| تحقيقات
* تحقيق : ظافر الدوسري
عندما ترزق اسرة بطفل معاق تصاب بدهشة وتعاسة اعتقاداً بأنه سيكون عالة عليها إلا من كان إيمانه قويا بالله فيعرف ان لله حكمة كبيرة يبغيها في خلق هؤلاء المعاقين ولكن الإنسان عجول لايستطيع الصبر حتى يفهم،وعندما تحاول الاسرة التقرب منهم وخاصة في رعايتهم وتغذيتهم يجدون صعوبة لمن لايملكون الصبر والإيمان فيواجه هؤلاء المرضى الذين يعانون من عجز او إعاقة في جزء أو اكثر من الجسم صعوبة على تغذية انفسهم أو لعدم القدرة على القضم او المضغ او بلع الاطعمة او السوائل المختلفة, لذا اصبحت الحاجة ماسة لمعرفة احتياجاتهم الغذائية والعمل على تلبيتها ومساعدتهم في اختيار الاطعمة والوسائل المناسبة لتناولها بهدف التخفيف من معاناتهم وتخفيف العبء عن القائمين على رعايتهم وخاصة الاهل,
عوامل الاحتياجات الغذائية
وهنا يحدد الدكتور خالد المدني استشاري التغذية بوزارة الصحة العوامل المؤثرة في الاحتياجات الغذائية عند المعاق بتركيب الجسم حيث تختلف نسب مكونات جسم الطفل المعاق عن السوي، ايضاً النمو والتطوير حيث ان التأثير في النمو ونقصان الوزن والسمنة هي من المشكلات التي يعاني منها المعاق، ويعود السبب في ذلك الى قلة تناول المواد الغذائية بسبب وجود اعتلالات عصبية عضلية قد تؤثر على الهضم ومن بين الاسباب ايضا عدم القدرة على حمل الجسم مما قد يؤدي الى عدم الحركة وقلتها إضافة الى اسباب اخرى، وكذلك حرمان المعاق من اللعب او الاستمتاع بالنشاطات الاخرى.
وحول المشكلات المرتبطة بالتغذية واقتراح الحلول المناسبة اشار الى ان المعاق يحتاج الى نفس العناصر الغذائية التي يحتاجها الشخص السوي.
ويضيف قائلا: ونظرا لكون المعاقين اقصر طولا واقل حركة من الاسوياء في الفئة العمرية ذاتها, فان احتياجات المعاق من الطاقة تحسب على اساس الطول وليس العمر, واما احتياجات المعاق من الفيتامينات والعناصر المعدنية فهي مساوية لاحتياجات الاسوياء الا انه في حالات خاصة قد يزيد الطبيب المعالج في بعض الفيتامينات او المعادن حسب الحاجة.
ويوضح د, خالد ان الحالة النفسية تؤثر على شهية الفرد وبالتالي على استهلاكه للطعام حيث يقول: العلاقة والتفاهم الحسن بين الوالدين او المعنيين بالرعاية وبين المعاق وتناول الطعام في جو عائلي بهيج او مع مجموعة من الاصدقاء يزيد من شهية المعاق ويحسن من سلوكه الغذائي بعكس الوجبات في جو متوتر فإنها تؤثر على شهيته، كما يجب إزالة قلق الوالدين نحو وليدهما وتقبل التغيرات المزاجية في تناول الطعام لديه، وارشادهما الى نوع الغذاء المناسب وكميته وعدم فرض انواع معينة من الاطعمة على المعاق، لان ذلك قد يزيد من اصراره وعزوفه عن الطعام، كما قد يؤدي الى ترسيخ هذا السلوك لدى الطفل بصورة دائمة ويصبح عادة غذائية مستديمة.
