بالأمس كنا قد ودعنا شهرنا الكريم مودعين معه كل ما فعلناه خلاله فقد ودعناه حاملا جميع الأعمال أدقها وجلّها وهاهو يعود مرة أخرى هذا الشهر الكريم مقبلا على الأبواب وكل الخير مقبل معه,, فحللت أهلا ونزلت سهلا,, ولعلكم تذكرون معي أحبتي إخوانا لنا كانوا معنا قبل أيام أو شهور,, ولكن العزيز الحكيم سبحانه شاء ألا يكونوا من أهل هذا الشهر.
وكأني بكم أحبتي تتخيلون كيف لو قدر لأحدهم أن يرجع الى هذه الدار مرة أخرى كيف سيكون حاله ولوكان أحدنا مكانهم ماذا يتمنى، وعلى ماذا يتحسر؟ ألا نتمنى الزيادة في الطاعة والعبادة، ونتحسر ونتألم على كل دقيقة مضت ولم نسخرها في الباقيات الصالحات, إذن لا بد لنا من الاجتهاد والمثابرة حتى ننال الجائزة,, فيالقرة عين من ذكر الله به واستغفر وحمد واسترجع وشكر وتاب.
وفي ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
فعند اللقاء ذو الكد يصبح زائلا
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا
|
أحبتي لا يشغلكم الجري وراء الأموال والانشغال بالأهل والعيال، أو البحث عن الهوى والألعاب من مكان الى مكان، واعلموا أننا لن نحصد إلا ما زرعنا لحياتنا الأخروية، والسعيد من عمل لحياته الباقية حينما يغادر الدنيا.
فهذا سعيد الجنان منعم
وذلك الشقي في الجحيم مخلد
كأني بنفسي في القيامة واقفة
وقد فاض دمعي والمفاصل ترعد
|
فقلت المؤمن يزداد من سماع الآيات ايمانا، ومن التفكير يقينا، ومن الاعتبار هداية ورشادا.
إن السلف رضوان الله عليهم كانوا يعزون أنفسهم اذا فاتتهم تكبيرة الاحرام خلف الامام، قائلين: ليس المصاب من فقد الأحباب ولكن المصاب من حرم الثواب, إنني أحببت فقط أن أذكركم وأبث في قلوبكم وبين خبايا ضلوعكم تلك النفحات الايمانية متمثلة لقوله تعالى:(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
أحبتي: عليكم بالدعاء والالحاح فيه,, ولا تنسوا أن تخصوا جزءا من هذا الدعاء لاخوانكم الفلسطينيين فهم الآن في محنة عصيبة، وفي موقف لا يحسد عليه,, فإن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المضطرين اذا دعوه ويكشف السوء ويلبي مناجاة المكروبين,, إلهنا وخالقنا ورازقنا، اللهم انصر اخواننا الفلسطينيين على أعدائك أعداء الدين,, يارب العالمين إنك على كل شيء قدير,, إنا ما نشاهده الآن من المجازر الفلسطينية وكأنه تعيد بنا التاريخ لنتذكر معها مجزرة ديرياسين ومجزرة دنشواي ومجزرة قانا وغيرها من المجازر الأخرى,, لقد هلّ علينا سيد الشهور,, هلّ علينا شهر رمضان شهر الرحمة والغفران,, ولكن لا أدري هل أفرح بقدوم هذا الشهر المبارك أم أحزن لما عليه المسلمون من وضع سيىء وهذا الشهر مقبل عليهم.
إذن لابد أن نغتنم هذا الشهر الفضيل ونجعله فرصة لنا لبث شكوانا للسميع العليم رب العالمين.
لعل قدوم هذا الشهر الكريم يُشفي من غليل قلبي المجروح ويُبرىء صدري المطعون من جرائم اليهود الحاقدين على شعب فلسطين الصامد,, ربما هذا الشهر الكريم يحمل بين طياته كل ما هو جديد وكل ما هو مفرح وسعيد,, يعم الأحداث الجارية في أرض فلسطين وفي غيرها من أراضي المسلمين في شتى بقاع الأرض,, وفي جميع انحاء المعمورة,, إن المتتبع لتلك الأحداث يرى أن المسلمين دائما هم المضطهدون والمبلون,, فالمؤمن مُبتلى دائما عكس الكافر وغيره من الديانات الأخرى وكما قيل عمر الشقي بقي,, ولكن ماذا دهانا أيها المسلمون والى متى نتوانى,, يا ترى هل ستظل الأمور كما هي الى أجل مسمى,, علينا أن نثبت للعالم أننا مسلمون صامدون,, حيث كان الحق والعدل نكون,, نرتضي الموت ونأبى أن نهون في سبيل الله ما أحلى المنون.
منيرة عبيد بكر التميمي
حائل
|