إنك إذا استعدت بعض مواقف حياتك,, أو مشاهد من حياة بعض من تعرف,, ترى الأذى يتسلل إليك أو إليهم أحياناً دون سبب منطقي,, دون ذنب ارتكبوه,, أو جريمة فعلوها,.
وتفتش عن السبب فتعييك الإجابة,, ثم إذا بك تفاجأ بعد تمحيص أن توفيقا تتلقاه في تجارتك, أو نجاحاً في عملك هو المسؤول,.
نعم,, فالنجاح ومحبة الناس والتفافهم حولك قد يجلب لك الحسد والأذى,, وقد ينشأ هذا الحسد,, ويُدَبّرُ ذلك المكر من أفراد لاتتوقع منهم السوء، بل ممن تتوقع منهم الحماية والحب.
قد يكون من عشيرتك الاقربين,.
ولأن القرآن الكريم كتاب تربية واقعية يعلم الناس بالحياة وإن فجعها الشر,.
وإن طلبت المثل الأعلى,, لذا تراه يروي قصة يوسف عليه السلام لغرض عميق,, فأنت ترى إخوة يوسف يلقون أخاهم في الجب,, كيف أنزلوه؟,, كيف خدعوه؟,, وكيف سمحت لهم قلوبهم بتركه؟,, بل ألم يكن الجب بديلا عن فكرة القتل راودت بعضهم؟
لايجيبنا القرآن عن كثير من تلك الأسئلة؟
إنه يترك ذلك لخيالنا وتبصرنا,, لقلوبنا وعقولنا,, كي نرى هول ماحدث,.
أليسوا أبناء نبي,,؟؟ نعم,, وأخوه نبي,, حق,.
ولكن,, إنه الحسد الهائل,, تلك القوة المدمرة,, تعبث في المدن فتحيلها أطلالاً,, وتضرب البيوت فتجعلها كأن لم تكن بالأمس؟
وإذن فالقرآن لم يتركنا في تيه أثناء البحث عن المثل الأعلى وتحقيقه,, وإنما بصرنا لنعرف لأي مدى يمكن للبشرية أن تتدنى لنحسن تقدير حساباتنا والأشخاص من حولنا.
وليس لقائل أن يقول,, احذر عدوك مرة,, واحذر صديقك ألف مرة,, فنقيم بذلك مجتمعا للظنون.
لا: الإسلام لا يثير شكوكنا، وديننا لايتركنا في هموم تصورات مجتمع مفترس,, ولكن يريدنا أن ندرس وأن نحلل وأن نتبين,.
العدو ندرسه ونقدر عداوته,, فنستعد لمجابهته والدفاع عن أنفسنا,.
والصديق لانقوم صداقته وأخوته إلا بعد اختبار وتمحيص,, تؤكدها إجابات طرحتها أسئلة الحكمة الغالية.
أصحبته في سفر,, أعاملته بالدرهم والدينار؟
ولهذا جعل الله الجنة هي الدار التي لاغل فيها ولاحسد ووصف أهلها بقوله: (ونزعنا مافي صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين),.
هناك في جنة الله إخاء بلا غل,, وحب بلاحسد,.
|