ويطرح د, خالد هنا عدة عوامل عديدة ومتداخلة تؤثر على تناول الطعام عند المعاقين ينبغي فهمها واستيعابها للإسهام في حل مشاكل الإطعام، ومن هذه العوامل: مشاكل في عملية الإطعام مشاكل خاصة بالفم والاسنان الإمساك سوء التغذية، وقال: من المستغرب ان بعض الآباء يعتقدون ان الاطعمة هي المصدر الرئيسي لاسعاد هؤلاء المعاقين وهذا الاعتقاد الخاطىء يزيد من المشاكل الصحية للمعاق، لذلك كان من الضروري مساعدة الاهل في ايجاد طرق اخرى للتعبير عن حبهم واهتمامهم بالطفل المعاق مع وضع النظام الغذائي الذي يكفل له الحصول على العناصر الغذائية الضرورية بالكميات الكافية مع عدم الزيادة في السعرات الكلية اليومية، كما يجب مساعدة المعاق على اداء التمرينات الرياضية المناسبة وتناول الغذاء المتوازن حتى يصل الى الوزن الامثل.
تقييم الاحتياجات
وعن اختيار الاطعمة المناسبة فيؤكد د, خالد انه لابد من تقييم احتياجات كل معاق على حدة حتى يمكنه الحصول على احتياجاته الفعلية ولتقييم الحالة الغذائية للمعاق يجب التعرف على سنه، طوله، وزنه، جنسه، مستوى النشاط الذي يقوم به، نوع الإعاقة، نوعية الإصابة بالمرض الذي يستدعي التعديل في طعامه المتناول, كما ينبغي تقييم قدراته الجسدية حتى يمكن وضع الاهداف المرجو تحقيقها في برنامج التدريب على إطعام نفسه, وفي حالات معينة يجب ان تراعى تلك الاطعمة المقدمة من حيث القوام للتغلب على بعض المشاكل التي يعاني منها المعاق, فمثلا قد يقدم الاهل للمعاق اطعمة مهروسة في الوقت الذي يكون فيه قادراً على مضغ طعام اكثر خشونة, او قد يقوم الاهل بتلقيم المعاق بينما يكون مستعدا للتعلم على ان يأكل بدون مساعدة, فالطفل السوي يظهر استعداده التنموي بشكل واضح اما المعاق فانه يظهر استعداده بشكل مبهم لدرجة قد لا تلاحظ تماما وعندما يتم التنبيه لهذا الاستعداد يكون الوقت متأخراً مما يؤدي الى حصول مواجهات مع المعاق الذي قد يرفض تناول الطعام بذاته او قد تستمر الام في إعطائه اغذية مهروسة لسهولة تناولها وتوفير الوقت لرعاية مسؤولياتها الاخرى، وهذا كله يؤدي الى عدم كفاية الغذاء المتناول وبالتالي لايسهم في حصول المعاق على نمو كاف.
الأدوية والغذاء
ويعرج د, خالد في حديثه على موضوع الأدوية حيث يتناول العديد من المعاقين انواعا مختلفة من الادوية لمعالجة بعض الحالات مثل الصرع او فرط الحركة فيؤدي استخدامها الى خلل في التمثيل الغذائي لبعض العناصر الغذائية، ويوضح ذلك قائلاً: الاستعمال المزمن لأدوية مضادات الصرع قد يؤدي الى خلل في التمثيل الغذائي لبعض العناصر الغذائية والى خلل في العظام فتزيد هذه المجموعة من الادوية احتياجات الجسم من فيتامين د, مما يعيق امتصاص الكالسيوم, وبالتالي حدوث خلل في ميكانيكية تكوين العظام، كما يؤدي ايضا استمرار تناول مضادات الصرع الى نقص في حمض الفوليك احد مكونات فيتامين ب المركب في خلايا الدم الحمراء مما ينتج عنه حدوث فقر الدم ذي الخلايا الضخمة, وهناك ايضا استعمال منبهات الجهاز العصبي المركزي فقد يؤدي الى فقدان الشهية والارق وآلام في المعدة, اما مثبطات الجهاز العصبي المركزي والمهدئات فتؤدي الى زيادة الوزن,, وغيرها من الامثلة العديدة.
