| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
ففي ختام المؤتمر الدولي الثاني للإعاقة، الذي عقد مؤخراً في مدينة الرياض عاصمة الثقافة لعام 2000 ميلادي وجه راعي المؤتمر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بضرورة الكتابة إليه والى المسؤولين، عن كل ما يهم أمر الأطفال غير العاديين سواء الموهوبين أو ذوي الاعاقة، حتى يمكن الارتقاء بالخدمة المقدمة لهم في بلادنا.
ومع تقديري وامتناني العميقين لكل تلك الامكانيات العظيمة التي توفرها دولتنا الرشيدة ايدها الله، لتلك الفئة من الأبناء والمتمثلة في مراكز الرعاية التي تحتوي على أحدث الوسائل الخدمية ذات المستوى المتميز، إلا أن هناك مشكلة كبيرة تجعل الخدمة المقدمة لهؤلاء الأبناء غير مكتملة ولا ترتقي إلى المستوى المأمول منها,, الا وهي مشكلة قياس وتشخيص الأطفال غير العاديين .
فأدوات قياس وتشخيص الأطفال غير العاديين تهدف إلى تحديد كل فئة من فئات التربية الخاصة من حيث مظاهر قوتها وضعفها، والتعبير عن ذلك بطريقة رقمية كمية، تمكن صاحب القرار من اتخاذ قراره أو حكمه بتشخيص حالة كل طفل على حده، وتصنيفه، ومن ثم تحويله إلى المكان المناسب.
ومن هنا تأتي أهمية هذه العملية من حيث توفر الأدوات المناسبة لكل فئة والأشخاص المدربين على استخدامها، إذ يترتب على نتائج عملية القياس والتشخيص اتخاذ الأحكام والقرارات ذات التأثير المباشر وغير المباشر مع الطفل نفسه وعلى المحيطين به في البيت والمدرسة بل والمجتمع ككل، والتي قد تترك إذا تم الحكم على طفل ما بأنه معاق عقلياً أو أصم أو مضطرب انفعالياً وهو غير ذلك، فسيكون هذا بمثابة وصمة تلاحق الطفل طوال حياته، كما تترك اثاراً سلبية على ذويه، ومن هنا تظهر اهمية وخطورة عملية القياس والتشخيص للأطفال غير العادين، وبناء على ذلك وجهت الكثير من الانتقادات لأدوات القياس والتشخيص تلك، فهناك من أيد استخدامها وهناك من عارض ذلك، ولكل من مؤيدي تلك الاختبارات ومعارضيها مبرراتهم وحججهم، التي تفند كلا من المؤيدين والمعارضين.
وتبدو وجهة نظر المؤيدين لاستخدام أدوات القياس والتشخيص في الأهداف المتوقعة من استخدام هذه الاختبارات في الحكم على أداء الطلبة وتحديد موقعهم على منحنى التوزيع الطبيعي للقدرات التي تقيسها تلك الاختبارات، وان البديل لتلك الاختبارات غير متوفر اما المعارضون فتنحصر وجهة نظرهم في رفضهم لتصنيف الناس على درجات أو فئات متعددة، ويكفي ان يتم الحصر بين انسان سليم وانسان مريض، إلا أن هذا الرأي لا يتناسب مع حاجات هؤلاء الأبناء غير العاديين من الرعاية والتي يتحدد لها أدوات القياس خاصة اذا أحسن استخدامها.
فأهمية وجود تلك المقاييس والأدوات في أي برنامج واتقان استخدامها هو بمثابة مصداقية تلك الجهة لمن تقدم لهم الخدمات، وهنا تكمن المشكلة، فمثلاً: الخدمة المقدمة لفئات ذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي صعوبات التعلم والمقدمة من وزارة المعارف ممثلة بها الأمانة العامة للتربية الخاصة في المدارس العادية لا توجد تلك المقاييس من مثل:
1 مقياس الينوي للقدرات السيكولغوية.
2 مقياس مايكل للتعرف على الطلبة ذوي صعوبات التعليم.
3 مقاييس سلنقرلاند للتعرف على الأطفال ذوي الصعوبات اللغوية الخاصة.
