أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 6th December,2000العدد:10296الطبعةالاولـيالاربعاء 10 ,رمضان 1421

مقـالات

هل نحن بحاجة إلى توثيق المجالس الثقافية؟
مجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وثقافة العاصمة
إبراهيم بن عبدالله السماري
تشهد مدينة الرياض التي اختيرت عاصمة الثقافة العربية لعام 2000 بعدد من المجالس، مثل: مجلس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ومجلس سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ومجلس سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ومجلس الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وغيرها.
كما تعطر أجواء مدينة الرياض الثقافية مجالس أدبية خاصة، مثل: أحدية الدكتور راشد المبارك، وإثنينية الأستاذ عثمان الصالح، وثَلاثية الأستاذ فايز الحربي، وخميسية أحمد باجنيد التي هي امتداد لندوة الرفاعي، وخميسية الأستاذ حمد الجاسر الصباحية، وجمعية الدكتور أحمد الضبيب وندوة النخيل في أول ثلاثاء من كل شهر, وهناك مجالس أخرى كمجلس أنور عشقي وغيره.
وهذه المجالس لها أثر في تنشيط الحركة الثقافية، ومجلس سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني واحد من أهم تلك المجالس، يعقد بصفة منتظمة، وبحضور كبير كل يوم ثلاثاء.
يبدأ هذا المجلس بتلاوة عطرة من كتاب الله الكريم، ثم يقوم قارئها بتفسير الآيات التي قرأها، منوها بما تضمنته من الأحكام والآداب، وما يستفاد منها من الفوائد المهمة للإنسان في الدنيا والآخرة.
مجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استمرار للهدي الإسلامي في الحكم، قال الإمام الماوردي رحمه الله في كتابه الأحكام السلطانية عن مجالس الملوك والأمراء: هذا مما تجب مراعاته لما فيه من حراسة الدين وحفظ المملكة، وحسم ذلك أن يراعي العلم وأهله، ويصرف إليهم حظاً من عنايته، ويعتمد أهل الكفاية منهم بالتقريب والصيانة، وأهل الحاجة منهم بالرفد والإعانة ففي ذلك بهاء الملك وإعزاز الدين .
مجلس الأمير عبدالله له جذور راسخة، فهو يسير فيه على منهج والده الملك عبدالعزيز رحمه الله في المجالس التي كان يعقدها بصفة مستمرة، وإن اختلفت كيفية المجلس من حيث الوقت المخصص له، ومن حيث حضوره، ومن حيث طريقة القراءة فيه، نظراً لاختلاف العصر.
أشار خير الدين الزركلي إلى أن للملك عبدالعزيز عددا من المجالس، وأشار إلى أن كل مجلس قد يعقد عدة مرات في اليوم الواحد، وذكر أن للملك عبدالعزيز رحمه الله مجلساً عاما، ومجلسا خاصا، ومجلسا بين العام والخاص، وكان كل مجلس من هذه المجالس يختلف عن المجالس الأخرى من حيث وقت الانعقاد والزمن المخصص له، والموضوعات التي يعالجها.
كانت للملك عبدالعزيز رحمه الله أوقات للمجلس العام، يدخل فيها كل قادم عليه، وكان إذا تكلم أنصت الجميع، فإذا انتهى من حديثه فلكل شخص من الجالسين كبيرا كان أو صغيراً، أميرا أو موظفاً أو زائراً أن يتكلم موجهاً خطابه للملك عبدالعزيز.
وهناك مجلس آخر بين العام والخاص، أي أنه ليس مفتوحا لعموم الناس، وإنما هو مخصص للعلماء والمثقفين، وللراغبين في الاستفادة مما يتضمنه من موضوعات ثقافية متنوعة.
كان هذا المجلس يفتتح بالدرس، فيجلس القارئ في أقصى مقعد من يسار الملك وأمامه مصباح كهربائي ، ويفتح كتابا فيقرأ منه فصلا بعد الفصل الذي قرأه في الدرس السابق، ثم يغلقه، ويقرأ فصلا آخر من كتاب آخر، ولا تزيد المدة عن نصف ساعة.
