| مقـالات
ولأن قدر الأمة العربية العصيب أن تظل في حالة من التوتر والحذر، فعدوها الأقوى والأمكن مزروع كالفايروسات النشطة القاتلة في جمسها، يكون خاملاً عند الحاجة، ولكنه مستعد للنشاط أو التنشيط كلما وجد القطب المهيمن أن الأمة تتحرك صوب الأحسن، والأمة في ظل هذه الظروف السيئة بحاجة إلى وضع استثنائي لا يكف عن البحث الدؤوب عن الأفضل, وامتثال ما تقتضيه المفردات الثلاث التي أشرنا إليها:
العودة إلى قوة العقيدة.
العودة إلى قوة التضامن.
العودة إلى قوة السلاح.
وهذا الامتثال الحصيف يقينا الضعف المعنوي والمادي, وما لم نعد إلى الله بامتثال أمره ومناصرة دينه فإننا بحاجة إلى أن نكون مثل أعدائنا في الاعتماد على العتاد والعدة دون تأييد الله ونصره، وليس بمقدورنا ذلك، والله قد خفف عنا وعلم أن فينا ضعفاً, ومن مقتضيات العدة أن نستحضر أهمية الصراع الحضاري وخطورة الغزو والتآمر الذي يقلل من شأنهما من تصدق عليهم صفة (المواطنة الخفية) أو الطابور الخامس، إن صراعنا مع إسرائيل جزء من الصراع الحضاري، ليس إقليمياً ولا مادياً بحيث يحسم بالسلاح وحده أو بالمصالحة، والدول التي تتخذ من إسرائيل مخلب قط، وتتمترس خلفها، إنما تنفذ حرباًحضارية قائمة على أشدها، ولعل من تحرفاتها الجديدة (العولمة) التي لم يتفق على تصورها أحد، وبدل أن نعمل على مواجهتها أنهكنا أنفسنا بالجدل حول فهمها، وحين تعددت التصورات والمواقف بين رافض على الإطلاق وقابل على الإطلاق ومتحفظ أو مشترط، لم نتحاور ولم نتعاذر، بل مارسنا تصفية ذواتنا لتصب المكتسبات في أوعية الآخر.
لقد خسر الغرب حروباًعسكرية، وهو بصدد الاستغناء عنها، عبر تحرف ذكي يتمثل بحربين: حرب عسكرية بالإنابة، وحرب حضارية بالفعل والمشاركة، وكم من دولة ثالثة نهضت بتنفيذ معركة عسكرية تصب في مصلحة المحرض والمبارك والممول، وكم من مستغربين نهضوا لتسهيل الغزو الثقافي الذي ينساب كالخدر عبر أقلام مأجورة وأدمغة مغسولة وبلاغة مسلعنة، وما العقلنة المتعالية على الوحي وحداثة الانقطاع والرفع والاحتجاج والتساؤل وأدب الفجور والعامية وأنسنة الإله، وتدنيس المقدس، والنيل من الكتاب بدعوى أنه منتج حضارة وخطاباً ذكورياً والنيل من السنة بألوان التشكيك، والتطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم والقدح بعدالة الصحابة ونزاهة علماء الأمة وهز ثوابتها والعلمنة الشاملة والتغريب إلا أشكال من أشكال الحرب الحضارية التي باركها المتذيلون, وحين نستشعر هذه الأخطار وتلك التحرفات الماكرة، يجب أن تتحول القضية من إقليميتها وعربيتها إلا إسلاميتها، ومن لغة السلام إلى لغة الفكر, والأعداء الماكرون يحاولون جهدهم عزل القضية عن إسلاميتها وحصرها عربياً، ثم عزلها من عروبتها وحصرها فلسطينياً، وها نحن نقول: إذا كان أصحاب القضية يتفقون مع إسرائيل، ويلتقون مع زعمائها فمن دونهم أولى, وحين نقبل بالتفاوض الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي ونأتمر بمثل ذلك نقع في التجزيئية والعزل الذي يسعى إليهما الاستعمار.
