| القرية الالكترونية
* هامبورج د,ب,أ
أتاحت التكنولوجيا الحديثة لمن ينتزع الموت عزيزاً منه وسيلة جديدة يتذكره بها، فاليوم بات ممكنا أن يقام قبر افتراضي لأي متوفى على شبكة الانترنت وهو قبر يمكن للجميع من أي مكان زيارته بطبيعة الحال, ولذا بدأ الخبراء في تدارس ميزة تلك الطريقة غير التقليدية من وجهة نظر من لجأوا اليها.
وبعد ان اقيمت أول مقبرة افتراضية في منتصف التسعينات ارتفع عدد هذه المقابر ليصل الى قرابة المائة حاليا, وليس هناك تقدير معروف حول اجمالي عدد زوار تلك المقابر الافتراضية الا انه يرجح ان يبلغ مئات الألوف.
وتتألف المقبرة الافتراضية من قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على عدد من اعلانات النعي قد يصل الى عدة آلاف في بعض الأحيان، وأحياناً ما يزيد موقع المقبرة الافتراضي برسوم جرافيك وصور للمتوفين بل وشواهد افتراضية.
ويرى البعض ان المقابر الافتراضية مثلها في ذلك مثل المقابر الحقيقية توفر الراحة والمواساة لأقارب المتوفى وتعمل كمتنفس يمكن فيه التعبير عما يعتمل في الصدور من حزن, ومن أمثلة اللجوء لهذه الوسيلة غير التقليدية ما فعلته شقيقة أندرو كيفان شريفز الذي توفي منتحراً عن عمر يناهز الثانية والعشرين.
وقامت أخته ببث نعي عبر الانترنت تقول فيه: انني لا أعلم لم انتحرت يا أندرو، فقد أخذت جواب هذا السؤال معك الى القبر، انني أتمنى أن أعود بالزمن الى الوراء لا غير من سير الأمور ولكن هذا ليس بوسعي .
ورد هذا وغيره من الأمثلة في تقرير لجودرون شويب وأيرا سبايكر من جامعة جوتنجن الألمانية يتناول الجانب الاجتماعي الثقافي لوسيلة النعي الجديدة هذه, وكثيراً ما تكمن الميزة الأساسية لهذا الشكل الجديد من أشكال النعي في انه يتيح الاعراب عن مشاعر غير عادية مثلما يتبين من المثال السابق.
غير ان هذا ليس كل شيء فوسيلة تخليد ذكرى الموتى الجديدة هذه تتيح امكانيات غير متوفرة في الطريقة التقليدية، للتعبير عن شعور أسرة الفقيد على نطاق أوسع, ومن أمثلة ذلك الموقع المخصص لكارول الطفلة التي توفيت في عامها الحادي عشر، فمن خلال الموقع تصف والدتها بالموسيقى والصور مشوار حياة كارول ومن ثم مرضها الأخير, ويمكن لزائر الموقع التعرف على أسرة كارول وأصدقائها وان يسجل آراءه وانطباعاته في مكان مخصص لذلك, بل ويمكن التعرف على موقع الأم الشخصي على الانترنت ومتابعة أفكارها التي تتغير بصفة مستمرة في اطار محاولاتها للتأقلم مع خسارتها.
ويشير البروفيسور شويب الى ان تلك المواقع تتيح كذلك أمراً غير مقبول في اعلانات النعي العادية وهي امكانية انتقاد خصائص معينة تحلى بها الفقيد, الا انه يشير الى انه لم يصادف مطلقاً أي أمثلة على استغلال سيىء لهذه المواقع، كأن تحمل في طياتها سخرية من الفقيد أو اساءة لسمعته, كما تتيح هذه الوسيلة الجديدة الفكاك من العلاقات الاجتماعية التي تفرض على المرء أحياناً والتي تعود الى الحياة مجدداً مع كل حالة وفاة في الأسرة.
ويقول القس هانز كريستيان فيبلر من هامبورج بألمانيا ان هذه المواقع أو المقابر الافتراضية تعمل على مستويين فيما يتعلق بمفهوم السمو الروحي, ويقول: حتى في هذه المقابر الافتراضية يشاهد المرء ما يدل على التذبذب بين فكرتي الخلود والفناء التي تهيمن على العالم الغربي بشكل واضح.
|
|
|
|
|