ويشير د خالد الى ان تغذية او إطعام المعاقين يتطلب التعامل معهم على اساس فردي فيما يتعلق بقوائم الاطعمة المقدمة وبمدى القدرة على اكتساب المعاق لمهارات الإطعام، اذ لابد من تقييم احتياجات كل معاق على حدة حتى يمكنه الحصول عليها، كما يجب تقييم قدراته الجسدية والانتباه الى الوضع الصحيح الذي يكون عليه الطفل المعاق عند إطعامه وخاصة وضع الرأس والجسم والحوض والاطراف، وايضاً استخدام الاجهزة والادوات المناسبة لاطعام المعاق كذلك طرق الإطعام لبعض حالات الإعاقة, كما يجب مراعاة الحالة النفسية للمعاق من حيث تأثيرها على شهيته واخيراً قدرة الفريق المعالج على التعامل مع المعاق اذ يتطلب اطعامه تعاونا وتنسيقا مع الفريق الصحي المعالج للوقاية من سوء التغذية.
ويختتم د,خالد حديثه بخلاصة يشير فيها الى انه بالرغم من التقدم في علوم التغذية والذي انعكس في تقديم العديد من برامج الغذاء وطرق التغذية السليمة للمعاقين إلا ان كثيرا من الاسر تفتقر الى معرفة الطرق الصحيحة لتغذية هذه الفئة مما يزيد العبء عليها ويبرز الحاجة الماسة الى توعية اسر المعاقين بمعرفة احتياجات ابنائهم الغذائية والعمل على تلبيتها ومساعدتهم في اختيار الاطعمة والوسائل بهدف الوقاية من سوء التغذية لتخفيف معاناتهم.
الرعاية التغذوية
ريم التميمي اخصائية تغذية بمستشفى الجبيل العام شاركتنا برأيها فقالت: اولت حكومتنا الرشيدة الرعاية الصحية والإجتماعية لجميع افراد المجتمع وبمختلف فئاته وشرائحه، وقد اولت رعاية خاصة بشريحة موجودة في المجتمع ويصعب عليها الإندماج والتأقلم فيه بشكل طبيعي,, الا وهي فئة المعوقين سواء أكانت الإعاقة بسيطة او معقدة, حيث ان الإعاقة هي عبارة عن اكتساب عاهة مستديمة، سواء كانت وراثية او مكتسبه جسدية او ذهنية، ومن هذه العاهات:
العاهات الوراثية: مثل ولادة طفل مصاب بشلل دماغي.
العاهات المكتسبة: مثل بتر احد الاعضاء نتيجة حادث او الإصابة بمضاعفات مرض السكري مثلا.
ولقد تعددت طرق رعاية هؤلاء المعوقين من حيث وجود مستشفيات خاصة ومراكز تأهيل ومدارس ومعاهد مختلفة في جميع انحاء المملكة.
وفي هذا الموضوع الإنساني سوف نسلط الضوء على التغذية الخاصة بهذه الفئة وبشكل مبسط وذلك لما للتغذية من دور مهم في تخفيف حدة بعض الامراض ومعالجة البعض الاخر من الحالات التي لها علاقة مباشرة بالغذاء.
وقبل القيام بأي حمية غذائية للمريض، يجب التأكد من اتباع التالي:
اخذ التاريخ الطبي والغذائي للمريض، تقييم الحالة الصحية للمريض، اخذ القياسات المطلوبة لتقييم الحالة الغذائية، تقييم الحالة الغذائية، التخطيط الغذائي.
فإن الاعاقة بأنواعها المتعددة الجسدية والذهنية تختلف شدتها حسب سبب الإعاقة وقد يحتاج المريض الى رعاية متكاملة ومستمرة في المستشفيات او المراكز المتخصصة في بعض الحالات ومعرفة التاريخ المرضي ضروري جداً حيث ان تباين قدرات المعاقين تجعل من الصعوبة تقييم الحالة الغذائية فبعضهم لديه إعاقة لغوية النطق لذا يلجأ الفريق الطبي او المعالج واخصائي التغذية لاخذ المعلومات من اقارب المعاق.