وفي أكثر الأيام تعلق في ذهن الملك عبدالعزيز آية يستشكل تفسيرها، أو حديث نبوي أو موعظة أو حادثة من التاريخ يستحق التعليق عليها، فيتساءل أو يتحدث بما يخطر بباله في الموضوع، ويتناول بعض الجالسين الآية أو الحادثة تاريخيا وأدبياً، وربما كان بيتا من الشعر بتعليقاتهم.
وقد يدور الحديث حول خبر مما يلتقطه موظفو الإذاعة، وقد يتكرر هذا الدرس مرتين في اليوم، أما مجالسه الخاصة فكان جلها للعمل.
ومن المؤكد أن الجانب الثقافي واضح في مجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز؛ لأنه يتضمن جوانب متجددة، تتعدد روافدها، وتتنوع معطياتها، بسبب ضخامة الرصيد الثقافي الذي تتمحور حوله القراءات فيه.
ويزيد أهمية هذا المجلس ذلكم الحضور الكبير، من مختلف طبقات المجتمع ومشاربه الفكرية والثقافية وفيهم العلماء، والأمراء، والوزراء، والمسؤولون، وأبناء البادية،وغيرهم، يضاف إليهم كثير من ضيوف المملكة العربية السعودية الذين يحضرون عدداً من جلسات هذا المجلس اثناء زياراتهم للمملكة، وتشرفهم بالسلام على الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.
ولا ريب أنه سيبهرهم الاهتمام على أعلى المستويات بالجانب الثقافي وبدرجة رفيعة من التنظيم والمتابعة والمشاركة، مما يطبع في نفوسهم انطباعا مؤثرا عن علو شأن الجانب الثقافي في هذه البلاد الطاهرة.
ومما يزيد أهمية مجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ما يحظى به من متابعة قطاع كبير من الناس في الداخل والخارج، بمختلف مشاربهم الفكرية، وذائقاتهم الثقافية، نظراً لقيام التلفاز وهو أهم وسائل الإعلام في هذا العصر بنقل وقائع هذا المجلس كاملة في وقت الحدث عبر قنواته الأرضية والفضائية.
فهذا النقل السريع، وما يصحبه من زخم إعلامي بحكم مسؤوليات سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في الدولة، هو بلا شك مما يقوي الرسالة الثقافية لهذا المجلس، ويزيد أثرها.
فالرسالة الثقافة التي يؤديها هذا المجلس من أجل إثراء ثقافة عاصمة الثقافة العربية لعام 2000 كبيرة جداً وواضحة جدا، فهي رسالة تستحق الإشادة وتستحق الشكر لراعيها سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.
وهذا المجلس المبارك إن شاء الله تعالى له روافد غنية بالخير والبركة، نظرية وتطبيقية؛ فإذا كان الناس قد تعودوا على متابعة الجانب النظري لهذا المجلس، والاغتراف مما فيه من فوائد ثقافية عبر وسائل الإعلام، فإننا نجد الجانب التطبيقي واضحا في قيام الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بزيارات للعلماء في منازلهم في مناسبة العيد مثلاً.
ولا ريب أن مثل هذه الزيارات لها جانب تربوي تطبيقي مهم، فمثل هذه الزيارات تربي الناس على حب العلماء، وعلى إعلاء منازلهم في مجتمعاتهم، كما أنها تحفظ لهم هيبتهم في النفوس، ذلك أن كثيراً من الناس يميلون في الغالب إلى الاقتداء بقياداتهم في أعمالهم وأقوالهم، ويعرفون فضل وقدر من عرفوا فضله وقدره، والقدوة عامل مهم من العوامل التربوية الناجحة؛ لأن القدوة قول صدَّقه الفعل فهي أقوى.
