| العالم اليوم
* باريس واشنطن غزة القدس الوكالات
في شهادة لا تخلو من الصراحة والجرأة جاءت هذه المرة من داخل اسرائيل انتقد كاتب وروائي اسرائيلي بارز سياسة اسرائيل الاستيطانية وما يتعرض له الفلسطينيون من تمييز وتفرقة في المعاملة داخل بلدهم الأصلي,, وقال ان الاسرائيليين يعيشون الماضي السحيق ولا يعيشون الحياة الطبيعية وان المستوطنين جعلوا من الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء رهينة لأحلامهم الدينية وهو أمر غير مقبول.
وأضاف ديفيد جروسمان في حديث لمجلة لكسبريس الفرنسية الأسبوعية اتسم بالصراحة الشديدة والجرأة أن المستوطنات هي الخطر الحقيقي الداهم الذي يتهدد عملية السلام حيث استقر المستوطنون في الضفة الغربية وغزة لعرقلة قطار السلام ونجحوا في ذلك تماما رغم أن الغالبية العظمى منهم تعيش حياة لا تطاق.
وأكد أن السلام الآن أصبح مرهونا باخلاء جميع المستوطنات التي تحول دون اتصال اراضي الدولة الفلسطينية القادمة بعضها بالبعض.
وفي مستهل الحديث وصفت لكسبريس ديفيد جروسمان بأنه كاتب مقالات وروائي اسرائيلي بارز، وقالت انه أحد أنصار السلام الملتزمين الذين يرون الصورة أمامهم بوضوح,, وقد ولد في القدس وتعلم اللغة العربية رغم معارضة أسرته منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره, وأثنت المجلة الفرنسية على الكاتب قائلة انه يتمتع بشجاعة نادرة حيث انه لم يتقوقع مثلما فعل الكثيرون غيره من الحمائم في اسرائيل مجاملة للصقور بعد أحداث العنف والانتفاضة الفلسطينية الثانية بل انه جاهز بآرائه التي لا تخلو من جرأة.
وقال جروسمان انه قد حان الوقت لأن يسأل كل مواطن اسرائيلي نفسه هل هو على استعداد لأن يقتل من أجل ما يقال له حق المستوطنين في العيش داخل جيب مسلح وسط سكان عرب وهل يقبل أن يدفع ابنه أو بنته حياتهما ثمنا لذلك.
ومضى جروسمان قائلا انه في بداية الانتفاضة الأولى كان عدد المستوطنين 25 ألفا,, أما اليوم فإن عددهم يربو على مائتي ألف مستوطن,, ومساحة المستوطنات وشبكة الطرق التي شقت خصيصا لأجل خدمتها تعادل الآن خمسة أضعاف مساحة تل ابيب,, وتساءل الكاتب هل يمكن تحقيق السلام بتمزيق أوصال فلسطين وتقطيعها إرباً.
وأكد جروسمان أنه يفضل المواطن الفلسطيني العلماني المعتدل على المستوطن اليهودي المتشدد, وأنه رغم ما بينه كاسرائيلي وبين المواطن الفلسطيني من اختلافات ثقافية ودينية إلا أنه تجمع بينهما رغبة مشتركة في الحيلولة دون استفحال التيار الفلسطيني المتطرف واليمين الديني الاسرائيلي المتشدد.
وعن عرفات قال الكاتب الاسرائيلي انه على كل ما في شخصيته من تناقضات حسب قوله إلا أنه إذا فشلت اسرائيل في إبرام سلام معه فقد يجعلها ذلك تعض اصابع الندم على اهدار هذه الفرصة بعد عشر سنين من الآن .
وانتقل جروسمان للحديث عن عرب اسرائيل فقال انهم من الناحية الرسمية مواطنون اسرائيليون,, لكنهم من الناحية العملية يمثلون تحديا هائلا للمجتمع اليهودي وللديمقراطية والقيم الاسرائيلية.
واعترف الكاتب الاسرائيلي بأن عرب اسرائيل يعيشون على الهامش, ويعانون من الاهمال والتمييز ولا يمثلهم أحد في دوائر السلطة,, وقال ان هناك 12 محاضرا عربيا اسرائيليا فقط من بين 5 آلاف محاضر في الجامعات الاسرائيلية, وانه تكفي زيارة واحدة لاحدى قرى الجليل ليقف المرء على مدى الاهمال,, فشبكة الصرف الصحي متدهورة والمدارس في حالة متدنية.
وتساءل جروسمان كيف يمكن لعرب اسرائيل أن يشعروا بالأمان والراحة داخل بلد في حالة حرب معهم رغم أنهم يمثلون خمس مواطنيها أو في ظل حكومة تثقل عليهم بالضرائب وتطلب اليهم تمويل جيش يطلق النار على اخوتهم في رام الله ونابلس وتنظر اليهم نظرة استعلاء.