والعودة إلى الله لا تعني العودة من (الدولة المدنية) إلى (الدولة الدينية) كما يخوفنا المرجفون, فالإسلام دين ودولة، والمدنية أصل في حضارة الإسلام، والدين نظام كوني وفطرة إنسانية، والدولة أو الحزب المتعلمنان ليسا البديل الأمثل عن الحاكمية الإسلامية، العودة تعني عالمية العلم التجريبي وأسلمة المعارف الإنسانية، والأخذ بالحل المرحلي الطويل الاجل والتحول الإنسيابي.
العودة إلى الله تعني أن يظهر الإسلام، وأن يكون الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين, أن نناصر الحق، ونحكم الشريعة، ونقمع الفاحشة ونأطر السفهاء على الحق أطراً لكي تتحقق الحرية المنضبطة والعدل السوي، وأن نتمثل الإسلام: قولاً وعملاً وحاكمية، أن نذيب الآخر فينا ولا نذوب فيه، أن نحاوره ولا ننكمش، أن نأخذ منه المعمل والمختبر والمصنع، أن نعلم مثله ظواهر الحياة الدنيا، ونزيد عليه بألا نغفل عن الآخرة، ذلك على مستوى الأمة, أما على مستوى الأفراد، فلابد أن نستقيم كما أمرنا، نصبر على الطاقة وعن المعصية وعلى الأقدار، نطيب مطعمنا ولا ننمي أجسامنا من الحرام, فمن نمَّى جسمه عليه فالنار أولى به، ومن كان مشربه حراماً ومطعمه حراماً وملبسه حراماً فأنى يستجاب له, وما من خطيب أو ناصح أو قانت إلا ويرفع يديه إلى السماء في الغدو والآصال، والعامة والخاصة من ورائه ترفع الأيدي إلى السماء، تؤمن على دعائه، وتناشد الله النصر، ثم لا تكون إجابة، وكلما ضجت الحناجر بالدعاء، ضجت مدافع العدو بالهدير، ودوت قنابله بالتفجير، وأزت طائراته بالتدمير، وانطلقت صواريخه تقصف المدن والمصانع، تزهق الأرواح، وتقضي على الأمن والأنفس والأموال والثمرات، حتى لقد ساور الشك الناشئة البريئة من جدوى الدعاء، وما منع القطر، وما حجبت الإجابة إلا بما كسبت أيدي الناس من الإثم، ويعفو عن كثير، والرسول صلى الله عليه وسلم يستبعد استجابة ربه لمن نبت جسمه على السحت حيث قال: فأنى يستجاب له والله يقول: ادعوني أستجب لكم ويقول :,,قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان والسؤال الصحيح: أين نحن من الله؟ والسؤال المتداول: أين الله عنا؟ والله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون, فأين التقوى وأين الإحسان في مشاهد فكرية وأدبية وسياسية تجتر الحداثة الفكرية والفلسفة الوضعية والسياسة العلمانية؟ وحين لا تفتح لنا أبواب السماء، ولا نملك القوة المتكافئة مع عدونا، فكيف نرجو النصر؟ والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
إننا بحاجة إلى أن نحدد هويتنا ومسارنا، ونصحح علاقتنا مع من نطلب منه التأييد والنصر، فإما أن نكون مثل عدونا نعتمد كلية على الأسباب المادية وحدها، وهي التي انتصر بها أعداؤنا, وإما أن نكون مسلمين حقا ننصر الله لينصرنا، ويثبت أقدامنا، ويستجيب دعاءنا، ويهيئ لنا فعل الأسباب المادية، ولا يكلنا عليها, والله يقول: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة , ولو كنا مسلمين حقاً لحققنا مراد الله في الاستخلاف والاستعمار، وإذا أراد الله نصر عباده هيأ لهم الأسباب، وهداهم إلى أقوم الطرق، ومكنهم من إعداد القوة: المادية والمعنوية، ووفقهم للفعل دون الانفعال، وأنزل السكينة على قلوبهم، وأنزل الرعب والخوف في قلوب الأعداء، وجعل تدميرهم من تدبيرهم, أفلا نتذكر على سبيل المثال اصطدام طائرتي (هيلوكبتر) إسرائيليتين وموت من فيهما، وحادثة (المارينز) في لبنان, والغواصة الروسية، أليس هذا من التدمير في التدبير، وهو فعل ليس لنا يد في شيء منه, ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتجه إلى (العريش) الذي نصب عليه في (غزوة بدر) الكبرى للدعاء، إلا بعد أن اتخذ كل الأسباب المادية، وهيأ المجاهدين لمواجهة عدوهم، هنالك رفع يديه، وبدأ يناشد الله النصر، وجاء الإمداد الرباني.
