| مقـالات
في رمضان من كل عام تتبارى محطات التلفزيون العربية في تقديم برامج الفوازير الإبهارية الراقصة، التي تدعو إلى تغييب الوعي أكثر مما تدعو إلى تحريضه وإنعاشه، وهي فوازير، ترصد لها آلاف الدولارات إن لم نقل ملايينها، جلها يخصص لبدل الرقص التي تظهر المفاتن والمناطق الحساسة من جسد أو أجساد البطلات، وحالما ينتهي رمضان تختفي هذه الفوازير التي بدت وكأنها شيطان لصرف الصائمين عما هم فيه! وإلا فلماذا لا تكون مثل هذه الفوازير إلا في رمضان؟!
وحالما يضب أصحاب أو معدو الفوازير أوراقهم، تخرج علينا نفس الأجهزة، ببرامج المسابقات المفتوحة، وكلها برامج غدت نمطية، يكفي أن تكون لديك موسوعة أو موسوعتان لتكون ضيفاً على هذه البرامج، التي يحصد مقدموها، قبل المشتركين عشرات الفوائد المادية والاجتماعية، وكم من واحد، من مقدمي هذه البرامج استفاد أضعافاً من الهدايا التي يقدم بعضها للمشتركين في برامجه من الطلاب، وهواة الموسوعات وطالبي الشهرة عبر الشاشة الفضية، وكم من مقدم برنامج مسابقات لطخ سمعته طائعاً مختاراً باستيلائه على هدايا وخدمات من شركات ومؤسسات رغبت المساهمة في برنامجه، وبدلاً من أن يوجه جل هذه الهدايا والخدمات للمشاركين في برنامجه، وجهها لنفسه!
وفي رمضان ايضاً وتحت باب تسلية الصائم، اعتادت كافة الصحف المحلية على تقديم مسابقات ترويجية تدعمها وتساندها العديد من الشركات والمؤسسات، وبعض هذه الصحف تقدم هدايا من الوزن الثقيل، التي تدفع القارئ إلى تجنيد كافة افراد الأسرة للمشاركة في هذه المسابقات، وكم من مدخرات بسيطة استنفدتها هذه المسابقات على أمل الفوز بسيارة أو رحلة حول العالم، مع أن الذي يفوز لا يشكل 1 من 1000 إلا أن الجميع يشاركون بهمة ونشاط في هذه المسابقات التي غالباً ما تقفل أبوابها بالضبة والمفتاح مع نهاية الشهر الفضيل، فهل هذه المسابقات لتسلية الصائم أم لترويج الصحيفة أم لدفع القارئ أو المواطن والمقيم إلى القراءة والاطلاع؟ إن كانت الأخيرة، فيهمنا أن نطمئن الجميع ان لا أحد يستفيد لأن لا أحد يبحث ويطلع، فالجميع يأخذون من الجميع، بل ان بعض الصحف المنافسة تتطوع يومياً لنشر حلول المسابقات في الصحف الأخرى، ولا يبقى إلا تسلية الصائم وقد تحققت وكان المفروض أن تتحقق من غير هذا الباب حمال الأوجه والقلق والخسائر!!
إن هناك العديد من الطرق والأساليب، لتضمن الصحيفة زيادة مبيعاتها ولتضمن اقتراب القارئ منها، ليس من بينها مثل هذه المسابقات، والصحف تعرفها ونحن أيضاً، لكن الصحف تلجأ إليها عوضاً عن ان تسمح لقارئ بالمساهمة في تقديم مثل هذه الطرق والأساليب التي تساهم في الارتقاء بوعي القارئ الذي انحدرت به الفوازير والمسابقات المعلبة، التي خرجت من التلفزيون والإذاعة وبسطت ظلها في الصحف أيضاً!!
|
|
|
|
|