| الاخيــرة
نظرة انصاف مجردة من الخيال أو المبالغة، برؤى بعيدة عن العاطفة والميول والأنا, يجدر بنا أن نتمعن بعين البصير المنصف لواقع حالنا مقارنة بغيرنا ممن يبزنا ونبزه، ويماثلنا ونماثله فإن كنا صادقين منصفين فسيظهر لنا أن هذه البلاد تنعم بالكثير الكثير من السجايا والخلال وانماط التعايش الاداري والمالي التي قلما تجد محاكياً لها في البلاد الأخرى، فأروني بربكم مواطناً في أي مكان ينعم بحرية التجارة كما هي حالنا, فلا قيود على الكميات المستوردة ولا على نوعيتها طالما كانت مطابقة للمواصفات، لا بل قد يرافقها بعض التسامح, ولا قيود على حركة رأس المال حتى في أحلك الظروف والأزمات، ولا قيود محاسبية محددة لاحصاء كل شاردة وواردة، ولا ضرائب تثقل الكاهل وتدمي الساعد, فلو نظرنا إلى الدول الأخرى لوجدنا الضرائب تأخذ أنماطاً مختلفة فمن ضريبة الدخل إلى ضريبة على الراتب وضريبة أخرى على الربح، وأخرى على استخدام المرافق العامة، ودواليك حتى ليجد المرء انه ينفق ما قد يصل إلى 50% من كده وعرقه على هيئة ضرائب مختلفة.
وفي بلادنا لا توصد الأبواب ولا تنقطع الأسباب التي تجعل المرء يحصل على خدمة هنا وهناك، وكم منا من احتاج إلى قضاء مصلحة له أو لمن استعان به فلم يعدم الوسيلة لبلوغ مناه، كم منا من ذهب إلى أمير منطقة أو مسؤول وأخذ يلح ويصرخ ويشرح، وقد يشتكي أو يتشاكى فيحقق ما يريد اذا لم يكن في مبتغاه ضرر على غيره، وكم من مطلب يعلم فيه أمير المنطقة أو المسؤول أن المتظلم ليس على حق يقين لينصفه ويعطيه منه, وانما هو تشبث بادعاء لعله يصيبه منه وابل فان لم يكن وابلا فطل، ومع هذا فتجد الأمير أو المسؤول يغض الطرف، ويسهل الأمر مع علمه ببواطن الأمور لانها سجية جُبل عليها ابناء هذه البلاد، وصفة حميدة قلما تجد مثلها في بلاد أخرى.
واذا ما ولجت على مسؤول في هذه البلاد فتجده يحاول جاهداً ان يعرف من أنت من خلال اسمك فاذا لم يتسن له الأمر سأل عن مدينتك أو قريتك او عائلتك فتحس بدفء العاطفة وشفافية المعاملة، مما يبعث الطمأنينة في النفس بأن الأمير أو المسؤول سيبذل قصارى جهده للمساعدة.
وفي اطار المساعدات المالية والتكافل الاجتماعي، يعج واقعنا وماضينا بأنصع الصفحات وأكثرها بياضاً، فالأنفس تجود بالمال عند الملمات كما تجود السماء بالمطر.
فالمريض يجد من يساعده في العلاج، والمحتاج لا يعدم من يشد من أزره ويحد من عوزه، ويخفف من معاناته، فحمداً لله على هذا الحال، دعوته جلت قدرته ان يديم علينا نعمة الأمن والأمان والرخاء.
د, محمد بن عبدالرحمن البشر
|
|
|
|
|