سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الكتّاب من يبدع في طرح القضية التي يتكلم عنها ويصيب كبد الحقيقة ويتحدث عن معاناة حقيقة بلغة مبسطة مفهومة بعيدة كل البعد عن (الفلسفة) والتنظير الإداري والاجتماعي, ومن هؤلاء الكاتب المبدع عبدالرحمن بن سعد السماري في زاويته (مستعجل),, إن كل زواياه هي بمثابة (وثائق) يجب أن تستفيد منها كل جهة يوجه إليها النقد والملاحظة, ولقد قرأت له مؤخراً مقالين في عددين مختلفين أحب التعليق على كل واحد منهما:
أولاً: في العدد (10223) تحدث عن حملة التوعية المرورية وشعار (الوعد قدّام) حيث قال:
** لكن ألا تلاحظون أن الأسلوب التوعوي الذي سبق تطبيق الأنظمة أسلوب تهديد ووعيد بأشد العقوبات,, مما جعل الجميع يعيش في رعب وخوف حتى الذي لم يخالف طوال حياته ولم يفكر يوما في المخالفة ولم يخالف ألبتة دخله الخوف والنفّاضة من الآن.
** ألا تلاحظون أن التوعية المرورية تحولت من حملة توعية وإرشاد وتنبيه الناس بالصح ليسلكوه والخطأ ليبتعدوا عنه,, وشرح للأنظمة واللوائح وتبصير بالأخطار,, إلى حمله قوامها الويل والثبور والعقاب الصارم ينتظرك وأقول: أجل لقد ساهم في هذه الصورة المتشائمة بعض (العنتريين) من العسكر,, الذين يريدون إبراز عضلاتهم,, وبعض الأفراد الجهلة الذين لا يعرفون مبادئ التعامل الحضاري,, ساهمت في ذلك هذه الصورة المخلوقة في أذهان أفراد المجتمع عن (الشرطي) و (العسكري) الذي يخوّف به الأطفال والذي يصور كالبعبع الذي يترصد المخالفات ويطاردها,, لقد حان الأوان لمحو هذه الصورة عن (الشرطي) وليكن صديقاً للجميع,, ولا نريد أن نكون مثل الديك الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة (فضيّع مشيته,, ومشية الحمامة),, يجب أن تطبق أنظمة الحذافير (بدقة) لا (بصرامة) ولا بتهديد ولا بوعيد ولا بتجاوز من فرد لا يعرف أصول التعامل الحضاري المنضبط حيث ان كثيرا ممن قابلتهم من أفراد المرور,, لا يهمه إلا الأمر بتعالٍ (الرخصة,, والاستمارة) وكأن ليس هناك مخالفات إلا انتهاء تاريخ الرخصة والاستمارة,, ثم بلهجة متعالية (لبِّق,, على جنب) ,, والكثير منهم لو استفسرت منه استفساراً بسيطاً لعد ذلك امتهاناً له وتجاوزاً على (مهماته) وشدد عليك في التفتيش انتقاماً لنفسه لمجرد استفسار بسيط,, إن مثل هؤلاء هم من ساهم في تشويه صورة رجل الأمن أو (العسكري) في الأذهان وليس كل شخص (موثوق) 100% وأصابع الإنسان ليست سواء ,, من الاجحاف والظلم لأفراد المرور إذا عممنا سوء التعامل عليهم كلهم,, بل إن فيهم من هو ذو أخلاق عالية وبشاشة، ولكن البعض منهم يجهل قوانين المرور نفسها,, ويرى أن له الحق في أن يخالف وأن يقف خطأ وأن يعكس السير وأن يتجاوز الإشارة وأن يقف في عرض الشارع (يسولف) مع صديقه وهؤلاء أساؤوا إلى جهاز المرور ويجب مراقبتهم والاحتكاك بهم ميدانياً وفتح المجال لإبداء الملاحظات عليهم فليس هناك شخص منزه من الخطأ (والعصمة لا تليق إلى بنبي),, ولا يعني ذلك إهمال المخالفين، بل يجب الحزم معهم,, ولا يعني الحزم,, معاقبة المحسن بجريرة المسيء ولا يعني أن نكسر الشيء كسراً بل أن نلويه لياً,, إن الصرامة لا تعني التجاوز والخطأ وظلم من لا يستحق العقاب,, ولعل المحاكم المرورية هي خير علاج لهذا,, تصور أنك سائر في طريق تسلكه لأول مرة ومررت بإشارة ضوئية مختفية بين الأشجار أو تعطل أحد مصابيحها أو مختفية خلف لوحة,, أو صارت مقابلة لشمس العصر فانطمست ثم تجاوزتها وأنت لا تعلم بذلك ثم تفاجأ بفرد من أفراد المرور يقتادك إلى الحجز ويبدأ بإلقاء اللوم عليك ولا يلتفت إلى أي كلام منك ولا أي تبرير,, في هذه الحالة يجب وضع سجل (سلوكي) لقيادة السائق ليرى حجم وكم مخالفاته السابقة وأثق أن معالي الفريق اسعد عبدالكريم الفريح من يتفهم ذلك (ويسعد ويفرح به),,!!
