| عزيزتـي الجزيرة
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقرأ في صحفنا بين الحين والآخر ما يشبه التقريض حول السعودة، تأخذ أبعاداً متباينة فهي تجدف تارة صوب الأنظمة كأن ترميها بالتقادم وعدم المواكبة لايقاعات العصر وما يرتبط به من انفتاح على العالم ومرات تأتي بما يشبه التنظير لما هو لازم ومطلوب في سوق العمل من مؤهلات لتبقى الكرة في ساحة التعليم العام والجامعي, بينما القضية تبرز في جانب آخر يتمثل في تقاعس الشركات والمؤسسات الأهلية نحو تقبل السعوديين في الأعمال برحابة صدر نستطيع من خلاله التعرف على أوجه القصور ان وجدت وتحقيق نسب التوظيف والتي لم تبلغ حتى الآن سوى نسبة ضئيلة نتيجة تهرب جهات العمل من التشغيل تحت حجج واهية، مما ضاعف اعداد العاطلين عن العمل وهو أيضاً ما يدفع بالبطالة لمعدلاتها الأعلى وجعل التوظيف الأهلي يدور فيما يشبه الحلقة المفرغة,حتى وان اعيد تأهيل المواطن كما يزعمون تعليما وتدريبا وتم تحديث الأنظمة فكل هذه الدعاوى محض اعذار القصد منها التخلص من النداءات الرامية نحو افساح المجال أمام شبابنا في الحصول على فرصة العمل وهو ما يدعو للتفكير والتفكير الجدي في آليات وحلول تقطع الحجج التي يلوذ خلفها أرباب الأعمال كلما دعوا بقصد التعريف بالمشكلة واستنهاض الهمم في حلها، فالمؤهلات والتدريب شماعة يعلقون تقصيرهم عليها إذ انهم يرددون هذه المقولة وفي الوقت نفسه يستقدمون عمالة مؤهلاتهم عادية وأقل بكثير مما لدى أبناء الوطن طمعا في ضآلة الأجور وسهولة احضارهم إلى المملكة بتكاليف زهيدة وهم بعد ذلك يقومون بتدريبهم وتعليمهم طرق العمل وأساليب التعامل وهذا العمل دليل أكيد على عدم رغبتهم تشغيل المواطن لما يترتب على تعيينه من تغييرات لا يريدها ارباب العمل فالعامل الأجنبي يرضى براتب قليل ويرضخ للزيادة في ساعات العمل وقلة الاجازات والتعويضات كما لا يفرض على المنشأة لوائح للترقيات والعلاوات والتقاعد ويرضى بمسكن متواضع جوار العمل وهي مغريات لا شك تدفع صاحب العمل للتمسك بالوافد ورفض تعيين المواطن الذي لابد ان يطالب براتب مناسب وساعات عمل محدودة ومواصلات مع ما تمنحه إياه انظمة العمل والتأمينات الاجتماعية من مميزات وحوافز اخرى، لهذا أتصور ان السعودة اذا بقيت تعالج بهذه الطريقة سيمضي وقت طويل دون تحقيق معدلات تذكر كما سيظل هؤلاء من أصحاب الأعمال يخلقون الأعذار تلو الأعذار وهو ما يذكرنا بالجربوع الذي يضع المخارج للفرار إذا ما اقترب صياد إلى جحره، لذا لابد من طرق أخرى تدعم السعودة بدلا من هذه المراوحة والتي اخذت من الوقت والجهد الكثير دون تقدم ملموس فالمنشآت الجديدة مستثمرين ومؤسسات فردية أظنها ستطبق شروط التشغيل دون جدل فليس لهم خيار في فرض شروط تخالف عقود الترخيص وتبقى المنشآت القائمة التي تتفاوت مستوياتها بين شركات مساهمة ومؤسسات لها كياناتها الكبيرة هذه لابد ان تُسمع بشكل جدي وواضح بالخطوات اللازمة تحديدا في مجال تشغيل المواطن إن لم تكن قد فعلت وقبل ذلك وبعده ازاحة الوافد عن كراسي وليس كرسيا واحدا المراكز