| فنون تشكيلية
عودا الى ما تطرقنا له الاسبوع الماضي واستعرضنا ما جاء في طرح سمو الاميرة حصة بنت سلمان حول اهمية الانتماء واستلهام الموروث الاسلامي والعربي عامة والموروث السعودي بشكل خاص لما يحمله من نمط متميز ومن مرجعية تاريخية وتراثية اصيلة مؤطرة بالقيم والتقاليد مما يعني وجوب انعكاس هذا الواقع او تلك الشخصية على العمل الابداعي ايا كان ومنه الابداع التشكيلي, مع التنويه عن الخطأ في تخصص سموها الكريم والذي تفضلت بتصحيحه وهو البكالوريوس في الادب الانجليزي والماجستير في القانون الدولي وعنوان رسالتها، (موقف المملكة من الإعلام العالمي لحقوق الانسان) كما ان لسموها اهتمامات بالابداعات الانسانية في الادب والفنون البصرية والتراث الاسلامي.
نعود لمتابعة الموضوع ونتيجة للمتابعة الشاملة لبدايات هذا الفن وحتى يومنا هذا ونحن نرى الكثير من ملامح التغير والتبدل واندفاع العديد من الفنانين نحو المجهول الابداعي العالمي دون وعي بما سيؤول اليه، او بما يمكن ان يحققه اكثر من طمس الشخصية الفنية المحلية التي تمتلك الكثير من مقومات المنافسة وتأكيد الهوية والذات و السمة المتفردة للفنان السعودي.
واذا كنا نقف وبحرص شديد مع طموحات المسؤولين عن هذا الفن وطموحات المهتمين به من المتابعين مثقفين واعين وغيورين عليه والعارفين لدوره في التعبير عن واقع ووجدان الوطن ومكتسباته ومورثه الثقافي والتراثي الاصيل ومنهم الاميرة حصة التي كان لاشارتها واضاءتها تلك، الدور الكبير في اثراء الساحة التشكيلية واحداث ردود فعل ايجابية من قبل الفنانين في لقاءات رمضاينة اكدوا رغبتهم في تبني ما جاء فيها عبر ندوة تشكيلية سيساهم بها عدد من الفنانين والفنانات سنقدمها في وقت لاحق بإذن الله.
ذلك المطلب المهم من الاميرة حصة ويشاركها العديد من الحريصين على الفن التشكيلي المحلي ونحن منهم وعبر هذه الصفحة في جريدة الجزيرة التي تسعى دائما للبحث عن كل مبادرة او فكرة تخدم المجال يأتي نتيجة لظهور اعراض غير صحية على الجسد التشكيلي وفي اهم اجزائه المتمثل في الموضوع او الفكرة مع الحفاظ على التقنية والاداء الذي يحكمه التمكن واستمرارية التجربة, ومع ذلك يبقى البعد الفكري والثقافي لذلك الابداع، ولنا ان نستخلص بعضا من اسباب اعتلاله واصابته بفيروس واقع الفن الغربي الحديث ومنها:
* ضعف المستوى الثقافي التشكيلي عند غالبية الفنانين والفنانات وتعاملهم مع واقعهم الفني من منطلق البحث عن سبل المشاركة وتنفيذ ما يمكنهم منها وبأعمال ذات منحى حديث مقلد.
* اعتماد اولئك البعض على المعرفة البصرية دون المعرفة الجوهرية لماهية تلك الفنون ومصادرها.
* جهل اولئك البعض بالهدف الحقيقي من الابداع واهمية تحصينه.
* جهل الكثير من الفنانين بمصادر الهام اللوحة او اي ابداع تشكيلي نتيجة تحركهم المحدود الفهم في مساحة ضيقة للمفردات والعناصر مما دفعهم للبحث عن بديل.
* اتجاه البعض من الفنانين ان لم يكن الغالبة للاداء المستورد بتقليد اعمى هربا من النقص في قدراتهم على الابتكار.
* توقع البعض ان في السمة الغربية المرتجلة الاداء والخالية من المضمون نقلة نحو العالمية ومجاراتها وبوابة للوصول اليها.
* افتقار الساحة التشكيلية لمقومات النقد التشكيلي المقوم للعمل وليس المنتقد له.
*اعتماد الصحافة الفنية على الناقد الادبي الانطباعي دون البحث عن ناقد متخصص في الفنون التشكيلية.
* افتقار الساحة التشكيلية للحوارات او المناقشات وطرح التجارب نتيجة وجود فجوة في العلاقات بين الفنانين.
* خلو المكتبة الفنية من الكتاب النقدي المتخصص بايصال مفهوم العمل الفني المنتمي للجذور من عكسه واكتفاء المكتبات بالكتب المعنية بالتقنية الفنية وتعليم الاداء وترويج اللوحات والاعمال الاجنبية الحديثة.
* غياب الاصدارات التشكيلي المتخصص وتوقف المجلات المتخصصة نتيجة عدم الدعم؟
* عدم قدرة غالبية الفنانين على استخلاص روح الموروث وتوظيفه في العمل الفني.
* توقف الفنانين عند حدود استلهام الفنون التراثية من مشغولات او سمات بناء او منسوجات او ادوات دون البحث في الموروث الادبي كالقصيدة والرواية والحكاية الشعبية ففي الجزيرة العربية مخزوون ادبي عظيم يعترف به العالم اجمعه.
اما جانب النقد والتقويم فالحديث حوله يحتاج الى حلقات اخرى الا انه بالامكان التلميح لبعض من معوقات وفي مقدمتها:
* عدم وجود كوادر متخصصة في تصنيف مستويات الفنانين وتحديد التجارب المتميزة من غيرها والناضجة من الاخرى التي مازالت في طور الحضانة.
* افتقار التحرير الفني في الصحف لمتخصصين في النقد وقراءة اللوحة والتعريف بها للمتلقي وكشف نواحي الضعف او الإشادة بالمتميز منها والاعتماد على اقلام محدودة المعرفة تقدم عرضا مؤطرا بالمجاملات الخاطئة مما يعني التعريف بالسيىء وتجاهل الجيد.
* عدم استعداد الفنانين لهذه الظاهرة لرهافة الاحساس عند الغالبية وقصور مفهوم معنى النقد.
* اعتداد الكثير من الفنانين بأنفسهم وانه ليس بالامكان التعرض لاعمالهم.
* اسلوب اقامة المعارض والمعتمد على التشجيع دفع بالكثير ممن يتعامل مع اللوحة من منطلق الهواية للتواجد واحداث ضبابية امام المتابع الناقد.
* عدم وجود متابعة منظمة بين الناقد وبين الفنان لمعرفة مراحل العمل وما يطرأ عليه من تطور او عكسه مع وجود معرفة متكاملة عن الفنان وثقافته عبر الحوار بين فترة واخرى.
تلك بعض الايماءات حول افتقاد الساحة للناقد وهناك الكثير.
|
|
|
|
|