والأمة الإسلامية اليوم تقطعت بها الأسباب، وأصبح خطابها وفعلها وتقديرها وتدبيرها ماديا صرفا، وحين تبلغ القلوب الحناجر يظنون بالله الظنون.
فأينهم منه في الرخاء ليكون معهم في الشدة؟
إن شرط المعية الصحيحة أن تعمل الأسباب المادية، وأن تصل حبالك بالسماء، وبقدر حاجتك إلى امتثال أمر الله فأنت بحاجة إلى العلم والصناعة والقوة بمختلف أنواعها، وبحاجة ماسة إلى مؤسسات سياسية بعيدة النظر عميقة الرؤية، تصنع القرار بعيداً عن الاهتياج العاطفي والإرضاء الغوغائي، فالشارع العربي يدعم المؤسسة، ولكنه لا يصنع قرارها، غير أنه باهتياجه الأعزل يكرس العالة والاستكبار، ويمكن من المزايدات الرخيصة كانسحاب الوفد من القمة، أو عدم استقبال طائرة مخترقة للحظر لأن لذويها علاقة مع العدو، أو حرق صورة لزعيم أو علم لدولة، أو دعوة لدولة، أو دعوة إلى الحرب وفتح الحدود مع العدو وتدفق مئات الآلاف من المتطوعين أمام عدسات التصوير ثم لا يكون شيء بعد ذلك، بل ربما يكون التآمر وتكون العمالة لإجهاض أي فعل عاقل يمارسه الذين يمقتون المزايدات, ثم إن قرار المواجهة على أي شكل يحتاج إلى قوى متعددة: قوة في الذات تهيئ الأجواء، وقوة في الأشياء: قوة عسكرية ترهب وقوة اقتصادية تغني وتنقي، وقوة إيمانية، وقوة اعتصام بحبل الله، ولا يجوز أن نقع تحت تأثير الدروشة، والخطابات العاطفية ضرب من الدروشة الصوفية، كما أن ضرب الأمثال مع الفارق تغرير متعمد، فالأسباب مطلوبة والإسلام دين العقل والتفكير، والسنن الكونية لا يمكن أن تتبدل ولا أن تتحول، والله ندب إلى إعداد القوة: قوة السلاح وقوة العلم وقوة الاقتصاد وقوة الفكر: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، ثم أردف ومن رباط الخيل ولكن كيف لنا أن نعدها، ونحن لم نحدد هويتنا بعد؟ وكيف نحددها ونحن نتصور أن الإشكالية في الإسلام؟ وكيف لا تنتصر العلمانية، وهي تحترم العلم، وتأخذ بالأسباب، فيما يعيش أكثر الناس أجواء خرافية؟
لقد انتصرت العلمانية لأننا واجهناها باسم القيم المادية والمعنوية المغيبة فصرنا كمهاجر (أم قيس), إن القتال من أجل الحمية، أو من أجل التراب، أو من أجل أي عرض زائل لا يوفر الشجاعة ولا الإصرار, والمقاتل حين لا يطلب الموت أو حين تحول بينه وبين لقاء ربه تمرات لا يكون مقاتلاً يراهن على النصر أو الشهادة، إن قتاله قتال جاهلي، ولا يوازي النفس إلا الإيمان، وليس هناك أضعف من أمة بلا عقيدة، وليس هناك أضعف من مقاتل عيونه على الغنائم المادية، إن كسبها لا يتم إلا مع الحياة، وكسب الدار الآخرة لا يتم إلا مع الموت، وهنا مكمن البطولة والشجاعة, وحين تسمو أهدافنا وتشرف غاياتنا لا بد أن تتعاضد مصالحنا ولا نتصادم, وأن يكون هناك مصلحة عربية عليا لا يرقى إليها الخلاف، ولا يصل إليها التنازع, خطوط حمراء تقف