أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 30th November,2000العدد:10290الطبعةالاولـيالخميس 4 ,رمضان 1421

مقـالات

نوافذ
من هناك !!
أميمة الخميس
أكون في غاية الحذر والحدب ايضا عندما أتناول عملا نسائيا بالقراءة أو التحليل، لا لشيء ولكن لعلمي التام أن تلك التي اقتلعت أحاديث روحها السرية وصليل أحلامها المخبأة وأحاديثها الخاصة من وراء الخدر وعرضتها إلى شمس شرق أوسطية حادة وشرسة فإنها تستحق تاجا من الشوك وصولجانا من النخيل, وبهذه الروح الودودة كنت أطالع رواية الروائية (أسيمة درويش) (شجرة الحب غابة الأحزان) ولكنني لم أستطع أن أمنع نفسي من السؤال هل هي رواية تظهر صراع الحضارات كما كانت تود الكاتبة (أو كذا بدا لي على الأقل) أم هي نظرية البقاء للاصح أو الأقوى لأن الرواية لملمت خيوطها بين يدي الغرب وأنهت فصولها هناك بعد أن أجدبت الحلول الشرقية!! فالحل استورد من الخارج والانفراجة تمت هناك!!
وعندما شرعت في قراءة الرواية التي تدور بعض أحداثها في منطقة الخليج كنت قلقة خشية أن التقي (بحنان الشيخ) في روايتها (مسك الغزال) والتي كانت تدور أحداثها في منطقة الخليج أيضا وحينما كانت حنان الشيخ تنظر إلى المكان من خلال عدسة المستشرقين الفوقية التي تنظر إلى المنطقة كمنطقة مزدحمة بالغرائز والجهل والمال!! ولكن الراوية لم تكن بهذه القسوة ولكنها كانت تمتلك موقفاً حيادياً شاحباً حيال الصحراء، لخصتها الكاتبة بقولها (كانت النسوة تتطلع إلي فيتكلمون عني ولا يتكلمون معي) العلاقة المستريبة دوما بينها وبين سكانها وعجز البطلة (مدى جابر) عن الارتقاء بأي من هذه العلاقات إلى مستوى إنساني عميق ودافئ، ولعلها الصحراء المتأبية النائية والتي لاتفك طلاسمها إلا بعد مخاتلة طويلة قد تستنفد أعماراً ودهوراً!! وتدور أحداث الرواية حول فتاة من عائلة سورية محافظة تتزوج بشاب خليجي ولكن مع الوقت والانفصال الفكري بينهما تبهت العلاقة وتتقطع مما يهيئ لدخول طبيب انجليزي في المشهد كبديل يملأ الفراغ العاطفي الشاغر، وتدور أحداث الرواية حول تفاصيل هذه العلاقة التي تصل في نهايتها إلىبوابة المستحيل,والرواية كتبت بلغة مكثفة وملونة مضمخة بالشجن والبوح الأنثوي لعوالم جديدة ومسروقة، فالقارئ كثيراً ما يلتقط البطلة (مدى) في سرد مزركش بالصور والأخيلة والروائح (ونستولجيا) المكان التي تتجاوز فيه الراوية التجارب الأولى وتتحول إلى حدقة شفافة تصف وقع العالم الخارجي بجسارة التي تستطيع المراوحة بين استبطان الداخل ووصف الحدث الخارجي دون أن تفقد حبل السرد والحبكة وبلغة متميزة لها خصوصيتها وتفردها، والرواية تصف البيت الشامي وتفاصيله بنحت بديع في غاية البهاء ومن أجمل ما قرأت حول هذا الموضوع حتى من كتاب ذوي خبرة وتمرس سابقين، فتسمع خرير النهر الذي يقع عليه بيت البطلة طوال الوقت في الفصول الأولى، ولكن بقدر ما كانت الفصول الأولى من الرواية دافئة متقنة متماسكة إلا أن القارئ سرعان ما يفقد في الفصول اللاحقة البطلة (مدى الجابر) خلف تلك الشخصية الاسطورية التي ظهرت ذات الجمال الخارق والوطنية المثالية (رغم إن مدى لم تكون تجربة سياسية أو وطنية لتصنع ذلك الكم الهائل من الشعار!! والتي تحفظ أبيات شكسبير وتصطحب كوميديا دانتي، فتظهر مخلوقاً يقترب من الكمال ومنزهاً عن جميع الأخطاء الإنسانية لكن أين تلك المثالية التي تصطخب بداخلها طوال الرواية والتي لم تمنعها من الانجراف في علاقة متناقضة مع الطبيب الإنجليزي!! بحيث وضعت كل الحلول بين يدي الطبيب فهل الشعارات الوطنية هي محض شعارات وأن الحلول دائما تأتي من الغرب المتفوق؟ هذه التناقضات في شخصية مدى الجابر بطلة الرواية تقصيها بعيداً عن حميمية القارئ وتعاطفه في بعض الأحياء، وتبقيها في موقع حيادي تحاول (مدى) أن ترمم هذا الموقف ببعض من الشعارات المنثورة هنا وهناك فوق صفحات الرواية، ولكن عبثا تستطيع أن تعيد واياه الصلة المنقطعة عندما اختارت ان تخاطبه من الضفة المقابلة البعيدة والنائية في الوقت نفسه.
* ردود :
العزيزة نعيمة السويد : جميل أنك مازلت تحملين هذه الذاكرة الرطبة شكراً لك ولكلماتك اللطيفة.
E-mail:omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved