيد الصداقات وتحسين العلاقات حيث لا مكان لحقد ولا ضغينة.
هذا الشهر، حيث الاتفاق لا الاختلاف، وحيث العطاء لا الأنانية، وحيث الحب لا الكره، وحيث الشعور بالآخرين والإحساس بهم وحيث الاعتراف بالخطأ والرغبة في تصحيح أخطاء الماضي والتخلص من كل شيء إلا من إنسان صافي القلب والسريرة، إنسان راض عن نفسه ومرضي عنه من ربه, إنسان يعرف أن هناك واجبات كثيرة عليه تجاه مجتمعه المعطاء الذي أعطى وما زال يعطي وبحاجة لمن يرد إليه الجميل مهما كان بسيطاً أو قليلاً، المهم الاحساس بالواجب تجاه أصحاب الفضل أينما كانوا ومهما كانوا.
صحيح أن ما بيننا أقوى من أن نفكر في شيء اسمه فراق، ولكن ظروف الحياة قاسية لا ترحم ولا يمكن التنبؤ بها والشيء الآخر أننا لا نقصد بالفراق هو ذلك الفراق الأبدي لا قدر الله ولكن ما بيننا من علاقات قوية وصداقات متينة وما نشعر به من حب جارف صادق تجاه بعضنا يجعل حتى للفراق الوقتي الذي لا يتجاوز أياماً يجعله في نظرنا فراقاً أبدياً, لأننا لم نتعود أن نفترق ليس مكانيا وحسب بحكم المسافات المكانية والزمانية التي تفصلنا عن بعضنا، بل روحياً أيضا من خلال التفكير في بعضنا وفي مصيرنا ومستقبلنا وفي تلك المشاعر المشتركة والأحاسيس المتبادلة التي أضحت إنسانا واحدا وروحا واحدة تتحدث بلغة واحدة مشتركة فيما بينها هي لغة الحب الصادق ولغة المشاعر الفياضة ولغة العيون الفاضحة.
وحقيقة الأمر، فنحن كبشر بحاجة من وقت لآخر لكي نذكِّر بعضنا بأن نظل بالقرب من بعضنا، بحاجة لأن نضع أيدينا بأيادي بعضنا لكي نشعر بالقوة ونتعاون على الخير، وعلى كل ما من شأنه ان يزيد من أواصر الحب بيننا.
فأحيانا وهذا ليس بمستغرب يحدث ان نختلف فيما بيننا، أن نتشاجر أن نتحامل على بعضنا لدرجة قد توصلنا إلى القطيعة النهائية بعد أن كنا يوما نعتقد أنه لا مكان في هذه الحياة سوى لنا ولصداقتنا ولحبنا.
ويحدث أحيانا أن يدخل بيننا من يريد ان يفرِّق شملنا، ومن يكره أن يرانا على وئام، بل من يحرض بكل ما أوتي من قوة ونفوذ أن نكون في حالة خصام دائم، فهل ينتج لمثل هؤلاء الحاقدين الغيورين أن ينالوا منا ومن حبنا ويفرقوا بيننا.
يحدث أحيانا أن نعاهد ونوعد بعضنا بأن نطمئن بعضنا على بعض، ومع ذلك لا نوفي بوعدنا للطرف الآخر الذي يعيش في قلق تجاهنا وفي انتظار من أجلنا بل من أجل كلمة بسيطة منا تشعره أننا بخير ومع ذلك، ورغم تعبنا النفسي وخيبة أملنا نلتمس له العذر، بل الأعذار لأننا ببساطة شديدة وبأمانة أشد لا نعرف حتى أن نغضب منه وان كان في داخلنا عتاب بسيط عليه لأننا نحبه بصدق ونشتاق إليه ومن يحب يلتمس الأعذار لمن يحب مهما طال انتظاره له ومهما كثرت وعود الآخر دون طائل, ولكن السؤال إلى متى سنظل نقاوم قسوة انتظارنا له وسماعنا لصوته ورؤيتنا له؟!
ترى هل ما نقوم به مثالية زائدة مفرطة؟ إنك لا تملك إجابة شافية محددة ولا أحد يملك ذلك الرد المقنع سوى القلب نفسه، سوى هذا الجزء البسيط جداً في حجمه والكبير جداً في معناه ولكن هل يشفي غليلنا وهل يريحنا؟ إنه سؤال محير بالفعل!
لا شك أن الفراق شيء صعب على كل قلب محب صادق ومخلص ولكن رغم من تشعر به أحيانا من حالة فراق لمن نحب فإنه ما يزال هناك بقية من أمل ما زلنا في بداية الطريق ولم نصل إلى نهايته بعد ولا حتى لمفترقه! فلماذا نحرق قلوبنا الصادقة بألم الفراق وهي تشبع بعد الاجتماع مع من تحب وتهوى؟
لم نكوي قلوبنا بنار اللوعة والأسى؟ ولم نرسم معالم الحسرة مبكراً وكأن العالم قد انتهى وبإمكاننا أن نضيء الطريق شموعاً وأن نملأ جنباته فلاً ورياحين؟
ولم نرى المستقبل الواعد بعيون غيرنا، بعيون المتشائمين بعيون الحاقدين وبعيون الكسالى والخاملين وبأيدينا أن نرى المستقبل بأعيننا نحن وبشكل مباشر ودون وسيط؟
ألا يكفي أنك المستقبل الجميل والصورة المشرقة والأمل الواعد لكي أحرص على أن أبقى معك دوما ودون شريك؟ لكي أطلب منك ألا نفترق؟ لكي أشعر بأنني أملك أغلى هدية؟
همسة
كثير من الأوقات,.
أفتقد نفسي,.
وأحن إليها,.
فأجدها قريبة مني,.
لمجرد أن أتذكرك,.
لمجرد أن يمر طيفك بخيالي,.
***
كثير من الأوقات,.
لا أعرف ماذا أريد,.
إلا من شيء واحد,.
هو أنني أحتاجك بشدة,.
لا أستغني عنك لحظة!
في كل مكان أكون فيه!
***
بل كثير من الأوقات,.
لا أعرف من أنا,.
فأكتشفها فقط,.
حينما أجدك بجانبي,.
تشعرني بالثقة في نفسي,.
كعادتك معي دوماً.
***
هو مطلب واحد,.
ليس لي سواه,.
لا أطلب غيره,.
أن نتفق ألا نفترق,.
أن نكون سوياً,.
لأننا هكذا كنا,.
وما زلنا كما نحن,.
قويين بإيماننا,.
صادقين في حبنا,.
مخلصين لبعضنا,.
منذ أول وهلة,.
عرفنا فيها بعضنا,.
أقصد أنفسنا,.
***
نريد أن نتعاهد,.
على الخير دوما,.
أن نتفق ألا نفترق,.
نريد أن نكون شيئا واحدا,.
لا نعرف,.
سوى أن نملأ الحياة,.
بهجة وإشراقاً,.
سوى أن نضيء دروبها,.
صدقاً وإخلاصاً,.
سوى أن نفترش الأرض,.
وروداً وزهوراً,.
سوى أن نرى المستقبل,.
أملاً وتفاؤلاً,.
سوى أن نرى السعادة,.
أنا وأنت,.
بإذن الله,.
|
|
|
|
|