| مدارات شعبية
* كتب المحرر الشعبي:
الحكم والأمثال هي مخاض التجربة الناضجة وهي تعبير مختصر يحوي دلالات تبقى لأزمان طويلة وحقب مديدة.
الشعراء من أكثر الناس شفافية ولديهم حساسية مفرطة حيال ظروف حياتهم فتأثيراتها فيهم أوضح وردة فعلهم تجاهها اعمق.
الشعراء يملكون لغة التعبير الاخاذ عنها من خلال توظيفها وفق قوالب شعرية تساهم في بث تلك الحكمة بشكل مغر وماتع ولأن الشاعر الحقيقي يبث قصائده لتترجم ما مر به في حياته وما دار من ظروف حوله بكل صدق فان الكثير من القصائد أو لنقل الابيات بقيت في ذاكرة الزمن بين ألسنة المرددين وآذان المستمتعين.
وكثيراً ما رددنا هذا البيت الذي عبّر عن ما في أنفسنا حيال ظرف طارئ أو هم أزلي وهذا ما يميز بيت الحكمة أو البيت الذي درج مثلا عن الابيات الاخرى وأحيانا تكون القصيدة بمجملها دروسا من الحكمة وتحفا من الامثال كما في قصيدة بركات الشريف التي وجهها لولده مالك.
سليمان بن شريم وهو واحد من اولئك الشعراء الذين نجحوا في صياغة ابيات الحكمة لانه جرب وتعلم فقال ابياتا يستشهد بها ولعل منها هذا البيت المنصوب على تجربة تحدد علاقة القرين الحقيقي وصفته الاساسية والمهمة، دعونا نقرأ هذا البيت الذي يقول:
ان كان ما أنته مصافيني على الشده وقت الرخاء واجد ربعي وخلاني |
وهناك في جانب آخر من جوانب الحياة المليئة بالمتغيرات وبالظروف المتناقضة يبدع الشاعر عبدالله بن عون في سبك الأبيات التي تمثل تلك الظروف وتصور غزارة تجربة هذا الرجل وشواهد الحكمة في قصائد ابن عون كثيرة لكن سنختار هذا البيت الذي يلامس كثيرين منا، بل يتحدث عنهم ويعبر عن ظرف يمر بنا على اختلاف مواقعنا دعونا نقرأ هذا البيت الذي كثيرا ما رددناه وهو:
ادوج لو كان مارجلي بدواجه ادله النفس لين الله يفرجها |
اللقاء والفراق متناقضين للاول حفاوته وللثاني حرقته لكن عندما تكون الدمعة هي تعبير حفاوة اللقاء وهي ايضا تعبير حرقة الفراق أليس ذلك جمعا لمتناقضين بدمعة واحدة ولكن الدمعة تظل أعلى درجات الحفاوة وهي اكثر تعابير الحرقة، جسّد هذه الصورة الشاعر صنيتان المطيري في بيت اختصر دلالات التعبير ومعاجم الوصف لموقفين متناقضين دعونا نقرأ هذا البيت معا:
دنياك هذي كلها دمعتيني دمعة لقاء والثانية دمعة افراق |
|
|
|
|
|