ومن الجوانب التطبيقية لمجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ما عُرف عن سموه من الحرص على تقريب العلماء وإجلالهم في مجالسه العامة والخاصة، وحرصه على تفقد أحوالهم، وعلى استشارتهم وعلى الأخذ بالممكن من آرائهم ومقترحاتهم.
وجانب تطبيقي آخر من الجوانب التطبيقية المهمة لمجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز هو : عناية الأمير عبدالله بالكتب الدينية والثقافية، ولا سيما ما يقدمه من دعم سخي لمناشط وجهود جهاز الإرشاد الديني والتوجيه بالحرس الوطني، الرامية إلى نشر الثقافة الدينية الصحيحة، وتوجيه الناس إلى ما يصلح أحوال دنياهم وآخرتهم.
ومن الجوانب التطبيقية للرسالة الثقافية لمجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: رعايته المتجددة للفئات الخاصة التي تحتاج إلى رعاية خاصة كالمعوقين، والموهوبين، وغيرهم.
فإن هذا كله داخل في الرسالة الثقافية غير المباشرة، وهذه الرسالة أشد تأثيرا في الناس من الرسالة المباشرة، والنتائج الإيجابية التي تحققها أكبر وأعمق مما تحققه الرسالة الثقافية المباشرة.
ومن الجوانب التطبيقية المهمة لمجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز : حثه على نشر العلم والثقافة النافعة، وأوضح دليل لهذا الجانب هو تحويل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة إلى مؤسسة خيرية، لها أوقاف موقوفة عليها في مكة المكرمة والدار البيضاء، وفي غيرهما.
ومن الجوانب التطبيقية المهمة لمجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: مسارعته إلى بناء المساجد وعمارتها، ودعمها للقيام برسالتها الدينية والاجتماعية، فهي بذلك تصبح ميدانا موازياً لميدان المجلس الأسبوعي للأمير عبدالله بن عبدالعزيز.
مجلس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز تأكيد قوي على الخصوصية الثقافية المتميزة لهذه البلاد منذ تأسيسها إلى اليوم، وهي خصوصية اكتسبتها من عمق التاريخ، ومن انفرادها بكونها قبلة المسلمين في عباداتهم اليومية، وبكونها مرمى تطلعاتهم ومهوى أفئدتهم، في أي بقعة من العالم كانوا.
من المأمول أمر أظن أنه في وارد التفكير الجدي عند المسؤولين عن تنظيم مجالس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الأسبوعية، هو : أن تطبع المادة الثقافية التي تضمنتها هذه المجالس في كتاب، وأن تنشر وتوزع على عموم الناس لتعميم فائدتها، ولتسجيل تميزها، ولتكون فائدتها متعدية في الميادين الثقافية ولحفظ سبق رائدها في سجلات التاريخ.
ولعله من المناسب ومدينة الرياض أصبحت عاصمة الثقافة العربية لعام 2000 وما سيصاحب هذا الاختيار من مشاركات ثقافية متنوعة تبرز الوجه الثقافي لهذه العاصمة أن أقترح على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أو جهاز الإرشاد الديني والتوجيه بالحرس الوطني وكلاهما تحت مظلة وكالة الحرس الوطني للشؤون الثقافية القيام بطباعة موضوعات هذا المجلس في كتاب، يتم نشره وتوزيعه لتعم فائدته.
وأقترح كذلك على تلكما الجهتين أن تخصصا حلقة نقاش علمية؛ من أجل استظهار آثار هذا المجلس في ثقافة المجتمع، ومن ثم إبراز آثاره في ثقافة عاصمة الثقافة العربية.
وإذا صحت فراستي فإن هذه الحلقة إذا أحسن القائمون عليها الإعداد لها واختيار فرسانها، فإنها ستخرج برؤى عملية يطرحها المتخصصون لتعميم فائدة هذا المجلس المهم في المجالات الثقافية المختلفة في بلادنا الحبيبة.
وبالله التوفيق،،،

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved