|
| الاقتصادية
وصلنا في نهاية الحلقة الماضية الى ضرورة وجود خطة مالية لدى الأسرة تراعي ايراداتها ونفقاتها واهدافها وذلك لتتمكن من السير بخطى واضحة بدون ان تتقاذفها او تتنازعها أمواج التخفيضات والبرامج الدعائية والتسويقية والتي أصبحت في أحيان كثيرة توجد طلبا على سلع وخدمات لم يكن موجودا في السابق لدى الأسرة، وبالتالي تستحدث لها بنود صرف جديدة.
وقد أصبحت هذه المواسم تستغل ابشع استغلال من قبل بعض منتجي السلع والخدمات وموفريها حتى تحولت هذه المواسم الى مهرجانات لكل ماله علاقة وما ليس له علاقة، كل هذا طمعا في الحصول على أكبر حصة ممكنة من دخول المستهلكين ولعل من ابرز الأمثلة في هذا الجانب تسابق القنوات الفضائية على حشد وعرض كم هائل من المنتجات الفنية على اختلاف انواعها خلال شهر رمضان ويكاد كلها يتعارض مع أبسط مبادىء الفضيلة والاخلاق التي يتزايد الإحساس بهما في هذا الشهر.
ولعل هذا الاستغلال المنظم الذي يمارسه بعض المنتجين تحت مسميات مختلفة احد الأسباب القوية الداعية لوجود التخطيط المالي لدى الاسرة الذي ربما لم يكن ضروريا في السابق للعديد من الأسباب من ابرزها عدم وجود التخطيط المتقن لدى المنتجين والعارضين ومحدودية الاحتياجات وعدم تنوعها، ومن الطبيعي ان توجد مجموعة من الضوابط والقواعد التي يفترض مراعاتها عند اعداد التخطيط المالي.
أهمها مصدر الدخل وأوجه النفقات وذلك من حيث الحل والحرمة، ثم مراعاة ترتيب الأولويات حسب ظروف كل أسرة.
واذا كان الافراط في الشراء ضارا بالفرد والاسرة ومؤثرا على مستوى معيشة كل منهما في المستقبل فهو كذلك بالنسبة للمجتمع واذا كانت الاسرة والفرد على السواء مطالبين بوضع الخطط المناسبة للحد من هذا السلوك فالمجتمع أيضا كذلك.
ذلك ان التوسع في الانفاق الاستهلاكي الحالي ستتحمل عبئه جزئيا الاجيال القادمة وسيؤثر على حجم الاستثمارات الحالية مما يعني دخولا مستقبلياً اقل وفرص عمل اقل ايضا وتتزايد المشكلة حينما يكون معظم السلع والخدمات المشتراة مستوردة من الخارج ولذا فانه من المناسب وجود جهة مختصة تراقب الاسواق وما يجري فيها حماية للجانب الاضعف وحماية ايضا لمصالح المجتمع وحقوقه لان الآثار السلبية لبعض التصرفات لا تقتصر على ممارسيها بل ربما امتدت للآخرين وللمجتمع كله.
لذا فإن من المفترض عند التعامل مع المواسم الشرائية ومواسم التخفيضات ان يؤخذ في الاعتبار آثارها على الكثير من المتغيرات الاقتصادية كالاستهلاك والاستثمار وتوزيع الدخل وذلك في الأجل القصير والاجل الطويل وذلك حتى يصبح من الممكن تقييم جدواها بصورة اكثر دقة والا يغيب عن الذهن ان المملكة دولة نامية تسعى لتحقيق مجموعة من الاهداف ولن يتأتى ذلك الا بمراعاتها باستمرار وبخاصة فيما يتعلق بأنماط الاستهلاك ووسائل الدفع واساليبه.
وتتأكد هذه الحقيقة في حالة الدول النامية التي تتمتع بدخول عالية تقارب ماهو موجود في الدول المتقدمة صناعيا والتي ربما تؤدي الى تشابه انماط الاستهلاك في حين ان اهداف كل منهما مختلفة.
قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|