تقييم الحالة
يعتبر الكشف الطبي للحالة وتشخيص المرض من مهام الطبيب فهو الذي يقيم الحالة الصحة للمريض سواء كان سليما او معاقا، وعلى ضوء تشخيص الطبيب المختص لحالة المعاق المرضية يتم تقييم الحالة الصحية وعلى سبيل المثال مقدرة المريض على تناول الطعام العادي او غيره، وهناك قياسات لابد منها.
وهي عبارة عن قياسات انثروبيومترية تشمل: العمر الطول الوزن قياس محيط الرسغ قياس كمية الدهون وهذه القياسات قد يصعب اخذها للمعاقين، فمثلاً: اخذ قياس الطول بالطريقة العادية يكون صعبا لعدم القدرة على الوقوف في بعض الحالات او الإصابة بالشلل الدماغي حيث يكون وضع الركبتين غير صحيح ولهذا يقوم الممرض او اخصائي التغذية باخذ القياسات وتطبيقها في معادلة خاصة حيث يتم اخذ قياس محيط منتصف الساق وطول الساق ومحيط منتصف الذراع بالسنتمتر وسمك طبقة الجلد, وتُطبق على المعادلات الخاصة حيث تختلف للذكور عن الإناث في ثوابت المعادلات وهناك طرق معادلات اخرى تحتاج الى عمر المعاق وطول ساقه مثال:
الطول بالسنتمتر للرجال = 2,02 طول الساق 0,04 العمر 64,19
الطول بالسنتمتر للنساء = 1,83 طول الساق 0,24 العمر + 84,88
وبعد تقييم الحالة المرضية وأخذ القياسات يتم وضع نظام غذائي من قبل اخصائي التغذية بإشراف الطبيب المعالج كل حالة حسب مايناسبها بحيث تحدد السعرات الحرارية ونوعية المواد الغذائية المناسبة لها.
ويتم التخطيط الغذائي لوضع مواعيد الزيارة في عيادة التغذية من قبل اخصائي التغذية، كل مريض حسب حالته لمتابعة تطبيق النظام الغذائي المنزلي, فإذا كانت الحالة غير مستقرة فتكون متباعدة وذلك للتأكد من تطبيق النظام الغذائي الموجود بطريقة صحيحة والإجابة على الاستفسارات ومحاولة المساعدة من التغلب على مشاكل الهضم إن وجدت.
نصائح هامة
1 يجب أن يشتمل الفريق الطبي المعالج لاي شخص مصاب بالإعاقة على:
طبيب باحث اجتماعي ممرض اخصائي تغذية اخصائي علاج طبيعي.
2 اتباع الحمية الغذائية المعطاه من اخصائي التغذية والرجوع له عند حدوث اي مشكلة غذائية.
3 تحتاج أكثر انواع الإعاقات الى تناول الفيتامينات والمعادن من مصادرها الطبيعية مثل الحبوب الخضروات الفواكه الطازجة.
4 عند وجود اي عائق في المضغ وتناول الطعام يجب تقديم الطعام مهروسا ولينا بعد طحنه جيداً والإكثار من السوائل.
5 في بعض حالات المعوقين يكون هناك امراض اخرى مصاحبة له مثل مرض السكري او ارتفاع ضغط الدم لذا يجب اخذ ذلك في الإعتبار عند اعداد وجبات المريض بحيث يلتزم بالاطعمة الممنوعة والمسموحة وكمية الطعام الموصوف له.
6 يصاب كبار السن بانواع متعددة من العاهات المختلفة الجسدية والذهنية لذا يطبق عليهم ما ذكر سابقا كل حسب حالته ونوع إعاقته.
وبصورة عامة يمكن اتباع الآتي:
أ تناول من 4 6 وجبات غذائية صغيرة.
ب تناول الوجبات في مواعيدها المنتظمة.
ج تناول الطعام بتمهل مع المضغ الجيد له.
د تناول الاطعمة عالية الإحتواء على الالياف مثل الخضار الورقية والفواكه الطازجة.