دونها كل الخلافات, لا يلجأ العربي إلى السلاح عند خلافه مع أخيه، ولا يصل الاختلاف إلى كيل الشتائم والاتهامات وخلق الشائعات وترويجها، وزرع القنوات وجلب شذاذ الآفاق للنيل من الأخ والجار والعمق الجغرافي والبشري والديني, وكيف يتأتى لنا النصر والضعيف منا يخاف من جاره القوي، والقليل العدد يخاف من أخيه الأكثر، والمحتشم يقلقه البذيء ومشاكلنا الحدودية والطائفية والفكرية والاجتماعية على قدم وساق، والحروب الإعلامية على أشدها، والرأي العام مستعد للانفجار ضد أي جار له بمجرد الخداع الإعلامي، وهل أحد يستطيع أن ينتزع من النفوس ما خلفته حرب الخليج الثانية, إن المكاشفة والبدء من درجة الصفر هو الحل الأمثل لقضايا الأمة.
لقد زرع الخوف والشك في أعماقنا، وأصبح العربي بحاجة إلى من يحميه ويقوي جانبه من غير أهله وعشيرته، تلك حقيقة مرة، يجب أن نعيها، وأن نعترف بها، ألسنا نمارس ضد بعضنا مختلف الحروب الإعلامية والعسكرية، ونقول لماذا لا ننتصر على إسرائيل، دعونا نواجه أنفسنا وواقعنا العربي بكل مفرداته:
الاقتصادية والعسكرية والإعلامية, فنحن أخطر على أنفسنا من إسرائيل، إن من بيننا من هو أسوأ من إسرائيل، بل بيننا من هو أشد بأسا وتنكيلاً من إسرائيل على شعبه.
ولابد والحالة تلك من أن نرتد إلى الداخل لنطهر أرضنا من كل الأوضاع، ونزكي أنفسنا من كل الأدناس، ونصفي بيوتنا من كل الشوائب, ننزع الشك ونقضي على الريبة, نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، نصنع الإنسان نزرع فيه الثقة والحرية، نمكنه من حقوقه نربطه بأرضه وبأسرته، نغري المهاجر بالعودة إلى ترابه الذي خلق منه، وتغذى من نباته، وشرب من مائه، واستنشق هواءه، ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عاد إلى مكة منتصراً على الذين أخرجوه منها, الفطرة واحدة، والعاطفة واحدة، وكل مواطن شرد من أرضه سيقول عند العودة إليها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عاد إلى مكة، دعونا نغري الطيور المهاجرة لتعود أسراباً إلى دوحها التي أحلت للطير من كل جنس، وماذا لو عاد المواطن الكفء بعلمه وفكره ومهارته وماله آمنا مطمئناً موظفاً كل إمكانياته لخدمة قومه الذين حرموا منه وحرم منهم بسبب التسلط والاستعباد, المتعذب لا يملك إلا أن يقول: علي وعلى أعدائي وما العدو إلا من حرمك لذة النوم في بيتك ولذة الأمن في أهلك ولذة العيش الهنيء في بلدك الذي ولدت فيه، العدو هو الذي دمر بلدك، وأفسد اقتصادك، ولوث أجواءك وزرع فيك الشك والخوف، وإن كان من بني جلدتك, إسرائيل عدو ومغتصب متسلط، يختلف معنا، ديناً وحضارة، وليس بمستغرب أن ينال أحدنا الذل والهوان من مثلها، ولكن المؤلم أن يمس أحدنا الذل والحزن والهوان من الأقربين, ثم يكون أقرب إلى قلوب الجماهير بسبب التغرير الإعلامي.
