كانت آخر كلماتكِ دعاءً,.
يجمعنا الله,, ,.
ولكن متى؟!,, وكيف,,؟!,, وأين؟!
وأنتِ هناك,, ليس لي إليكِ إلا أنتِ,, فمتى تشائين؟,, ومتى تأتين؟
ولماذا غدوتِ تغيبين؟,, لم تفقدي إليَّ البوصلات,, لأنني ما بارحت عناويني,.
أما أنتِ؟! فأين إليكِ البوصلات وقد حملتِها معكِ,, وأغلقتِ دوني الشارات كلها؟!
أتخافين علي، ومن غيركِ يخاف عليَّ ويحدب؟,.
من غيركِ,, يمسح دمعتي,,، ويبذر ضحكتي,,؟,.
ومن الذي يهتكُ ستار الأحزانِ التي ملأت كلَّ غطاء يحتويني حتى جلدي؟
و,, سرمدية الإغراق في جواذب الأحزان,,كمونٌ يأخذني في لجَّةِ الصراع نحو أن أجدكِ,, فأشرع نوافذ النسائم الندية بعطوركِ,,، أو لا أجدك فأغرق خلف النوافذ في صومعة التوحد بكِ,.
أتذكرين ذلك اللقاء المطلق,, الذي ترفضين أن يكون ممتد المسافات، من خلف الحجب، والأستار؟,, ولا تكفيك الكلمة عنه، ولا يشبعك النداء له؟!
حتى اذا ما جئتك شَهقتِ بصوتك العذب: يا نور عيني ؟,.
فكيف لعينيكِ الآن أن تريا وأنتِ في منأى عن نورهما؟,.
أم أنكِ حملتِ ازميلي وبدأت ترسمين على طريقي كلماتي، وما كنتُ أقولُه لك,, وأعدتِ إليَّ مقود التوجه,, وفعل الفعل؟,, ويقظة القول؟,.
أنتِ ذات لحظة كنتِ هنا,, وأنتِ في كل اللحظات تكونين,.
ولأنني أتوحَّدُ بكِ,, فانكِ لا تغادرينني كما هاتفكِ بذلك صوتي، وحرفي، وكلُّ لحظة عبرت بي في هذه الحياة، وسوف تفعل,.
ولأنني من تلك الأحشاء التي هي أنتِ، انبثقتُ من ثنايا مسامّها، وبُصمتُ بها,, فإنني كنت أحنُّ بأنين اليك، حنين العيس في البيداء للماء,, وأنت قريبة بعيدة، أو بعيدة قريبة، فانني بكل تفاصيلي صفحة بيضاء اليك,,، و,, انك تدرين ذلك,, بل تطمئنين,, وأدري ذلك,.
وأنت؟ كيف أنت؟
تطوين الصفحات، وتذهبين مع لا نهائية المسافات، ولا تأتين، فتحملك الرؤى، وكلما عَصَفتِ بالشوق، أو عبر بك في نسائمه,, تحركت لواعجكِ,.
فكيف تعلَّمتِ الصبر عن رؤيتي؟,, وكيف قدرتِ ان تكوني بعيدة عني، ولا تأتين؟
وكيف تعودتِ ما لم تكوني ترضين؟,, وكيف ترين الآن انني معك واني على بعد يطول بحجم طول المسافات، ولا نهائيات الخطوات,,، واستار الدروب التي تتلحف بها في أمادها,,؟!,.
كيف يأتي الليل بك,, والنهار بي؟
وكيف يكون الفجر عندك، والظهيرة عندي؟
وكيف هو الصباح عندي هنا والليل عندك هناك؟
كيف تنامين وعيناي على اتجاهك لا تغمضان,.
وكيف تسهرين وتدرين أنني مع طيوفك لا أستكين؟
أدري ان ليلكِ، وفجركِ، ونومكِ، وستركِ تخاتلين بها وخزاً يسكنكِ، يدب فيكِ,, لا يبارحكِ,.
وهل سيأتي القادم بشيء مما يسكنك,, ويدب فيك,, كي يكون الكلام في صورته الناطقة لافي سكونه الصامت؟,, ولقد تعلَّمتُ منك نطق الكلام,,، ومخاتلة الأشواق,, فكنتُ إليك لا أكمنُ,, فوخز الشوكِ في دبيب الجوف ما كان ليدع لي برد الهدوء، ولا مكاشفة الصبر,.
ذهبتِ وكلي ذهب معكِ,.
وطالت المسافات، وتراكم الزمن، والثانية في بعدك دهوراً، فكيف إن امتدّت والتفتت لتطوق الوقت كله وقتي,,، وتطويني في غياهب الاصطلاء وحدي؟!
يا سيدتي:
أدري ان سطوة الذي اقصاك,, لا تعتقلها قدرة الذي نكونه,, وأدري أن قوة الذي يبقيك لا يحلها موج يأخذ بسطوة الذي أقصى,.
وأدري ان لا رؤية لما سيأتي,,، ولا بوصلة في يدي,.
لكنك تدرين أن الذي أكون يفتِّت سطوة الذي أقصاك,.
وأن موجاً عتياً لا يقوى على قهري للمسافات، والأماد، وكل الذي يُقصيكِ,.
إني إليك، وما سيأتي فوق كفي يبسط تفاصيله، وبوصلتي إليك كل بصيرة يقظة فيَّ,.
وانك تدرين,, تدرين,, حتى في صمتك الأبدي، أو نطقك الأبدي,, تدرين,.
يا سيدتي,, كيف تتعاملين أنت معك؟!
وكيف تكونين انتِ إليكِ؟!
وكيف هي لحظاتك في لحظاتكِ؟,, وأين خارطتك وقد اسدلت الغطاء عليها,؟!
وخبأت كل العناوين؟!، وضاعت منك بوصلتك,,؟! وتوحدت مرساتك؟
وذلك قاربُكِ ببطء يساير المدى؟!
لن تكوني وحدك وقد كنت أنت,.
وان إلى المرساةِ,, والقارب,, نلجُ إليكِ كلَّ الدروب,, كي نكشفَ عن خارطتك هيمنةَ الغفوةِ في جُنح النداءِ,,، يأتيكِ,,، ومنكِ,, كي تكوني القولَ والفعلَ,.
وكي تزدهي خضرة السنديان,.
ويؤتي العذق بثماره,, فيضحك النخيل,.
وكي تتقد بوصلة الموعد عند لا نهائية الأحلام,, وسرمدية الرؤى,.
و,, تهمي إليك، ومنك، الطيوف.
ألا فقرِّي عيناً في مداكِ الذي لا ينتهي.
|