* في عدد يوم السبت من أخبار اليوم الصادر بتاريخ 15/8/1421ه الموافق 11 نوفمبر 2000م، كتب الأستاذ محمد طنطاوي في عموده الأسبوعي رأي بالعربي ، كتب يتحدث عن (أخبار اليوم)، يوم صدور عددها الأول في الحادي عشر من نوفمبر عام 1944، على يدي صاحبيها,, مصطفى وعلي أمين، من صناع الصحافة المصرية الحديثة، ذوي التاريخ والمجد الصحافي، والنجاح الذي حققاه، ذلك أنهما كانا عاشقين لهذا العمل,, الذي يتعرض صاحبه للمتاعب والمشاكل والعناء والمساءلة,, التي لا تنتهي، وأعني الصحافي الحق الشجاع، أما الذي ليس له خطر، فهو غائب في حساب العاملين,, في هذا الحقل، الذي من نجحه الإثارة وممارسة الشجاعة في الطرح, وكثير هم,, الذين لا يؤبه لهم,! وكثير,, الذين لهم ثقل ووزن، لأنهم ذوو أدوار محسوبة لهم، وليست محسوبة عليهم,!
* وخلال حديث الكاتب عن التوأمين الناجحين، بدءاً من اصدار أخبار اليوم ، و جريدة الأخبار ، وما تلاهما، وكان الرجلان وعملهما,, مدرسة لصحافة معاصرة ناجحة بحق,!
* وامتد حديث الأستاذ طنطاوي,, عن صاحبي مدرسة أخبار اليوم ,, وما تخرج فيها من ناجحين وطامحين، إلى الارتقاء الذي تحقق للصحافة,, آلياً، ودياراً للطباعة راقية، ثم رموزاً صحافية بارزة وخريجين,, حملوا أعباء الأعمال الصحافية في البلاد، ورسلاً إلى البلاد العربية,, يحملون أكبر الشهادات في تخصصاتهم الصحافية، واحتفت أخبار اليوم عام 1995 بمرور خمسين سنة على انشائها، وأنشأت,, ما أسماه الكاتب جامعة عصرية ، لتخريج الصحافيين، ومهندسي الطباعة -!
* وعنّ لي,, أن أتساءل: ماذا حققت أقسام الإعلام في جامعاتنا؟ ولعل الجواب التلقائي,, الذي ينساق أمامي أن أقسام الصحافة عندنا,, لم تحقق شيئاً,, خلال سني حياتها، ولعل منها ما شارف على الأربعين، ولكنها لم تبلغ أشدها، والسبب الرتابة المنهجية، والروتينية القاتلة، ويلتحق بهذه الأقسام,, التي لا تحمل من اسمها إلا المعنى الجوازي ، أما العطاء والانجاز فغائبان، وان من يلتحق بها طلاب أكل عيش ، وليسوا ذوي طموحات,, تحقق نجحاً يعول عليه,, ذلك أننا لا نرى في ساحتنا الصحافية كفاءات استفادت من دراساتها,, في أقسام الاعلام الجامعية, وانما الذين يمارسون العمل الإعلامي في صحافتنا,, كانت معطياتهم الممارسة والدربة,!
* و مهندسو الطباعة ، فلا وزارة الإعلام,, عنت بهذه الجوانب الفنية، ولا المؤسسات الصحافية,, توجهت إلى هذا المرفق المهم، ليتحقق ما نحن في حاجة إليه,! ولقد كتبت أكثر من مرة,, مشيراً إلى ذلك المقلب الذي كان أيام عبد الناصر، حين رحّل فنيي الصحافة من بلادنا من مواطنيه، نكاية فينا، لأنا اختلفنا معه سياسيا، وكان لنا خط يخالف توجهه,! ومع ذلك,, لم نعتبر، ولم نستفد من ذلك الموقف والتجربة القاسية بالقياس إلينا، وكذلك إلى العمالة التي كانت تحصل على أجور متميزة,, لا تنالها في بلادها,!
* لماذا لا يكون في المعاهد والكليات الفنية,, قسم ليس صورياً ، يتخرج فيه أكفاء من الفنيين، ليسدوا الفراغ في مطابعنا وما أكثرها وما زال عمادها، وسيظل,, ما لم نغير ما بأنفسنا، إلى الأحسن والأفضل والاجدى,! أما الهياكل,, التي لا تفضي إلى سد النقص وتحقيق مآرب العمل الراقي الطموح، فلا قيمة لها، ولا يؤبه لها، وستظل حالنا مكانك قف ، وليس سر ، لأنه لا يتفق سير ,, في نقطة بلا حراك، وانما هو وقوف صامت، لا يغني فتيلاً، وليس له مردود ايجابي,! مع ان تلك الأقسام والمعاهد، تكلف مبالغ,, تنفقها الدولة عليها: مرتبات مجزية، وأدوات وحركة لا تفضي إلى شيء، لأنها مختلفة الفاعلية، ولن تكون لأنها غير فاعلة ، ومرد ذلك خلل فاعل ، وليس انتاجاً مجدياً، وأداء فاعلاً , وهذه الحال,, ليست سبيل أمة طموحة، وإنما هي حال أمة خاملة، ونحن نزعم غير ذلك,, قولاً وعملاً، فمتى نغير ما بأنفسنا!؟
|