| تحقيقات
* تحقيق : خالد محمد الخليفة
تشكل ظاهرة تسول النساء في محافظة الرس بمنطقة القصيم مصدر ازعاج دائم للمواطنين والمقيمين صباحا ومساء فضلا عن كونها مظهرا غير حضاري لا يليق بمحافظة تتطلع الى الافضل وتمثل جزءا عزيزا من بلادنا الغالية الى جانب ما قد تنطوي عليه هذه الظاهرة من مشكلات امنية واجتماعية ومحاذير سلوكية ربما لا تحمد عقباها!!
ومشاهد المتسولات وهن يفترشن الارصفة او يضايقن المارة والباعة والمتسوقين وغيرهم ممن يقضون مصالحهم لا شك انها مشاهد دخيلة على مجتمعنا وتشوه الواقع الذي تعيشه كافة الفئات الاجتماعية في وطننا المعطاء بفضل الله ثم الرعاية الكريمة التي تحظى بها الفئات المحتاجة من قبل حكومتنا الرشيدة ماديا ومعنويا,.
وتواجد
النساء المتسولات في ميادين المحافظة العامة اصبح من الامور المألوفة مع مرور السنوات لكنه يزداد كثافة كلما اقترب شهر رمضان المبارك,, ورغم ذلك لم تتخذ الجهات المسؤولة اي خطوة في هذا المجال مما يعطي هؤلاء النسوة الفرصة كاملة لممارسة جمع المال دون خوف او حتى حياء رادع ينبعث من ذواتهن!!
وفي هذاالتحقيق نحاول رصد بعض مظاهر هذه المشكلة كما نلتقي عددا من المواطنين بهدف تسليط الضوء عليها والتعرف على شيء من سلوكيات هذه الفئة النسائية التي اختارت التسول وسيلة سهلة لاستدرار عطف الآخرين ووظيفة غير مشروعة ذات مردود مادي لا يستهان به في مجتمع ينشد الخير ويتعامل مع الجميع بطيبة متناهية ليست محمودة دائما.
تساؤل واستغراب
ومما يدعو للاستغراب ان اعداد هؤلاء المتسولات يزداد بينما لا نرى في المقابل اي جهد يذكر من قبل الجهات ذات العلاقة وخاصة مكتب مكافحة التسول بالمنطقة الذي يكتفي فيما يبدو بالفرجة دون ان يحرك ساكنا وكأن محافظة الرس على امتداد مساحتها وكثافة سكانها مدرسة لتدريب المتسولات لا تطالها خدماته الجليلة,, ومما يدعو للتساؤل ان التنسيق شبه مفقود بين الجهات المسؤولة التي يفترض فيها التصدي لكل من يتخذ من هذه الوسيلة المرفوضة مصدرا مضمونا للحصول على المال دون اية خدمة لهذا الوطن الذي لم يبخل على احد سواء في الداخل او الخارج وهي جهود تذكر وتشكر لولاة الامر حفظهم الله في كل مجال.
مشاهد مؤسفة
إن ظاهرة المتسولات في هذه المحافظة الغالية رغم كونها شبه محدودة الا ان وجودها بهذا الشكل غير الحضاري يجعلنا نضعها ضمن حدود الظاهرة التي تحتاج الى حل,, فقد رصدت الجزيرة على مدى ايام حركة هؤلاء المتسولات ووجدتهن يتواجدن بكثرة عند عتبات الجوامع وأمام بوابات البنوك او واجهات الاسواق التجارية مادات ايديهن المحتالة للداخل والخارج وفي حالات اخرى تصل بهن الجرأة الى حد ممارسة تسولهن داخل تلك الاسواق ولكن بطريقة تختلف عما كانت عليه خارجها مستغلا طيبة النساء وسذاجة البعض منهن حيث لا يترددن في اعطائهن ما تجود به انفسهن متأثرات بالاسطوانة المكرورة التي يسمعنها كل متسوقة وأحيانا بغية الفكاك من ملاحقتهن ومضايقتهن التي لا تحتمل وفي حالات ليست قليلة رصدنا مشاهد لمتسولات يضايقن الرجال في سوق الخضار ويتابعنهم حتى سياراتهم وهي مشاهد مقلقة وتحتاج الى وقفة وطنية للقضاء عليها او على اقل تقدير الحد منها!!
