| رمضانيات
* القاهرة مكتب الجزيرة :
عندما وافق الخليفة العاضد على ان يتولى صلاح الدين مهام عمه الراحل أسد الدين شيركوه، كان يظن أنه سهل العريكة ويمكن السيطرة عليه، ويبدو ان هذا الاحساس ظل يراود جماعة من المصريين الموالين للدولة الفاطمية, وعلى رأس هذه الجماعة الشاعر عمارة اليمني وعبدالصمد الكاتب والقاضي العويرس وغيرهم من الجند المصريين وبعض حاشية القصر بل وافقهم على فعلتهم جماعة من جند صلاح الدين ايضا.
اتفق رأي الجماعة الانقلابية على ان يستدعوا الفرنج من صقلية ومن ساحل الشام إلى ديار مصر فإن خرج صلاح الدين بنفسه لقتال الفرنج ثاروا هم في القاهرة وأعادوا المجد الغابر للدولة الفاطمية, وان ظل صلاح الدين مقيما وأرسل العساكر إلى الفرنج استغلوا الفرصة وانفردوا به, ولكي يحمسهم عمارة اليمني على القيام بالمؤامرة قال: لقد ابعدت اخاه (يقصد أخا صلاح الدين) إلى اليمن خوفا من ان يسد مسده وتجتمع الكلمة عليه، وبالفعل ارسلوا خطتهم إلى فرنج صقلية وساحل الشام.
إلى هنا تبدو خطتهم معقولة التدبير وإن كانت تنطوي على استهانة بدهاء صلاح الدين، كما انها توقع المسلمين في الفتنة وتبيح بلادهم للفرنج بلا أدنى مقابل يذكر.
لسوء حظ تلك الجماعة او لحسن حظ صلاح الدين أن القاضي ابن نجا الذي اطلع على خطتهم ورآهم يوزعون نسخا منها بأنفسهم سلفا فأطلع صلاح الدين على حقيقة نواياهم، فأمره بأن يخالطهم ويخبره أولا بأول بما يتواطأون عليه.
ثم تنامت الانباء إلى صلاح الدين بأن تلك الجماعة تتبادل الهدايا مع الفرنج فقرر القبض عليهم لوأد الفتنة في مكمنها فنودي في اجناد المصريين بالرحيل من ديار مصر إلى أقاصي الصعيد ليبقى جنود صلاح الدين فحسب، كما احتيط على من بالقصر من سلالة العاضد الخليفة الفاطمي اما الذين نافقوا صلاح الدين وتعاطفوا مع تلك الجامعة فلم يعرض لهم ولم يعلمهم ما يعرف عنهم.
آنذاك وصل فرنج صقلية إلى الاسكندرية لكن لم يصلهم خبر عن صلاح الدين، أما فرنج ساحل الشام فلم يبالوا من الاساس بما قالت به تلك الجماعة، ويبدو ان سرعة انكشاف الامر فوت على الفرنج فرصة مواتية للنيل من وحدة الصف الاسلامي تحت إمرة صلاح الدين.
وبعد ان أقرت تلك الجماعة بجريمتها أمر صلاح الدين بصلبهم وفي تلك اللحظة شاهد الشاعر عمارة اليمني القاضي الفاضل يتكلم مع صلاح الدين وكانت بينهما عداوة منذ أيام العاضد فبادر عمارة بدافع الخوف من كلام الفاضل وقال لصلاح الدين: يا مولاي لا تسمع منه في حقي!! فغضب الفاضل وخرج فإذا بصلاح الدين يقول له إنه كان يشفع فيك, وهنا ندم عمار بعد ان فات وقت الندم وأنشد:
لو ان قلبي يوم كاظمة معي لملكته وكظمت فيض الادمع ما القلبُ أول غادرٍ فألومه هي شيمة الايام مذ خُلقت معي |
|
|
|
|
|