| الاقتصادية
هناك فرق بين الصفقة والعمل التجاري، العمل التجاري ايا كان نوعه يقوم على أسس ومعايير وينطلق من الحاضر لبناء المستقبل وتحقيق النتائج المرتبطة بذلك المستقبل.
الصفقة في الغالب تستغل حدثا او فرصة وتعتمد النظرة لها والتفكير فيها على تلك اللحظة التي تتم فيها الصفقة، ولأن العمل التجاري يبدأ من الحاضر رغبة في تحقيق اهداف مستقبلية فانه متى ما اراد تحقيق تلك الاهداف وجب عليه ان يقوم على اسس ومعايير واضحة وثابتة يسلك من خلالها الطرق الذي يوصله لذلك المستقبل، وهذا لا يعني ان الصفقة لا يجب ان تعتمد على ما يعتمد عليه العمل التجاري من قواعد وأسس، الا ان تلك المحددات تكون في الغالب اكثر أهمية وأكثر وضوحا في العمل التجاري منها في الصفقات المؤقتة، ويأتي في مقدمة تلك الشروط ما يعرف بأخلاقيات العمل التجاري او البزنس لأن أي نشاط تجاري اذا اريد له النجاح والازدهار المستقبلي وجب عليه الاعتماد على منطلقات واضحة وثابتة, لأن عدم الوضوح في تلك النواحي وعدم وجود مرجعية اخلاقية تحدد سلوك القائمين على ذلك العمل قد يؤدي الى تحقيق صفقات مؤقتة على المدى القصير ولكنه لن يمنح الأرضية المناسبة والصلبة التي يعتمد عليها ذلك النشاط مستقبلا.
وأخلاقيات العمل التجاري لا تقتصر فقط على العلاقة مع العميل وما يرتبط من غش ونحوه، بل هي تتجاوز ذلك لتشمل العلاقة مع المنافسين والموظفين وكافة الاطراف المرتبطة بالمنشأة فالعمل التجاري الناجح والذي يسعى صاحبه لانجاحه في المستقبل وليس فقط في تحقيق ضربات تجارية مؤقتة يجب عليه ان يراعي القواعد والمنطلقات السليمة للمنافسة وهذا لا يعني الاستسلام للمنافسين وعدم محاولة كسب السوق منهم والتقدم عليهم ولكنه يعني عدم مجابهتهم بطرق ملتوية ومحاربتهم بأساليب خارج اللعبة التجارية, ويزداد الامر سوءا اذا ظن القائم على ذلك العمل ان ما يمارسه يعتبر شطارة وذكاء لأن الذكاء المؤقت في البزنس قد يؤدي الى تدميره على المدى الطويل.
وتمتد تلك الاخلاقيات وأساليب التعامل الى المستهلكين وعملاء الشركة وكيفية النظرة اليهم والارتباط بهم, فهو قد يكون تعامل قاصر قائم على الاستغلال والاستفادة من ظروف الحاضر دون الاهتمام بالمستقبل والعمل الجاد لخلق علاقة تقوم على الثقة والاحترام والمصداقية، وهنا تكون النتيجة كسبا عاجلا على حساب نجاح مستمر، اذ من الصعوبة اعادة زرع الثقة بعد نزعها حتى ولو ادى الأمر الى انفاق كل ما تم الحصول عليه من تلك المكاسب القصيرة التي كان السعي وراءها فقط سببا في اضعاف العمل التجاري والتأثير عليه لدى المستهلك.
وأخلاقيات التعامل لا تنطوي فقط على تلك الأمور التي لها ارتباط بجهات خارج المنشأة بل هي تمتد لتشمل اولئك العاملين داخلها, اذ ان التعامل مع هؤلاء بنظم واضحة وأسس بينة بعيدا عن الأهواء والاستغلال واتباع الأساليب المتقلبة والمتغيرة يخلق لدى هؤلاء ثقة وولاء في الجهاز الذي ينتمون اليه, ويوجد لديهم قدرا من الاطمئنان والارتياح واحترام ذلك الجهاز والقائمين عليه.
خلاصة القول، ان العمل التجاري المنطلق من قواعد وأسس اخلاقية واضحة هو ذلك العمل الذي سيبقى ويزدهر حتى لو لم يتحقق ذلك في المدى القصير, اذ ان مثل تلك الاخلاقيات هي استثمار قد يتأخر قطافة بعض الشيء، ولكن ذلك القطاف حينما يبدأ فانه سيستمر لأن المستفيد هنا ليس اصحاب المنشأة وحدهم بل ان تلك الفائدة وذلك النجاح يعودان بالخير الكثير على موظفي المنشأة وعملائها بل ومنافسيها.
kathiri@solnet.sa
|
|
|
|
|