وان وجدت تلك الأدوات والمقاييس في تخصصات أخرى من مثل ادوات القياس والتشخيص لذوي الاعاقة العقلية أو الموهوبين أو غيرهم من الأطفال غير العاديين تكون ضعيفة المعايير غير أن مرحلة تقنين تلك المقاييس اذا كانت مقننة على البيئة السعودية، مرحلة تقنين طوى عليه الزمن، كما أن أصحاب تلك التخصصات لا يستخدمون إلا مقاييس مقننة مثلاً على الشعب المصري من مثل مقياس وكسلر للصغار والكبار وغيرها من المقاييس المقننة على غير البيئة السعودية، وهذا كما يقولون الجود من الموجود .
أما في مسار صعوبات التعلم فليس هناك مقاييس مقننة أو غيرها من الاختبارات انما يتم ادخال الطلاب للبرنامج من قبل احالة مدرس الفصل العادي الطالب لمعلم غرفة المصادر ومن خلال السجل الاكاديمي ومن بعض الاختبارات غير الرسمية التي يضعها المعلم حديث التخرج للطلاب لكي يقرر من خلال تلك المعلومات والبيانات دخول الطلاب إلى غرفة المصادر أو لا؟ ولبيان ضعف هذا البرنامج المقدم لم أصادف أحد معلمي صعوبات التعلم يذكر لي أنه يستخدم اختبارات أو مقاييس مقننة أو حتى غير مقننة على غير البيئة السعودية!!
بينما من المفترض ان يستخدم هو وغيره من ذوي الاختصاصات والمهتمين برعاية الأطفال غير العاديين صحياً ونفسياً وتربوياً بطارية اختبارات تشمل على أكثر من اختبار وعلى أكثر من مقياس وذلك لكي يتحقق إما من تخلف الطالب أو الاضطرابات العقلية أو موهبته أو صعوبات تعلم اذا كانت لديه,وأخيراً اقول ان أدوات القياس والتشخيص هي بالنسبة لنا كأدوات الطبيب فهل يستطيع الطبيب أن يعالج شخصا بدون سماعة أو أشعة أو تحليل، ان ادوات التشخيص والقياس هي كذلك بالنسبة لنا فلا نستطيع ادخال طالب لغرفة المصادر دون التحقق من أنه يستحق تقديم الخدمة له والا أصبحنا نقدم الخدمة لمن لا يستحقها وكذلك بالنسبة للاضطرابات العقلية والتخلف العقلي والموهبة وغيرها، فمن الصعب اطلاق الحكم على أي شخص دون التحقق، وكذلك من الظلم أن تقدم الخدمة لمن لا يستحقها.
فبدون تلك الأدوات التشخيصية يصبح العمل صعباً، فإذا لم نعرف كيف نقيس، لن نعرف كيف نشخص، ولن نعرف كيف نعالج.
إن هؤلاء الأطفال الذين سيسألنا الله عنهم يوم لا ينفع مال ولا بنون بحاجة إلى مزيد من الرعاية من أجل تحديث أدوات التشخيص والقياس التي طوى عليها الدهر سواء بالجهات الحكومية أم الأهلية مثل: مركز الأمير سلمان لابحاث الاعاقة، أو المراكز الأهلية، أو وزارة المعارف أو الرئاسة العامة لتعليم البنات، أو وزارة الصحة، أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية,وأود من هذا المنطلق الانساني ان أوجه الدعوة إلى أن تتضافر تلك الجهود المتفرقة في اعداد مقاييس حديثة لقياس قدرات تلك الفئات بحيث يصبح الأمر كمشروع وطني ضخم يقدم من أكثر من جهة تهتم كلها بتقديم خدمة متميزة لتلك الفئات، خاصة إذا علمنا ان عملية التقنين الروتينية قد تأخذ من الزمن والجهد والمال أكثر من استحداث مقياس جديد ومحلي يوافق معايير هذا المجتمع.
إن الأمل يحدونا في أن يتبنى سمو الأمير سلطان بن سلمان آل سعود هذه الفكرة حتى ترى النور من خلال جمع شمل الجهات المعنية لايجاد هذا المقياس الجديد.
والله ولي التوفيق
عبداللطيف بن محمد البليهي الرياض
|
|
|
|
|