مسؤولية عائمة
فها هو احد تجار سوق الخضار يؤكد لنا ذلك وهو المواطن خالد سليمان البطاح بقوله:لاشك اننا نعاني من المتسولات اللاتي يسببن لنا الازعاج يوميا كما يضايقن الزبائن بالحاحهن على طلب المساعدة او المال وهذا الوضع يشوه مظهرنا الحضاري ويعطي صورة غير حقيقية لما يعيشه المواطنون في بلادنا الغالية التي وفرت بفضل الله ثم جهود حكومتنا الرشيدة العيش الرغيد للجميع ومهما تكن حاجتهن فما يقمن به تصرف غير مقبول يجب منعه خصوصا اننا مقبلون على شهر رمضان المبارك الذي تزداد فيه اعدادهن ورغبة منا في الحد من هذه التجاوزات اتصلنا بمكتب مكافحة التسول بالقصيم ولكن المسؤولين فيه تذرعوا بعدم وجود فرع لهم في المحافظة وأمام ذلك لم نجد الا الاتصال بشرطة محافظة الرس التي وجهتنا بدورها الى مخاطبة مكافحة التسول ونحن لا ندري الآن من المسؤول خصوصا ان هؤلاء النساء يتواجدن بشكل يومي ولم نر اي جهة تتعقبهن وقبل ايام حدث موقف لاحداهن استدعى تواجد الهيئة ولا ادري بالضبط ماذا حصل بعد ذلك اننا نناشد المسؤولين بالعمل على ايجاد مكتب لمكافحة التسول بالمحافظة لخدمة مساحات شاسعة كما نرجو ان يكون هناك تنسيق بين الجهات ذات العلاقة لمواجهة هذه التصرفات المرفوضة في الوقت الحاضر,, ومهما يكن فان الخدمات الاجتماعية الحكومية والخيرية تقدم الكثير للمحتاجين ولا عذر لهؤلاء المتسولات.
جهود مشكورة
وفي السوق التجاري القديم التقينا رجل الاعمال راشد بن عبدالله الغفيلي الذي تحدث لنا عن هذه المعاناة قائلا:
التسول بلا شك سلوك غير حضاري وتصرف مزعج غير مقبول سواء من الرجال او النساء او الاطفال ولكننا في محافظة الرس نعاني اكثر من النساء المتسولات اللاتي يقضين يومهن في مضايقة المتسوقين والمتسوقات بهدف جمع المال من خلال التحايل واظهار دواعي الشفقة والرحمة والعطف وفي بعض الاحيان يقمن باصطحاب اطفالهن زيادة في استدرار العطف وبصفتي تاجرا أتواجد في محلاتي بشكل دائم فانني لا افقد في الغالب مرور بعضهن وبصراحة فانني في بعض الاحيان احرج وأعطي ما قسم الله باقناع تام لأننا لا نعرف الصادق من الكاذب ونحن نقدم الخير ونسأل الله وحده الاجر والثواب وما في القلوب علمه عند المولى عز وجل,, والجميع يعلم ان الدولة ايدها الله قد وفرت للجميع الحياة الكريمة فهناك خدمات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى جانب الجمعيات الخيرية وهذا وغيره من الجهود يجعل ظاهرة التسول أمرا مرفوضا وسلوكا غير حضاري يتطلب التصدي له بكافة السبل ومن جميع الجهات المسؤولة ذات العلاقة.
مضايقة,, وتنسيق
بينما تحدث الينا مساعد مدير بنك الرياض بمحافظة الرس الاستاذ صالح علي العطني عن تواجد هؤلاء المتسولات عند بوابات البنوك بقوله:
استطيع القول ان تواجد هذه الفئة يتم بشكل يومي عند مداخل البنوك ولا اخفيك فان هذه الظاهرة المزعجة تسبب الاحراج لنا وللعملاء علاوة على كونها تصرفات غير حضارية من اطراف لا يهمها الا جمع المال فقط غير عابئة بما تتركه من مظاهر مزعجة تتجدد مع كل صباح والمؤسف ان تسول النساء يؤدي الى تجاوزات امنية لا سمح الله فكل النساء اللاتي نراهن متسولات يلبسن الزي السعودي لكننا بالتأكيد لا نستطيع الجزم بكونهن سعوديات ولا شك ان ذلك يعطيهن حرية اكثر في ممارسة مهنتهن غير المشروعة بل ان بعضهن يخترن اماكن استراتيجية وبالتحديد جوار مكائن الصرف الآلي حيث لا يخلو الامر من خارج او داخل يرق قلبه لهن فيعطيهن شيئا من المال الامر الذي نشاهده فعلا وخصوصا من قبل الوافدين الذين يأتي اعطاؤهم لهن حافزا لمزيد من الاستمرار في ذلك.
