| مقـالات
ماذا حل بالإنسان الذي تغنى المتنبي بعظمته في عجز بيته القائل:(وتصغر في عين العظيم العظائم؟!), مَن (صَغَّر مَن) ,, العظيم ذاك أم الزمن هذا؟ بالطبع تعرف أن تساؤلي هذا تساؤل عارف (بأنك عارف) أن الزمن عظيم يصغر العظماء إلى درجة العدم بغض النظر عن (وهم) الإنسان الواهم بالخلود, بل إنك تعرف أن الزمن يصغرك الآن وسيصغر المزيد منك حتى يفنى (كلك!), حتى مفاهيمك الحياتية (الكبيرة!) من قبيل الحب الكبير، والقلب الكبير، والطموح الكبير، والثقة الكبيرة، والأمل الكبير، وحفلة زواج العمر الكبيرة، ونصفك الآخر (الكبير في قلبك!)، وصديقك الفلاني الكبير في نظرك، بل ونظرك أنت الذي من خلاله (الآن) تقرأ هذه السطور؟! كل هذه الأشياء (وأكثر منها بعد!) سوف يصغرها الزمن حتى (يمحو) كل أثر لها ولك على هذا الكوكب,, حتى الحزن عليك بعد رحيلك سيصغر ويصغر في قلوب الأحياء من أحبابك فتتحول (أنت) من حدث الساعة، إلى قصة الأمس، فالانزواء في قوائم الرحيل نَسياً مَنسيا!
بالتأكيد أنك توافقني القول بأن الأشياء في هذه الحياة قد بدأت بمقاس (إكس لارج!) ومن ثم أخذت بالتناقص إلى أن وصلت (المقاسات!) التي هي عليه الآن، وبالطبع فهي في طريقها إلى مزيد من التصغير (التنازلي) حجماً فالفناء كلية, تذكر أن الرجل البدائي والذي نحن أحفاده كان عملاقا كبير الحجم (واللقمة!) ومع ذلك (صَغَّره الزمن) والدليل أنت!! بل إن الخيال الإنساني الحديث قد (نفخ!) حجم الديناصور مثلا إلى مقاس يثير الاعجاب ومع ذلك فهذا الديناصور كالإنسان تماما قد خسر المعركة والحرب مع الزمن (ليتحجم!) حجمه في النهاية إلى مقاس حجم (الضب!)؛ بل إن الضب لو تمعنت به هو الديناصور (مصغر زمنيا!) مما يعني أن الزمن قد قلب الآية هنا ليصبح الديناصور مأكولاً من قبل الإنسان بعد أن كان الديناصور آكلاً لهذا الإنسان, هنا أو الآن! دعنا نقفز (زمنياً) لنتحدث عن عصرنا هذا لنرى كيف أن الاختراعات التكنولوجية التي تطورت (مع الزمن) ليست، في الحقيقة، سوى أدوات انقراض في يد الزمن: فالسيارة والكمبيوتر بل وكل الأجهزة التكنولوجية قد بدأت، أول ما بدأت، كبيرة الحجم ولكنها مع مرور الزمن صغرت وصغرت إلى أن بلغت ما هي عليه الآن، وحتما سوف (تتطور) صِغرا مع تطور العلم عبر الزمن إلى أن تصل إلى حجم لا يستطيع الصمود في وجه الزمن الأمر الذي يعني انتقالها إلى عالم الفناء, بالطبع، صغرحجم الأشياء المادية يصاحبه صغر حجم صاحبها (الإنسان!) وإليك بالدليل: فالتلوث الناجم من عملية (تصغير) هذه الأشياء قد صغر من فعالية مناعة جسدك، مما صغر من قدرتك على مواجهة أمراض زمنك! بل إن تصغير الكمبيوتر مثلا قد جعل منه آلة متاحة للجميع مما صغر من قوة بصرك وبصيرتك لتزداد ولوجا فإيغالا في عالمك (الافتراضي!) وغرفك الخاصة مما أغرقك ببحر الخيال، فصغرك اجتماعيا إلى درجة العزلة نفسياً وعاطفياً، فقط لتصحو على طعم مرارة الحقيقة (غير الافتراضية) وقد صغرت مساحات الزمن أمامك ولسان حالك يهيجن!: (أنا من صَغَّر !! بالأوهام عمره!), حتى السيارة قد قلصت مسافات وجودك فصغرتك بتكاثرها من جراء هذا التصغير إلى أن أصبحت (ليموزين) يجثم في طريقك وعلى قلبك مما رفع من ضغطك، فصغر من مقاومتك، فصغرك رحيلا, بل إن هذه السيارة الصغيرة قد شرعت بتصغيرك منذ أن أغنتك عن رياضة المشي فتراكم في شرايينك ما تراكم من دهون فاضت طوفانا غمر قلبك فَصَغَّر مساحات ضخه إلى حد التوقف, هل تريد المزيد من الأمثلة؟!, حسنا، إليك بمثال أخير: بالطبع تعلم أن العلم بتطور الزمن قد صغَّر (العالم من حولك) والدليل على ذلك اكتشاف الجوال والكهرباء ومع ذلك فأنت تعلم أن هذا الاكتشاف قد صغر من (عمرك)أيضا!: كيف؟!,, إن الجوال والكهرباء بلهثهما خلفك (وبلهفهما!) لرزقك قد صغراك حين صغرا رصيدك إلى درجة الضآلة فالعدم: بعبارة أخرى، انقطع رزقك، فانقطع جوالك، وقطعت الكهرباء عنك، فانقطع أملك، فأحسست بأنك (مقطوع من شجرة!)، فانقطع حبل الرجاء لديك بانقطاع (الصوت المفضل) عنك، وحينها (جالت) الهموم بكيانك، (وتكهرب جوك النفسي!)، فتقطعت بك السبل، مما قطع عروق قلبك من القهر وحينها (صغرت) نهائياً فانقطع حبل وريدك، أقصد حبال صوتك وأنت (تهيجن!) بالمثل القائل: (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق!!),.
,, الزمن عدسة ديدنها تصوير الإنسان أحلاما فتصغيره آلاما فتحميضه عدما!
ص,ب 454 الرياض 11351
|
|
|
|
|