لقد كانت نكسة (حزيران) ضربة عسكرية موجعة, وكانت حرب الخليج الثانية ضربة مؤلمة للتضامن العربي، قضت على الثقة، وشردت الآلاف وشرعت للوجود الأجنبي ومنحته حق التدخل العسكري لتأديب الخارجين، والأخطر أن يظل الشارع العربي منشقاً على نفسه إزاء القضايا المصيرية, إننا بحاجة ماسة وفورية إلى مواجهة واقعنا لكل ما فيه من بشاعة، وإن لم نفعل فسنبقى كما كنا ننام على الأشلاء والدماء ونقيم على الضيم والخسف.
إن مواجهة الذات أهم من مواجهة العدو، والانتفاضة التي حولت الأنظار ونبهت إلى معرة الهرولة باهظة التكاليف على المقاومين العزل، وأحسبها قليلة العوائد حين تجهض دون ثمن، يجب ألا نعيش حالة من الانفعال دون الفعل، علينا أن نواجه قدرنا بكل ثقة ونباشر التغيير الجذري الباهظ التكاليف، فالواقع العربي لا يمكن أن تحل مشاكله الانتفاضة ولا الحجارة، وإن كان في بعض ذلك تنبيه للمهرولين وتذكير للغافلين, والقضية الأعقد والأخطر في التاريخ الإنساني لا يمكن أن تصفيها حالات الغضب وهتافات الاهتياج, لابد من تفكير جاد وتخطيط سليم ومواجهة صادقة وفعل عقلي لانفعال عاطفي، ولسنا بعد اليوم بحاجة إلى تخدير أو استهلاك إعلامي, دعونا نبسط أرديتنا نقبل أطفال الحجارة وانتفاضة الأقصى والدعم المادي والمعنوي والتفاوض المتكافئ وسلام الشجعان, وننفي عن أرديتنا التطبيع والهرولة والمزايدة وسرق الأضواء إعلامياً وتبادل الاتهامات.
وعلينا قبل هذا كله وبعد هذا كله أن نقرأ الواقع العربي والعالمي، وأ ن نعرف ما بينهما من تداخل وتفاعل، وأن ندخل السياق بخطاب يعي موقعه وواقعه فعالم اليوم يختلف عن عالم الأمس: الخروج من لهجة الحرب إلى لغة السلام واقع، نتائج حربي الخليج واقع، وسقوط الاتحاد السوفيتي واقع، النظام العالمي الجديد واقع، المعادلة الاقتصادية واقع، الثورة الإعلامية والمعلوماتية واقع، العولمة واقع.
أشياء كثيرة صنعت واقعاً جديداً وكل ذلك يتطلب لغة جديدة، ولكن الناس هم الناس وخطابهم هو الخطاب, لابد من إعادة النظر، لم يعد العرب قرية صغيرة مغلقة بل العالم كله تحول إلى قرية متفاعلة, القنوات مراكز المعلومات المستعملات من الطائرة إلى سكين المطبخ يشابه بعضها بعضا, الخلطة لها خطابها والعزلة لها خطابها، والامتحان الأقصى الذي يواجه الإنسان هو زمن القبض على الجمر، نحن نعيش لحظات الامتحان القاسي، ومع ذلك نتصور أن بإمكاننا أن نخطط بمعزل عن الآخر، ونتصرف بمعزل عن الآخر، ونأكل بمعزل عن الآخر، وننام بمعزل عن الآخر.
الأمة العربية تتصور أن إشكالياتها واحدة هي إسرائيل، وفاتها أن وعيها المعكوس للاشياء هو الإشكالية الأهم، دعونا نفكر جيداً في واقع الأمة الإسلامية والعربية, والواقع العربي المأزوم غير قادر على الشرعنة والحلول الاستراتيجية نحن بحاجة إلى استراتيجيات عربية وتكتيك عالمي.
|
|
|
|
|