القيادية والتنفيذية صغيرها وكبيرها إذا أردنا للتوظيف ان ينجح أما تلك المؤسسات والشركات ذات الكيانات الصغيرة التي تدار بشكل فردي فالتوظيف فيها ليس بمغنم ولابد في ظل المنافسة الحالية والقادمة بشكل أوسع من دفع تلك المنشآت للاندماج لتصبح صالحة للتوظيف والبقاء وإلا فإن مصيرها إلى الزوال اقرب، فالشركات المساهمة ويا حبذا لو ينضوي التعليم الأهلي تحت هذه المظلة احرى لأن يقبل المواطن على العمل ويجد فيها الأمان على مستقبله وهو ما يدفعه إلى الاستمرار والابداع في عمله لما يوفره له من دخل مجز واستقرار وظيفي ولا ننسى ان هناك أعمالا تجارية دخولها جيدة فلو اتيح للمواطن شغلها لأعطت نتائج عالية في مجال توفير العمل للباحثين عن الوظائف من السعوديين مثل محلات بيع الدواجن والبقالات والأقمشة والملبوسات الجاهزة التي نشاهد كثرتها مشغولة بالوافدين، ولربما يحتاج المواطن للدخول في هذا المجال إلى رأس المال وهنا لابد من جهات تمول هذه المشاريع الصغيرة في حجمها والكبيرة في عائداتها مما سيشجع المواطن للمبادرة لأخذ مكان الوافد كما رأينا في سعودة أسواق الخضار طبعا مع الفارق في النشاطات وما يتطلبه ذلك من قيمة نقدية وان كان يثار عن اسواق الخضار بعض الملاحظات وهو ما يوصف بالسلبيات لكنها تبقى قليلة وضئيلة اذا ما قيست بما حققته السعودة من ايجابيات فالنجاحات من جانب أسواق الخضار او غيره من جوانب السعودة في مجال البيع والشراء لا تقاس بكثرة المحلات فليس هذا هو المهم فالأهم من ذلك ان يدخل المواطن سوق العمل ويجد الفرصة دون مزاحمة الوافدين وحينئذ لابد ان يكمل العقد بالتدريج ففي مدينة الرياض نرى المحلات الخاصة ببيع الخضار والفواكه منتشرة في الاحياء وبشكل يدعو للتفاؤل وهذا ناتج عن ادراك الناس لفائدة الأعمال الحرة وعدم التمسك بالوظيفة التي يبقى دخلها قليلا ومحدودا عكس ما هو عليه الحال في البيع والشراء، ولابد ان مدننا الأخرى تعيش النهج نفسه اذ ليس بالضرورة حصر المحلات داخل الأسواق المركزية لتظل المقياس على نجاح السعودة والمجتمع لاشك يتقبل كثرة المحلات في الشوارع وفي كل الطرقات للخضار او غيرها طالما تؤوي مواطنا يحقق لنفسه واسرته عيشة كريمة أما كثرة المتاجر تحت غطاء التستر فهي مرفوضة ولابد من تصحيحها ولو لم يتبق غير نصفها، ربعها او العشر والبقية لن يمضي وقت طويل إلا ونراها قد اكتملت مع أهمية تشجيع المواطن بالاقبال على بضاعته لا الهروب من محلات السعوديين كما نشاهد الآن من بعض الفئات من الرجال والنساء وهو ما يؤرق الغيورية اذ لا يلبث المشتري حين مشاهدته لسعودي داخل متجره ان يهرب إلى محل آخر يكون البائع فيه من جنسية أخرى ما هذا التجافي والجفاء اللذان نستخدمهما تجاه البائعين السعوديين وحتى سائقو سيارات الأجرة السعوديون لم يسلم احد منهم من هذا التعامل المائل لحد الجهل والاغراق في حب الآخرين وهي خرمة في وطنيتنا لابد من التنبه لها ونبذها بعيدا والا سنهدم بأيدينا ما تبنيه الأجهزة الرسمية وهو ما لا يرضاه عاقل,.
والسلام عليكم.
عبدالله بن عبدالرحمن الغيهب
|
|
|
|
|