ه تناول الاطعمة السائلة مثل العصيرات والشوربات والاطعمة المهروسة.
و تجنب تناول الاطعمة المعلبة والحلويات والاطعمة المالحة مثل المخللات وغيرها والمشروبات الغازية والمنبهات.
واخيرا، فإن التغذية السليمة ضرورية لكل شخص سواء كان معاقا او سليما لانها تساعده على الوقاية من الامراض وتدعم الجسم وتساعد على بنائه وتكوينه بصورة صحيحة بإذن الله.
حكمة الله فيهم:
نائب المدير العام ومدير العلاقات العامة بمركز الجبيل للتأهيل الخاص مجدي بن خالد البهكلي شاركنا في هذا الموضوع في رسالة موجهة لاولياء الامور قائلاً:
إن نعم الله تعالى على عباده كثيرة لا تعد ولا تحصى وان من اعظمها واجلها نعمة الابناء الذين هم زينة الحياة الدنيا كما قال سبحانه وتعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخيرا املا فمن رزقه الله البنون فقد حاز على نصف زينة الحياة الدنيا وهي نعمة تستحق الحمد والشكر لمن وهبها وهو الله سبحانه وتعالى ومن شكر فإنما يشكر لنفسه وقد قال تعالى وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد .
ان حكمة الله تعالى اقتضت ان تكون الحياة الدنيا دار بلاء ومحنة لا تدوم على حال ولا يقر لها قرار فساعه تحلو لأهلها وساعة تضيق بهم على سعتها وقد قال تعالى في كتابه الكريم لقد خلقنا الإنسان في كبد وماذاك الا لانها دار مؤقتة لادوام لها وقد قال تعالى كل من عليها فان أي زائل, هذا وان من كدرها ومشقتها ما قد يصيب الإنسان من امراض واسقام في كبره او صغره وبفضل الله تعالى ومنه ان جعل ذلك كله في صالح المؤمن الصادق في ايمانه فإنه لايصيبه هم ولا حزن, حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها خطاياه كما اخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
واضاف يقول ان علينا جميعا ان نشكر الله تعالى على نعمة الابناء وان نصبر على البلاء فإن الضار والنافع هو الله سبحانه وتعالى وهو ارحم بنا من انفسنا فيجب على من ابتلاه الله في احد ابنائه بمرض او فقدان ان يصبر ويحتسب الاجر عند الله، فيصبر وليحتسب الوالدان وأن يلجآ الى الله وان يدعواه مخلصين من كل قلوبهم ان يشفي مريضهم وان يلجآ على الله في ذلك فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم وقال ربكم ادعوني استجب لكم وقال سبحانه وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان وقال ايضا ان رحمة الله قريب من المحسنين وان من الإحسان ان يصبرا على البلاء وان يدعوا الله وهما مؤمنان بان الله سيستجيب لهما دعاءهما.
وفي الختام اسأل الله تعالى ان يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وان يعيد البهجة والسرور الى اولياء الامور بل والى كل مصاب من ابنائنا وبناتنا وان يقر بهم اعيننا ويبهج بهم قلوبنا.
معاناة أم
كما ان للوالدين قصة ومشوار معاناة مع هؤلاء المعاقين منذ قدومهم للحياة وحتى تسير بهم الى ما شاء الله, وهنا سردت لنا احدى الامهات ام تركي مشوارها مع طفلها المعاق وكيف واجهت الموقف الى ان وصلت مرحلة القناعة والرضى بما كتبه الله لها، حيث تقول: بدأ مشوار معاناتي مع طفلي الاول عندما حملت به وشاء القدر ان يحين موعد ولادته قبل موعدها بثلاث شهور، وكان ذلك بسبب انفصال في المشيمة وأدى ذلك الى نزيف ومنها ولادة مبكرة، وأنجبت الطفل ناقص النمو جسمانياً وكذلك تعرض الى نقص في الاكسجين واستقاء بالدماغ ماء بالرأس ونقص المناعة عنده أدى الى تعرضه للحمى الشوكية وكذلك اصابته بالصرع وبالتالي اصبح لدي طفلاً معاقاً وكانت نظرة الطبيب المعالج له غير متفائلة.
