|
| المجتمـع
إن الأشكال والمظاهر الجيومورفولوجية التي تتظاهر في جزيرة العرب في وقتنا الحالي ما هي إلا أشكال موروثة نشأت وتطورت في ظل ظروف مناخية قديمة مغايرة عن الظروف المناخية الحالية، ومما يؤكد ويؤيد ذلك ما اشار إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، وحتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها وحتى تعود ارض العرب جنات وأنهارا رواه مسلم.
ويعلّق الأشقر 1989 على حديث الرسول: تعود جنات وأنهارا إما بسبب ما يقوم به الناس من حفر الآبار وزراعة الأرض وهذا ما هو حاصل في زماننا، وإما بسبب تغير المناخ حيث يفجر خالقها الأنهار والعيون ويكسو السهول الجرداء، وهذا هو الأظهر حيث الإشارة تحكي حال رجوع أرض العرب إلى ما كانت عليه قبل.
ويذكر الوابل 1990 بقوله: إن في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم دلالة على أن أرض العرب كانت مروجا وأنهارا وأنها ستعود مروجا وأنهارا.
ويشير الوليعي عن (1984 Anton) بقوله إن الشبكات النهرية الوجودة في جزيرة العرب ما هي إلا محصلة لظروف مناخية سادت في عصور كانت تشهد المنطقة خلالها تهطالات عظمى، وما وادي الرمة إلا أحد نماذج هذه الأنهار القديمة التي كانت تقطع الجزيرة العربية ابتداء من المدينة المنورة عند الجبل الأبيض مما يلي خيبر، ويستمر ناحية الشرق ويرفده مجموعة كبيرة من الروافد التي منها على سبيل المثال وادي سقيط ووادي الحويط ووادي الخشبي، ويقسم الودي جبال ابنات إلى قسمين ويستمر حتى مدينة الرس الواقعة على ضفته اليمنى، ويستمر حتى مدينة عنيزة الواقعة على الضفة اليمنى ومدينة بريدة الواقعة على ضفته اليسرى، ثم يغير الاتجاه قليلا إلى الشمال حيث يتكدس في المجرى رمال العيون، ويستمر فيما بين الثويرات وعرق المظهور ويتسع عند منخفض الأجردي والباطن عند مدينة حفر الباطن، ويستمر ناحية الكويت بالقرب من منطقة كاظمة عند جبل سنام (الدغيري 1418).
أما الظروف والأوضاع المناخية الحالية في القصيم السائدة فمغايرة تماما فمعدلات الحرارة مرتفعة في أشهر الصيف (أغسطس) 41 ه م ومنخفضة في أشهر الشتاء (يناير) 4,7 ه م، مع تباين واتساع المدى الحراري المطلق 41 ه م وانخفاض وتذبذب معدلات التهطال التي تشهدها المنطقة (0)ملم في أغسطس و(19)ملم في يناير، ولا يستغرب هذا التذبذب إذ أنه في عام 1342 وبالتحديد في العشر الأواخر من رمضان هطلت أمطار على القصيم (سنة الغرقة) سالت أوديتها وهجر الناس منازلهم (تاريخ ابن عبيد)، وفي عام 1376 هطلت أمطار دامت أياما عدة (سنة الهدام) تهدم على إثرها كثير من المنازل وخرج الناس إلى الأماكن المرتفعة (الكثبان الرملية) (الربدي 1413)، وفي 1418 هطلت أمطار على إثرها غرقت كثير من المنازل وهجر بعض الأحياء، وفي هذا العام 1421ه هطلت أمطار تبشر بخير وتدل على تقادم سني الخصب، فكانت بدايتها منذ السادس عشر من الشهر العاشر (أكتوبر) من نفس العام وهو ما يعرف (بالوسم) حيث كانت هذه المعدلات كافية لجريان كثير من الأودية والنواشع والشحاح فسال وادي الودي ووادي النسا ووادي الفاجرة ووادي الوسيع ووادي النقيب ووادي الطرفية ووادي الفرع ووادي وأودية صفراء الأسياح والبطين ومعظم أودية المنطقة، كما خرت الشلالات من الجالات كشلال خارة الوطاة وشلال النقيب، وامتلأت الرياض والخباري والفياض والقيعان كروضة سليمان وفيضة الوسيع وروضة طعمة وقاع البعيثة وفيضة البلادية والعزبة,,, وغيرها.
وتباين معدلات التهطال في المنطقة يفسر اختلاف وتباين الحياة النباتية من سنة لأخرى فالدلائل في هذا العام تشير إلى ازدهار النبات الطبيعي (الموسمي الدائم) خصوصا في الفترة المحصورة بين (مارس ابريل) فتظهر الطرفا Tamarix amplexicaulis والهرم Zygophyllum mandavillei والأرطى Calligonum comosum والرمث Lycium والسبط والغضى Haloxylon prsicm والسدر Ziziphus والطلح Acacia وينتشر في أراضي الفياض والرياض والخباري والحزوم الربلة Plantago albicans ونبات الحميض Rumex vesicarius وأنواع عديدة من النباتات الورقية كالبسباس Anisosciadium isosciadium والشيح Artemisia herba والذعلوق Koelpinia linearis وأنواع أخرى، ونسأل الله العلي القدير أن يجعل ما رزقنا عطا برضاء.
المراجع :
الربدي محمد عبدالله 1413ه بريدة دراسة في الخصائص الطبيعية والسكانية، دار الكتاب، الرياض, خميس، عبدالله 1414ه أودية المملكة ومنابعها واتجاهاتها وأماكن الالتقاء جامعة الملك سعود، الرياض.
الوليعي، عبدالله 1416ه جيولوجية وجيومورفولوجية المملكة العربية السعودية، بدون ناشر، الرياض.
الدغيري، أحمد 1418ه الآثار البيئية لجريان مياه الصرف الصحي حول مدن القصيم، مؤتمر البيئة والتنمية، الرياض.
أحمد بن عبدالله الدغيري جامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم قسم الجغرافيا.
|
|
|
|
|