وقال جروسمان ان نجاح اليهود في تأسيس دولة لها ثقافة خاصة ولغتها العبرية, هو معجزة بكل المقاييس,, لكن ما يعيب الاسرائيليون حتى اليوم هو أنهم يعيشون الماضي ويستشعرون كل ما تخلله من احداث مؤلمة على رأسها الخروج والتيه والشتات,, ويتعلقون بأهداب أمل واه في اقامة اسرائيل الكبرى.
هذا وعلى صعيد المعركة الانتخابية القادمة يحاول الساسة من الحزبين الرئيسيين في اسرائيل حشد التأييد لتغيير قانون الانتخاب المباشر الذي أطاح برئيسي الوزراء بنيامين نتنياهو وايهود باراك قبل فترة طويلة من انتهاء فترتي ولايتهما.
اضطر باراك قبل انقضاء 18 شهرا على انتخابه الى الاعلان يوم الثلاثاء الماضي عن انتخابات مبكرة بعد أن خسر اغلبيته في الكنيست بسبب خلاف حاد على أسلوب ادارته لعملية السلام مع الفلسطينيين.
وستكون الانتخابات العامة المتوقعة في مايو ايار القادم ثالث انتخابات اسرائيلية خلال خمس سنوات, وستكون فترة بقاء باراك في السلطة هي أقل فترة قضاها رئيس وزراء اسرائيلي في الحكم منذ تأسيس الدولة قبل 52 عاما.
ويلقي العديد من الساسة اللوم في الأزمة الراهنة على القانون الصادر عام 1996 والذي يسمح للاسرائيليين بتقسيم أصواتهم بأن يعطوا صوتا مباشرا لرئيس الوزراء وصوتا لحزب في البرلمان.
ومع اقتراب الانتخابات سيحاول حزب العمل الذي يتزعمه باراك يوم بعد غد الخميس اعداد مبادرة للعودة الى النظام القديم الذي يعتمد على التمثيل النسبي للأحزاب ويتولى السلطة من يشكل أكبر كتلة برلمانية.
ومن جهتها أكدت صحيفة هآرتس الاسرائيلية أن المفاوضات مستمرة بين حزبي العمل والليكود من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية على الرغم من نفي اريل شارون رئيس الليكود وجود مفاوضات سواء مباشرة أو غير مباشرة لتشكيل مثل هذه الحكومة, وهو النفي الذي جاء في أعقاب تصريحات لمقربين من رئيس الوزراء ايهود باراك بأن المفاوضات بين الجانبين قد استؤنفت أمس الأول.
ونقلت الصحيفة عن مصادر بارزة قولها عن يقين بأن شارون وباراك يتفاوضان خلف الستار بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست ايلي جولدشميت من كتلة اسرائيل واحدة قوله انه طرح مجددا مبادرته بتشكيل حكومة وحدة وطنية وانه تحدث في هذا الأمر مع شخصيات بارزة في الليكود, وقد صرحت داليا اسحاق عضو الحكومة بأن خيار حكومة وحدة وطنية مازال مطروحا.
وقد صرحت مصادر في العمل لهآرتس بأن جولدشميت واسحاق هما المتحدثان باسم باراك الذي يرغب في تأجيل الانتخابات الى أقصى موعد ممكن.
من جانب آخر نقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مصادر قريبة من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو الذي عاد بعد ظهر أمس الى اسرائيل قولها ان نتانياهو لن يعلن خوضه الانتخابات القادمة إلا بعد الاعلان عن موعد اجراء انتخابات رئاسة الليكود والانتخابات العامة.
وقال راديو مونت كارلو في تقريره ان الورقة الانتخابية الرابحة امام حزب العمل الاسرائيلي بقيادة باراك هي النجاح في عملية السلام لأن 60 بالمائة من الاسرائيليين سيؤيدون اتفاق سلام دائم يعقده باراك مع الطرف الفلسطيني بعد توصل الطرفين لوقف لاطلاق النار وللمواجهات العنيفة.
وأكد الراديو أن سقوط حكومة باراك يضع عقبة جديدة امام عملية السلام, ومن ناحية أخرى نسبت تقارير صحفية لمراقبين قولهم انه في امكان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون التوصل الى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل انتهاء فترة رئاسته في البيت الأبيض في شهر يناير القادم.
وذكرت شبكة سي إن إن الاخبارية الأمريكية أمس أن أي اتفاق سيتم التوصل اليه بين الفلسطينيين والاسرائيليين سيكون بمثابة استفتاء على باراك في الانتخابات الاسرائيلية القادمة.
|
|
|
|
|