ثانيا: قرأت مقالا آخر لعبد الرحمن السماري في العدد (10225) تحت عنوان (مسؤولون وكتّاب معاريض) تحدث فيه عن بعض المسؤولين الذين يضيقون ذرعاً بما ينشر عن إداراتهم في الصحف ويتحولون إلى (كتاب معاريض وشكاوى),, ولقد أصاب كبد الحقيقة مرة أخرى,, فهناك حساسية مفرطة لدى كثير من المسؤولين حول ما ينشر في الصحف,, حتى ان بعضهم إذا رأى كاتبا يكتب عن قضية عامة قال (تراه يقصدنا) ويشن على هذا الكاتب (السليم النية) حملة شعواء وبعض من أصحاب المصالح والتجار المتاجرين بصحة الناس يحسب كل صيحة عليه,, فتراه يجن جنونه عند الحديث عن أي ضرر صحي عن منتج من المنتجات التي تنتجها مصانعه فيتحول (إلى وحش كاسر) ويهاجم كل جريدة وكل صحيفة تتحدث عن أضرار صحية لأي منتج,, جشعاً وطمعاً,, مثل هؤلاء المتاجرين بصحة الناس يجب أن تكون الصحافة وسيلة لفضح جشعهم وحرصهم على حفنة من دراهم معدودات على حساب صحتنا، ولا يجب الالتفات إلى تبريراتهم فعليهم ينطبق القول (كاد المريب أن يقول خذوني),, إن صحة الناس غالية جداً ولا يمكن أن يقف في طريق الحرص عليها جشع الطامعين, ومن المؤسف أن الكثيرين لديهم حساسية زائدة وخارجة عن المألوف وخوف من مجرد النقد,, لأنهم لم يتعودوا إلا على المديح وتبرير الأخطاء وبالتالي صار النقد خارجا عن المألوف,, وبالطبع لا يعني النقد تجريح الآخرين,, أو ذكر أشياء غير صحيحة من وقائع أو غيرها,, وعندما يذكر أحد شيئا غير صحيح من كتّاب أو صحفيين فإنه بذلك يفضح نفسه بنفسه ويفقد المصداقية فيه ويبعد المسؤولين عن التعامل معه ويصبح معروفا بالتدليس والتزييف وبالتالي فإنه يقضي على نفسه بنفسه قبل الرد عليه, ولكن ان نكذب كل من ينتقد وأن نجعل منه عدواً لدوداً لنا ونقول إنه يقصد كيت ,, وكيت بل نحاول البحث عن أخطائه السابقة فهذا هو غير الطبيعي,, يجب أن ينتشر بيننا مناخ النقد الإيجابي فإن (العين لا ترى نفسها) ويجب أن نجعل الناقد المتبصر عيناً لنا لا عدوا لنا,, يجب إسداء الشكر لكل من أبدى ملاحظة أو نقداً لجانب من جوانب التقصير التي نحن غافلون عنها فإنه بذلك ساهم معنا في البناء ولم يكتب ذلك أو يقوله عداوة أو حسداً أو بغضاً لنا,, وهذا لا ينفي أن يكون هناك بعض الحاسدين أو الحاقدين الذين يهدمون البناء بعد بنيانه.
م, عبدالعزيز محمد السحيباني البدائع
|