وفي هذا الصباح كانت احداهن امام بوابة البنك ومعها طفلها الذي يحمل رضاعة بيده وقد سبب لنا ذلك بعض الازعاج فعامل النظافة كان جهده الاكبر لتنظيف المدخل من آثار الحليب التي تتناثر طيلة تواجدهما على المدخل وحبذا لو يعمل المسؤولون على نبذ هذه المناظر المؤسفة من خلال التنسيق بين الجهات المعنية كما اتمنى من المواطنين والمقيمين عدم تشجيع هؤلاء المتسولات بالتوقف عن اعطائهن المال فالدولة لم تقصر والمجتمع ولله الحمد يرفض مثل هذه السلوكيات الغريبة عليه,, بقي ان أشير الى ان هؤلاء المتسولات يتواجدن امام البنوك ومكائن الصرف الالي بالتناوب وكأنهن يفعلن ذلك بتنسيق تام بينهن لأن الاشكال واحدة وعموما فان المواطنين مسؤولون بالدرجة الاولى عن تفشي ذلك لأن ابواب الخير كثيرة وما دمنا نعرف ان التسول من التجاوزات التي تحاربها الجهات المسؤولة لما لها من مشكلات ومظاهر اجتماعية سيئة فإننا مطالبون بالتعاون التام لأن اليد الواحدة لا تصفق.
سلوكيات سيئة
ومن جهته يقول المواطن خالد محمد العلولا,, مؤكدا تضايقه الشديد من هذه التجاوزات غير الحضارية ان المتسولات متواجدات بشكل لافت طيلة ايام السنة ولكنهن في هذه الايام وخصوصا في شهر رمضان الكريم ويومي الخميس والجمعة يكن اكثر تواجدا ولا أبالغ اذا قلت انهن يسببن الاحراج والمضايقة وهن في الغالب لديهن قدرة غريبة على الالحاح الشديد وتحمل ذل المسألة بل انهن لا يكتفين باعطائنا لهن للمرة الاولى حيث يأتين من الباب الثاني مدعيات ان التي اعطيت ليست منهن وبصفتي احد تجار المواد الغذائية فانني اعاني من ذلك كثيرا والمؤسف ان بعض هؤلاء المتسولات شابات ويستغللن شبابهن للايقاع بالشباب الذين يمارسون معاكستهن احيانا وهذا بطبيعة الحال باب لتجاوزات اخرى لا تخفى على الجميع وحتى اكون منصفا فإننا عندما نستعين برجال الحسبة لابعادهن لا يترددون في خدمتنا حيث يلذن بالهرب والاختفاء ولكنهن سرعان ما يعدن الى سابق عهدهن متسولات مزعجات غير عابئات بالجميع,.
ومع تقديرنا للمسؤولين وجهودهم المخلصة فاننا نتطلع الى جهد اكبر واجراءات صارمة تمنع تواجدهن سواء عند ابواب المتاجر او المنازل او المساجد فمحافظة الرس تحتاج الى فرع لمكتب مكافحة التسول ليقوم بدوره الوطني والحضاري على اكمل وجه.
في نهاية المطاف,, كلمة
وختاما لابد ان نشير في نهاية هذا التحقيق الى اهمية توفر الوعي لدى المواطنين والمقيمين كونه عاملا اساسيا في القضاء على هذه الظاهرة,, فالبذل والعطاء والاحسان بشكل عام امر محمود لكنه في مثل هذه الحالات يصبح صورة من صور التشجيع التي تؤدي الى تفشي التسول وبالتالي كسب المال بالطرق غير المشروعة ولولا ما يجدنه من البعض من كرم في غير محله ما اقدمن على ممارسة هذا السلوك غير المقبول خصوصا ان المنازل لم تسلم من ازعاجهن وأحيانا دخولهن الى ربات البيوت ومضايقتهن بالادعاء الكاذب والتحايل والاستجداء المقيت وهو ما يكثر في شهر رمضان المبارك من كل عام,, والامل بعد الله معقود بالمسؤولين الذين لا نشك اطلاقا بحرصهم على كل ما من شأنه رفعة هذا الوطن ومواطنيه والحفاظ على مظهره المشرق الذي ارتضته له قيادتنا الحكيمة اعزها الله.
|
|
|
|
|