| مقـالات
أمن المواطن في المدينة والطريق والقرية والصحراء هاجس ولاة الأمر، والمتتبع لما يصدر عن مجلس الوزراء يدرك ذلك، وقد اهتم المسؤولون عن الأمن في هذا العام بأمن الطريق، وقاموا بتوعية مرورية شاملة شاهدها المواطن واستفاد منها، وهدفهم في ذلك حقن الدماء التي تراق على الطرق، والتقليل من الحوادث المميتة أو المؤدية إلى عاهة مستديمة، وبما أن الطريق الجيد يساعد العابرين في التقليل من الحوادث، فإن تسليك الضوء على بعض الطرق قد يقلل من الحوادث في المستقبل، عندما يؤخذ بالرأي المطروح.
إن المتتبع لما صرف على الطرق في شمال المملكة وجنوبها، وغربا وشرقها من خلال ثلاثين سنة سيجد أرقاماً مرتفعة تبلغ آلاف الملايين، والصرف على الطرق مستمر في كل عام، ولايقف الصرف على انشاء الطريق، وإنما يتجاوز الإنشاء إلى الصيانة، والصيانة قد تبلغ تكلفة الإنشاء من خلال سنوات في الطرق الجبلية، فكلما كان إنشاء الطريق بمواصفات قابلة للدَّيمُومة والاستمرار قلت تكاليف الصيانة أما إذا اقتصرت المواصفات على إنجازالطريق بدون الأخذ بمستقبل صيانته فإن الصيانة ستكون مكلفة ومستديمة، ومن خلال معايشتنا للطرق الجبلية والطرق الصحراوية تبين لنا أن الطرق الصحراوية اقل صيانة وأكثر أماناً، فإذا قيدت السرعة، واهتم أمن الطرق بمراقبة الطريق الصحراوي، فإن الحوادث إن شاء الله ستكون قليلة جداً, لقد أنشىء طريق (كرا) في عام 1383ه وظن سكان مكة والطائف ان الطريق الجديد أغنى عن طريق السيل، فإذا بالسالك للطريق في بعض الايام يفاجأ بأن الطريق مغلق بسبب السيول، ثم يضطر إلى طريق السيل، ويأتي قاصد مكة في يوم آخر فيرشده رجل الأمن في أعلى العقبة بأن الضباب لايتيح للمسافر الرؤية، ومن المتعذر سلوك الطريق، فيضطر المسافر إلى طريق السيل، وإذا كنت قد أشرت إلى طريق كرا وطريق السيل فإنني أرغب في الوصول إلى نتيجة وهي ان طريق (كرا) لم يغن عن طريق السيل، بل بقي طريق السيل هو الطريق التجاري، والدائم، في وقت السيل والضباب، وفي اي وقت, وقد صرفت الدولة أيدها الله على طريق الجنوب، الممتد من الطائف إلى أبها ثم إلى ظهران الجنوب ونجران، وما تفرع منه إلى تهامة آلاف الملايين، وصرفت على الصيانة مبالغ قد تصل في بعض أجزائه إلى تكلفة الإنشاء، وسلكه المسافرون إلى الجنوب، لأنه الطريق الوحيد مع خطورته وكثرة منعطفاته، وعقباته، ووقعت فيه حوادث، ولازالت تقع، وهو طريق جيد، ولكنه جبلي، فلا يحتمل السرعة، ولايحتمل ضيق المسافر بطول الطريق، ومن هنا فإنني أريد من وزارة المواصلات إحياء طريق الجنوب القديم، بحيث يخرج من الطائف جنوباً محاذياً الجبال من الناحية الشرقية، وكلما حاذى قاعدة إمارة شق لها طريق، وهو مستمر في اتجاهه، حتى يمر ببيشة وينتهي في نجران، ويكون في اتجاهين، وكل اتجاه بثلاثة مسارات، وسيوفر الطريق بإذن الله السلامة للمسافر، والسلامة مطلب ولاة الأمر ومطلب المواطن.
وَيُسنِد هذا الطريق طريق الساحل من جدة إلى جيزان، بعد توسعته وصيانته من الأودية وجعله في اتجاهين، وكل اتجاه في ثلاثة مسارات، وكلما حاذى الطريق قاعدة إمارة اعتُمِدَت عقبة لوصل طريق الساحل بقاعدة الإمارة فتوسع العقبة وتوفر فيها وسائل السلامة، ويبقى الطريق الجبلي لخدمة القرى والسياحة ولا تزيد السرعة فيه عن (110) كيل, إن الطريقين سيخدمان إن شاء الله المنطقة الجنوبية بالإضافة الى خدمة الحجاج والمعتمرين من اليمن، فيوجه حجاج اليمن من وسطه وشرقه الى الطريق الصحراوي، ويوجه الحجاج من غربي اليمن والجنوب الغربي الى الطريق الساحلي، لقد صرفت الدولة آلاف الملايين على خدمة الحجاج والمعتمرين، وهيأت لهم السبل ليؤدوا مناسكهم في أمن واطمئنان، فتهيئة الطريق الموصل الى مكة والمدينة هدف من اهداف الدولة ايدها الله والطريق الجبلي لن تبلغ فيه السلامة الأمل المنشود، مهما صرف عليه من المبالغ، ولن يحتمل الكثافة المرورية في ايام الحج والاعياد.
إن كثرة العقبات المفتوحة بين السراة وتهامة لن تخدم السلامة فماذا يضير المسافر عندما يزيد عليه الطريق بخمسين كيلا، ثم ينزل إلى تهامة في عقبة واسعة وَوُفرِّت لها وسائل السلامة، إنه سيصل إلى هدفه سالماً وهذا هو الهدف المنشود.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل
|
|
|
|
|