| مقـالات
من المسلم به ان المدرسة تسهم بقدر كبير في تشكيل شخصية الطفل، بل وترسم ملامح الشخصية المستقبلية التي سيكون عليها هذا الطفل عند تحوله لدور الشباب والرجولة من بعد.
والدور الذي تقوم به المدرسة يتمثل في تكثيفها للعطاء الثقافي ونقل التراث وفقاً لخطط مرسومة كي يتوافق العطاء والنقل مع خصائص المراحل السنية في مسيرة الطفل، ويتم هذا العطاء والنقل من خلال اختصاصيين في التربية، مع توفير المناخ المهيأ لهذا العطاء والنقل باستخدام الأدوات والمعلومات والبيئة المدرسية التي تستثير النشاط لدى الطفل وتزكي رغبته في العمل والتعليم.
وتعتبر المدرسة بالنسبة للطفل مجتمعاً متعدد النظم والادوات الموجهة يتفاعل معها الطفل تكيفاً مع هذا المجتمع لينقل اثره إلى الأسرة والجيرة نتيجة تشربه للثقافة واستدماجها في داخله، ولذلك يلقى على المدرسة عبء تهيئة الظروف والأحوال المناسبة للطفل للتوازن بين ما تلقاه في البيت والتواصل بينه وبين ما يتلقاه في المدرسة من غير انفصام حتى لا تحدث نكسة أو اضطراب سلوكي او توتر للطفل نتيجة الفارق بين معطيات البيت وما يتلقاه في المدرسة من معاملة وعلاقات واهتمام وارشاد وتوجيه وتقديم العون الأمر الذي يساعد على تهيئة الجو التعليمي الذي يساهم بدوره في تحقيق الصحة النفسية السليمة.
ولذا يتوجب على المدرسة ان تعمل على اشباع ميول الطفل ورغباته المشروعة واللعب والنشاط في المناهج الصفية واللاصفية داخل المدرسة وخارجها.
وذلك كي تزداد ثقة الطفل بنفسه ويمكن أن يتجاوب مع ما تنقله المدرسة من معلومات من خلال منهج واقعي يستمد وجوده من المجتمع الذي نشأ ويعيش فيه بحيث يمكن المنهج من تنمية مواهب الطفل واعداده للحياة الاجتماعية وهذا يطلق عليه المربون منهج التعليم الواقعي ومن خلال منهج النشاط يتوجب على المدرسة أن تهذب السلوك وتعالج ما يشوبه من سلبيات غير مرغوب فيها، ومعالجة المواقف الصلبة المعقدة وذلك عن طريق اخصائيين في مراقبة السلوك وتحليل خلفياته ومعالجة سالبه مع الوضع في الاعتبار ان العلاج الجمعي أوفق في مثل هذه الحالات وان اقناع الطفل اساسي في العلاج والتصحيح والتعامل المتوافق مع التغير والتجديد الذي يهواه الطفل.
ويتوجب على المدرسة كذلك ان تعمل على تأمين الراحة الجسمية والنفسية للطفل فيما يتعلق بمرافق المدرسة سواء في الفصل أو المختبر أو صالة النشاط او الفناء المدرسي، فلكل منها أثر مهم في تقبل الطفل للمدرسة وتكيفه معها وحبه لها ولأسرة المدرسة عموماً واستقرار علاقاته الاجتماعية مع زملائه ومدرسيه مما يؤدي بالطبع إلى تنمية شخصية الطفل جسمياً وروحياً وعقلياً واجتماعياً، فهكذا تنمو لديه تبعاً لذلك روح المحبة والتعاون والتجاوب أخذاً وعطاء وعن طريق حبه للمدرسه وتفاعله مع برامجها يمكن للمدرسة ان تقاوم فيه الانانية والولع الشديد بحب الذات، بل أبعد من ذلك يمكن للمدرسة ان تستفيد من هذا الحب والتفاعل في أن تعالج مشكلات الطفل المدرسية والمنزلية، كذلك يمكن للمدرسة ان تزيد من علاقة الطفل الحسنة مع مكونات المدرسة عن طريق استمرارية العلاقة طوال العام حتى لا يضيع جهدها في لجوء الطفل في فترة الاجازة للعب بالطرقات ومخالطة رفاق السوء والتعرض للانداء والحوادث والاصابات والتمرد على البيت والانفصام عن المدرسة ولذا يجب أن تعمل المدرسة حسابها على أن تستمر جماعات النشاط طوال العام والتي تمكنه من التعبير عن ميوله ودوافعه للعب والكلام والحركة واشباع حاجاته النفسية كالحاجة الى التقدير والمحبة والحرية والنظام والمعرفة والامان، وبهذا تكون المدرسة قد حققت أهم وظيفة من وظائفها وهي اتاحة الفرصة امام الطفل ليتكامل نموه الجسمي والعقلي والاجتماعي والوجداني حتى يتكون لديه بناء شخصية سوية نافعة لنفسها ولمجتمعها في المستقبل.
فلا ينبغي ان نترك أطفالنا خلال العام الدراسي وخاصة في الفترة المسائية هملا بل على المدرسة ان تعنى بهم وبأجسامهم ونموهم وتدريبهم على ما يؤدي الى دقة الحركات وتكيف العضلات والعمل على مزج التعليم باللعب والتمثيل واستخدام المحسوسات من الوسائل والادوات والابتكار وصقل الخبرة الشخصية والدفع بهم الى استخدام خيالهم وتنمية الافكار والمعاني، والتعرف على ميولهم للحل والتركيب واستخدام ذلك في تعليمهم والرد على أسئلتهم المتعددة، واحاطتهم بالعطف والثقة والحنان والاستفادة بالبرامج التي تساعد في غرس الروح الدينية في نفوس الأطفال وتعليمهم الكتابة على الحاسوب واستخدام امكاناته ليكونوا قادرين على مواجهة المشكلات التي تعترضهم وتنمية المواهب والاستعدادات الاخرى وتوجيهها مما يساعد على تربية الاطفال على الذوق السليم وتقدير القيم الجمالية للحياة التي يعيشونها وتدريبهم على التفكير العلمي السليم الذي يعينهم في حل صعوبات الحياة والعمل على توطيد العلاقات الاجتماعية الحسنة فيما بينهم وتوثيق عرى المحبة والالفة وتقوية روح التعاون والنظام والتسامح وروح الولاء لبناء الامة والوطن الذي يعيشون على ارضه ويأكلون من خيراته.
وفي هذا تأكيد على ان المدرسة بمثابة مؤسسة اجتماعية تعاونية تعليمية تقوم بهذه الادوار لبناء العلاقات السوية بين تلاميذها بما تتضمنه من اشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، فالاطفال في حاجة الى ان يكونوا موضع حب الآخرين وعطفهم.
والمدرسة والعمل الجماعي فيها هو الصورة الصحيحة للمجتمع المستقبلي الامر الذي يحتم على المدرسة ان تحرص على استمراريتها في تدريب التلاميذ على انتظامهم في جماعات للانشطة بما يدفع لاكتشاف مواهبهم لوضع سبل تنميتها وصقلها.
والتربية الاسلامية تحث على تهذيب النفوس والتعامل الحسن مع الآخرين بما يتفق مع مبادىء الاسلام وسماحته, والمدرسة التي لا تعمل على استمرارية هذه التربية واستدامة العلاقة مع تلاميذها فهي تنأى كثيرا عن تعاليم الاسلام وما تحث عليه.
|
|
|
|
|