| الاقتصادية
يعالج الإسلام مشاكل الحياة بمختلف صورها وأشكالها بنفس القدر الذي يعالج فيه مشاكل العقيدة وما يتصل بها من أمور ذات ارتباط بوجود الإنسان وغايته على هذه الأرض.
يتميز الإسلام عن بقية المناهج البشرية التي تعالج شؤون الإنسان الاقتصادية والاجتماعية بأنه يربط منهجه التنظيمي بإطار الوحدانية لله بحيث يتحقق التمازج بين العقيدة والتنظيم الاجتماعي فيتولد عن ذلك منهج متميز ينتفى به مفهوم الصراع بين التعاليم الدينية وشؤون الحياة فتبطل مقولة ما لله لله وما لقيصر لقيصر، بل اصبح الدين بمفهومه الواسع جزءاً من الممارسة العملية في الحياة العامة وزال ذلك التصادم النكد الذي وسم حياة الإنسان حيث جعل تنظيم الحياة والأحياء منقطع الصلة بالإيمان بالله واليوم الآخر.
القرآن والسنّة النبوية القولية والفعلية والتقريرية يمثلان المصدر الذي من خلالهما يمكن تصور وإدراك منهجية الإسلام في تنظيم الحياة وتحقيق مفهوم خلافة الله للإنسان على هذه الأرض، فالقرآن يعطي الأطار العام للأحكام لمعظم الجوانب الخاصة بتنظيم شؤون الحياة الاقتصادية ويترك التبيان والإيضاح للرسول الكريم حيث أشار القرآن إلى ذلك في قوله تعالى ,,, وأنزلنا إليك الذِّكر لتبيّن للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون .
يتمحور الفكر الاقتصادي المعاصر حول مذهبين لهما نصيب كبير من الدراسات والتطبيقات هي الفكر الرأسمالي والاشتراكي أما الفكر الاقتصادي الإسلامي والذي يقوم على المنهجية الفكرية للإسلام والذي يغاير في منطلقاته وتوجهاته لكلا الفكرين نجد مجابهة له من قبل أعداء الإسلام وجزء كبير من المنتسبين للإسلام على أساس أن هذا الفكر لا يتلاءم مع التنظيمات الجزئية للواقع المعاش كما لا يمتلك تصوراً ومنهجا لتنظيم الأنشطة الاقتصادية المختلفة المعاصرة، وعليه فإن الحديث عن هذا الفكر هو حديث قائم على العاطفة أكثر من قيامه على حقائق الحياة المعاصرة، وبالتالي فيجب إبعاده عن إعادة هيكلة اقتصاد الدول الإسلامية إذا أريد تحقيق التغير الاقتصادي لواقع الأمة الإسلامية.
هذه المقولة تنبع من جهل كامل لتعاليم الإسلام المتعلقة بالتنظيم الاقتصادي لمختلف شؤون الحياة، وبسبب القبول الكامل للمنهجية الغربية المتبنية للنظام الرأسمالي وما صاحب ذلك من انبهار بالقوة الاقتصادية والسياسية للنظام الرأسمالي وما أصيبت به الأمة من انهزام نفسي أضعف قدرتها على التمييز بين المعطيات المادية التجريبية والمناهج الفلسفية التنظيمية لشؤون الحياة.
الغاية من هذه السلسلة من المقالات القصيرة تحت هذا العنوان هو إبراز المنهجية الإسلامية في التنظيم الاقتصادي والتي سوف يتم استيحاؤها من السنّة القولية والفعلية والتقريرية للرسول الكريم حيث تمثل الإطار الفكري للنظام الاقتصادي الإسلامي وذلك من خلال استعراض لعدد من الأحاديث النبوية بقصد استخلاص المفاهيم والقواعد العامة لمنهجية النظام الاقتصادي في الإسلام.
إن دراسة الأحاديث النبوية ومحاولة فهمها على ضوء الواقع المعاصر سوف يثري الفكر الإسلامي ويساهم في حل كثير من المعضلات التي تواجهها المجتمعات الإسلامية فالرسول الكريم أعطى جوامع الكلم فكثير من أقواله عليه الصلاة والسلام عند دراستها على ضوء المعطيات المعاصرة وما يواجهه العالم المعاصر من مشاكل كثيرة تعطي لدارسها بعداً فكريا وسعة في فهم أقواله عليه الصلاة والسلام عما فهمه علماء المسلمين السابقين الذين فهموا منها ما ناسب واقعهم وحلوا بها المشاكل التي جابهت مجتمعاتهم.
|
|
|
|
|