ولكنني سلمت امري لله عز وجل حيث قال في كتابه الحكيم وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون, اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون صدق الله العظيم، وبدأت معاناتي معه منذ ولادته وكانت تراودني التساؤلات مثل: لماذا طفلي يحدث له ذلك؟ وهل سيبقى على هذا الحال طوال العمر؟ وهل سيدرس, وماذا سيكون شعوري عندما نخرج بين الناس والمجتمع؟ وتذكرت قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين .
فدعوت الله ان يشرح لي صدري وييسر لي امري, ثم بعد ذلك اطلعت على كل ما يتعلق بالإعاقة من قراءة كتب ومجلات والبحث عما هو افضل لطفلي وسؤال الاخصائيين الذين لهم علاقة باعاقته مثل الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين والعلاج الطبيعي, وبعد سؤال الاخصائيين في هذا المجال وجدت بان المرحلة مرت بحياتي من عدم التفاؤل والانطواء والشعور بالخجل واليأس والاسئلة الكثيرة التي كنت اطرحها على نفسي ولابد ان تحدث لكل ام طفل معاق سواء كانت اعاقته جسدية او عقلية او سمعية او بصرية.
ولذلك لابد على كل ام ان تتفاءل وترجع الى الله سبحانه وتعالى في كل خطوة تخطوها وتبحث وتسأل كثيراً وبإذن الله تتيسر امورها.
حتى اصبح طفلي الآن ولله الحمد بحال افضل من السابق، ولقد الحقته بمركز الجبيل للتأهيل الخاص وخلال دراسته لاحظت تطورا جيدا ومستمرا الى الافضل وانا كلي امل بأن ذلك بداية خير لمستقبل طفلي ان شاء الله.
مناشدة أب:
أحد الآباء منصور ممن مروا بتجربة طفل معاق واستطاع بايمانه القوي ان يعرف ويتعامل مع هذا الطفل ومن ثم ادخاله في المراكز التأهيلية، وهنا ينصح اخوانه الآباء بالصبر واخذ الحكمة مع عدم الاعتراض والتضجر حيث يقول:
إن الإيمان بقدر الله تعالى خيره وشره شرط في صحة الإيمان فعلىكل من ابتلي باعاقة في احد ابنائه ان يرضى بقدر الله ويسلم امره لله وليعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه وليعلم ان الله تعالى يختبره بذلك فإن صبر وشكر كان خيراً له عند ربه وإن كانت الاخرى فلا حول ولا قوة الا بالله فليتب لله ويسأله العافية في الدين والدنيا والآخرة,وأضاف يقول: إن مما يحز في النفس ويبعث على الاسى وهو ما لوحظ من بعض الآباء من اعمال تدل على قلة الإيمان بقدر الله تعالى, فبعض الآباء ممن ابتلوا في ابنائهم او بعض ابنائهم مع ما لهم فيه من حزن وشفقة عليهم تراهم لا يحرصون على الحاقهم بأي مركز تأهيلي وذلك خشية ان يقال ان فلانا لديه طفل او طفلة معاقة، نسأل الله العافية والسلامة.
واختتم مشاركته بالقول: لنتعاون جميعاً على الوقوف مع ابنائنا جنباً الى جنب ليتمكنوا من إدراك الركب ومواكبة الحياة وذلك بتذليل الصعاب امامهم وتشجيعهم واعانتهم بكل مانستطيعه من اسباب تعينهم على الاعتماد على انفسهم دون مساعدة من الغير.
وهذا يدفعنا ايضاً الى القول بوجوب تشجيع الاخوة القائمين على المراكز التأهيلية واعانتهم بما يحتاجونه ليقوموا بواجبهم على أكمل وجه وأحسنه.
|
|
|
|
|