** عندما تصلي صلاة العصر في مسجد الراجحي بالربوة أو جامع عتيقة بحي عتيقة,, وأقول صلاة العصر بالذات,, ستشاهد عدداً من الموتى يصلى عليهم في هذين المسجدين,, وهذا الكلام ليس وليد اللحظة,, بل منذ سنوات,.
** وقد يستغرب البعض وجود هذا الحجم من الأموات كل يوم,, وينسى عدة أمور,.
** أولها,, ان الرياض مدينة مكتظة بالسكان,, وحتى وإن قالت الإحصائيات غير ما أقول,, إلا أن الجميع يصر على أن عدد سكان مدينة الرياض قد جاوز الخمسة ملايين بالراحة ومعنى هذا,, أن عدد سكان مدينة الرياض يعادل عدد سكان ثلاث أو أربع دول مجتمعة,, ولهذا,, انظر إلى عدد الموتى في هذه الدول وكم هو العدد,.
** الثاني,, أن مستشفيات الرياض تستقبل يومياً عشرات المرضى المحمولين من مستشفيات أخرى,, والمشكلة أنه لا يُحول للرياض للعلاج فيها,, إلا إذا وصل المريض الى حالة حرجة,, بمعنى أنه أشرف على الموت.
** وأكثر هؤلاء,, يموتون في الرياض,, ومعنى هذا أيضاً,, أن هؤلاء الموتى ليسوا كلهم من سكان مدينة الرياض,, بل من سكان مدن ومناطق أخرى كلهم كانوا محمولين الى الرياض للعلاج عندما تردت حالتهم الصحية,, ومن باب لعل وعسى ولكن أكثرهم كما قلت,, مشرف على الموت,, فيموت ليضيف رقماً إلى أعداد الموتى.
** ويذكرني ذلك,, بتلك التهمة الظالمة التي تلحق ظلماً بمستشفى الملك فيصل التخصصي عندما يسميه بعض الجهلة مقبرة ,, ذلك أن هناك العديد من الموتى يموتون داخل المستشفى,, أو لأن بعض المرضى يموتون داخل المستشفى.
** وينسى هؤلاء أيضاً,, أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الطبية,, مستشفى متخصص متطور للغاية,, لا تحال إليه إلا الحالات الطبية النادرة الصعبة,, وأكثر هؤلاء حالاتهم حرجة جداً,, أو من المصابين بأمراض مستعصية,.
** ولأن تلك هي حالات أكثر المنومين فيه,, فلا غرابة أن يموت هؤلاء أبداً,, لأنه معروف والأقدار بيد الله أن مثل هذا المرض يفضي إلى الموت,, إلا أن يشاء الله جلت قدرته,.
** إذاً,, كيف يقال عن مستشفى يعد من أفضل وأدق وأكثر المستشفيات تطوراً في الشرق الأوسط إنه هكذا!!.
** إن المعروف عن مستشفى الملك فيصل التخصصي أنه أنقذ وعالج حالات فشلت في العلاج بالخارج وفي بلدان متقدمة,, وأنه يملك إمكانات وتجهيزات وقدرات لا تملكها دول متقدمة,, وأن مئات الحالات التي أُحيلت إليه في اشتباه بأمراض خطيرة ومستعصية قد خرجوا سالمين معافين بإرادة الله تعالى.
** إذاً,, مشكلتنا هي الأفهام السقيمة,, وأولئك الجهلة السطحيون.
** أعود إلى صلب الموضوع السابق وأقول,, إن ما يلفت نظرك في هذين المسجدين,, هو ذلك الحجم الكبير والكم الهائل من المصلين,, إذ تضيق بهم جنبات المسجدين رغم ضخامتهما ليصلي الكثير في الشوارع المحيطة بالمسجد.
** وهذا الحشد من البشر,, هو الآخر يعكس أمرين مهمين,.
** الأول,, حب الناس للخير والتقرب إلى الله والسعي إلى العبادة والبحث عن العمل الصالح في كل مكان.
** الثاني,, هو حجم الروابط والتكاتف والتعاضد والتماسك الأسري,, حيث يظهر ذلك بوضوح شديد في مثل هذه الاجتماعات واللقاءات.
** وبالرغم من تعقيدات العصر والتزامات ومشاغل الكثير من البشر,, فإن ذلك لم يمنعهم أبداً من تجاوز هذه المشاغل والالتزامات والتعقيدات والحضور للمسجد للصلاة والحضور للمقابر,, وتجشم عناء ومشاق الازدحام والكثافة البشرية,, حيث تتجسد هناك,, العديد من مظاهر الإخاء والمحبة والتعاضد والتعاون بين أبناء الجسد الواحد.
** هاتان النقطتان,, أطرحهما باختصار شديد أمام إدارة مرور الرياض وأتمنى أن نسمع إجابة سريعة حتى ولو بلا لأن القضية ملحة.
** كما أتمنى لو أن أحد القياديين في مرور الرياض تفضل وصلى العصر إما في مسجد الراجحي أو جامع عتيقة ثم انطلق إلى المقبرة ليشاهد حجم العناء الذي يتكبده من أراد الحصول على قيراطين وابتغى الأجر من الله.
** انني أجزم,, أن المرور سيتجاوب سريعاً,.
|